عندما تنحر كرامة المسيحيين في اروقة مكتب وزير الثقافة ويضطهدون في باقي مؤسسات الدولة

د. إبتهال خاجيك تكلان

للمسيحيين تاريخ حضاري عميق ومنظومة قيمية داخل المجتمع العراقي الذي يزخر برموز لعطائها أثر طيب في الذاكرة الجمعية لبلاد الرافدين.

لكن.. الاضطهاد والاقصاء والتنكيل الذي يلاقيه هذا المكون الوطني الأصيل، دعا المسيحيين الى الهجرة، تاركين ارض الاجداد، يشكون الأمرّين.. أما أن يتقبلوا التهميش وهم متن فاعل في بنية العراق، او يعيشون من دون إنتماء في أرض ليست وطنا لهم، فهم في الحقيقة أبناء أرض لفظتهم من شدة الاضطهاد.

المسيحيون يعيشون في وطنهم من دون كرامة.. اي في غربة معنوية برغم الجنسية… بالمقابل يعيشون في بلدان الغربة، مواطنون من الدرجة الثانية.

عانى الشعب المسيحي.. باطيافه كافة.. من ظلم وسلب حقوق، من دون رادع ولا قانون يكفل حريتهم في المكان.

ربما حال المسيحيين الآن في العراق،  يطاله انوع من تنكيل لكونهم ذوي تاريخ وتراث وقيم، أسهمت بتشييد حضارة ما زالت آثارها شاخصة على قدر خيط الزمان المتصل من الماضي الى المستقبل.

المسيحيون أصحاب هذه الارض.. إستحدثوا على أديمها مبادئ العدالة والانسانية.. دينهم محبة وسلام.
قدم الشعب المسيحي تضحيات خدمت العراق الحبيب، لكن غيبت قيادته وهمشت كنائسه.. ممتهنة القدسية.. ولا صوت لهم في رحاب وطن جذورهم رساخة تحت ثراه، لكنهم اصبحوا لقمة سائغة…

السؤال اليوم.. الا يكفي اقصاء وتهميش وإستلاب لحقوقهم ومصادرة لكفاءة الرموز المسيحية التي تعمل في مؤسسات الدولة خدمة.. نزيهة.. للمصلحة العامة في بلد نأمل ان تنتشر المساواة فيه.

طموحنا العدل اساس الحكم بين مكونات الشعب العراقي، فما فائدة منح المسيحيين مناصب يصلبون عليها.. و بعد الصلب اليومي للمسيحيين في مناصبهم؛ وذلك لانهم لا يسرقون ولا يخونون ولا يتجاوزون على المال العام.. شعب لم تلطخ يده بشوائب الفساد المالي والاخلاقي يكفيكم اليوم شعارات وعبارات رنانة فارغة المحتوى؛ دعما غير جدي للمكون المسيحي، ونحن نشهد اشرس حملة للتنكيل بالمسيحيين وإضطهادهم.
يجب ألا يغيب عن البال أن على المسيحيين واجبات يلتزمون أداءها، ولهم حقوق ينبغي إستيفاءها.. لكن اين هي تلك الحقوق وأبلغها حق الكرامة والمواطنة المحترمة والعيش الامن.. لنا طقوس مطلقة يجب ان تأخذ مداها الأبدي.. منزلة من السماء لتتجلى منظومة حياة وعبادة ووجدان على الأرض.
فمن لا يسمح للمسيحيين بأداء تلك المنظومة الإلهية؛ فليمنحهم تأشيرة مغادرة تشمل الأرض والتاريخ وأواصر العلاقات والموجودات الشاخصة، بعد منحهم تسهيلات لتصفية ممتلاكاتهم آخذين آخر متعلاقاتهم مغادرين بسلام ليبصموا على ذاكرة التاريخ عبارة مفادها: “كان هنا.. في ارض الرافدين مكون اصيل اسمه المسيحيون”.

لا يتوفر وصف.

شاهد أيضاً

العراق وطن القلوب والحضارة

اللواء الدكتورسعد معن الموسوي أنا دائمًا ما أبتعد عن الحديث في السياسة وعراكها، لكن عندما …

error: Content is protected !!