عباس البخاتي
من النادر أن نجد اجماعا على حدث معين يلازم قضية ما, وتكاد تكون وصفا له نتيجة عوامل عدة تحيط بظروف العمل عليه, أو ربما تكون قيودا تكتنف العاملين به.
الإنتخابات القادمة أمر حظي باتفاق المقاطعين والداعمين والمشاركين، بل حتى من لا إهتمام لهم بهذا الشأن _ خصوصا في جزئية خطورة المرحلة التي تعقب إعلان النتائج_ وحساسية الظرف الذي مر به العراق بعد انتخابات 2018 وما رافقها.
كثير من عوامل الدعم لا وجود لها قبيل وبعد تلك الممارسة، ولا يمكن مقارنتها بسابقاتها بأي حال من الأحوال، خصوصا تلك التي جرت عام 2005 والتي تعتبر الممارسة الديمقراطية الأولى بعد زوال آخر الجمهوريات الإنقلابية.
في عام 2005 كان المزاج الشعبي العام خصوصا في مناطق الوسط والجنوب, يسوده القلق من المصير المجهول في ظل الوجود الأمريكي، لذا كان يرى في المشاركة الواسعة, وسيلة سلمية فعالة عسى أن تكون أحد الأدوات, التي يمكن الضغط من خلالها على قوات الاحتلال للإسراع بالمغادرة, أو في الأقل فتح قنوات الحوار معهم, لإبعاد خطر تواجد تلك القوات عن المدن والإحياء السكنية.
يضاف لما سبق أن نظرة الشارع للقوى السياسية, كانت تتسم بشيء من التفاؤل والثقة, إذ كان البعض يرى في المسميات القادمة من “المجهول” بمثابة المنقذ من الضياع الثقافي والفكري, بعد عقود من حكم البعث.. والمخلص من أطماع القوى الكبرى التي هيمنت على مقدرات العراق بقوة السلاح!
“أما القوى القادمة من المعلوم فتلك لها رصيدها الجماهيري حتى بعد تلكؤ الأداء السياسي وإخفاقها في توفير ما للمواطن من حقوق”.
دعم المرجعية وتوجيهها للمشاركة الفاعلة في إنتخابات 2005، من الأمور التي لا يمكن تجاهلها, كونها رأت في تلك الممارسة آنذاك تأسيسا لعرف “يؤصل” لولاية الأمة على نفسها ورفضها للوصاية من أي طرف خارجي، حيث كان ” حسن الظن بالقوى السياسية” المتصدية في حينها سمة متفق عليها, من قبل عديد من شرائح المجتمع ونخبه الثقافية والدينية.
التخندق الطائفي هو الآخر, دفع بأغلب المسميات أن تستشعر الخطر الذي يهدد وجودها فعمدت إلى التمترس خلف المسمى الطائفي والمذهبي والقومي.
تلك العوامل والظروف التي كانت متحكمة بمزاج الناخب, ما عادت اليوم موجودة في ذهنية الفرد العراقي, الذي فقد الثقة بالطبقة السياسية.. فما عاد حسن الظن يجدي نفعاً, بعد تجربة سنوات من الفشل والإحباط، كذلك تبني المرجعية عملية غلق الأبواب بوجه الطبقة السياسية, لإزالة الفهم الخاطئ الذي يربط تلك القوى بمرجعية النجف الأشرف، إذ يمكن القول أنها أسست بتلك الخطوة على فك إرتباط الجهات السياسية بها وإيكال الأمر للقواعد الجماهيرية في مسألة منح الثقة لها من عدمه.
بناء على ما تقدم يمكن القول أن إنتخابات 2005 تعد بمثابة مرحلة تأسيسية, ليكون الخيار للشعب في تحديد مصيره, وإثبات وجوده في خضم تقاطعات إقليمية ودولية، فهل ستكون المشاركة الواسعة في إنتخابات 2021 جزء من ثقافة تم التهيئة لها على مدى عقدين من الزمن, لتكون الأجيال على معرفة تامة, بحجم التحدي والانتصار على الإحباط, بشيء من التفاؤل الذي يكون حسن الإختيار, أولى خطواته بإتجاه تعزيز الثقة بالنفس؟