لم تتمكن “ابتسام” من العودة إلى منزل أهلها في بغداد بعد خروجها من مركز الشرطة المجتمعية في العاصمة في مارس الماضي، فهي وعلى الرغم من “انتهاء مشكلتها” لا تزال تواجه تهديدا معلقا قد يصل إلى القتل، بعد أن تعرضت للابتزاز طوال ثلاثة أشهر من شخص حصل على صور خاصة لها.
وتقول ابتسام، إن الشخص المذكور حصل على صورها لأنه أقنعها بإرسالها إليه بعد دخولهما بعلاقة عاطفية، مضيفة أنه “حاول الحصول على أموال منها مقابل عدم نشر الصور”.
وبالإضافة إلى الأثر النفسي المدمر، تعاني “ابتسام”، وهو اسم مستعار، من آثار نبذ عائلتها لها، فقد أبلغهم مسؤول الشرطة المجتمعية بأن كومبيوتر ابنتهم “تعرض للاختراق، وتسربت منه صور حساسة”، لكن هذا لم يكن كافيا لإقناعهم بمسامحتها.
وتقول “ابتسام” إنها مهددة بـ “القتل” في حال عادت إلى المنزل، وهي تعيش حاليا في منزل آمن لضحايا العنف المنزلي، فيما تواصل دراستها عن بعد عبر الإنترنت.
وفيما تسير قصة “ابتسام” نحو حل، مع تدخل جهات عائلية توسطت للتقريب بينها وبين عائلتها، تقول الشرطة المجتمعية إن “عدد القضايا هائل”.
والاثنين، أعلنت وزارة الداخلية اعتقال “رجل وزوجته” من الأنبار يقومان بإدارة عمليات ابتزاز.
وقال بيان الداخلية إن “الشرطة المجتمعية تمكنت من إيقاف عملية ابتزاز إلكتروني مارسها زوج وزوجته من محافظة الأنبار، ضد فتاة من العاصمة بغداد، حيث تم استدراجها من قبلهما، وهدداها بنشر محتوى صورها الفاضح على مواقع التواصل الاجتماعي مقابل مبالغ مالية والخضوع لرغباتهما الدنيئة”.
الرجال عرضة للابتزاز أيضا
وليست النساء فقط من يتعرضن إلى الابتزاز، وإنما الرجال أيضا، كما يقول “ن.أ” وهو رجل أعمال تعرض لواقعة مشابهة.
وعلى عكس حالة “ابتسام”، لم يذهب “ن.أ” إلى الشرطة للشكوى، وإنما قام بدفع مبلغ قال إنه وصل إلى “2000 دولار”، للمبتزين.
ويقول “ن.أ” إن الابتزاز لم يتوقف إلا بعد أن توصل “من خلال علاقاته” إلى عنوان المبتزين وقام بمواجهتهم وإجبارهم على حذف الملفات التي هددوه بها.
وتعلن وزارة الداخلية العراقية بشكل متكرر عن حوادث مماثلة، يطالب المبتزون من خلالها بمبالغ مالية يدفعها الضحايا تجنبا للفضيحة، أو يطالبونهم بالقيام بممارسات شائنة.
وقال مصدر في الشرطة المجتمعية، إن “جرائم الابتزاز تسجل بصورة يومية”، لكنه أثنى “على الزيادة في توجه الضحايا إلى مراكز الشرطة لتقديم شكاوى”.
وقال المصدر، إن “أحد المبتزين قام باستهداف أكثر من 250 فتاة”، قام باختراق أجهزة هواتفهن من خلال شبكة ابتزاز يديرها من خارج العراق.
وبحسب المصدر فإن المتهم، وهو عراقي، اعتقل من قبل جهاز المخابرات العراقي الذي توصل لمعرفة مكانه.
ويقول المصدر إن هذه الشبكات “أصبحت شائعة.. مدفوعة بالمبالغ الكبيرة أحيانا التي يدفعها الضحايا”.
وتسجل وزارة الداخلية العراقية مئات شكاوى الابتزاز كل عام، لكن “عددا محدودا منها يصل إلى حل، بحسب المصدر الذي يضيف أن المجرمين “يطورون آلياتهم باستمرار”.
والعام الماضي، سجلت عدة حالات انتحار لفتيات في مناطق مختلفة من العراق، بضمنها إقليم كردستان، بسبب تعرضهن إلى الابتزاز.
ويقول المتخصص بعلوم الاجتماع، محمد الباسم، إن “الابتزاز يشكل ضغطا هائلا على الضحية، خاصة إذا كانت امرأة في مجتمع محافظ”، مضيفا “أحيانا تكون الوصمة الاجتماعية أو خيبة أمل الأهل أو حتى رد فعلهم العنيف أكثر رعبا من فكرة الموت انتحارا”.
ويدعو الباسم لتوفير “منازل آمنة” للفتيات المعنفات أو ضحايا الابتزاز، وتوفير الحماية لهن مؤكدا “في حال تمت حمايتهن من العقوبة الاجتماعية، لن يستطيع المبتز إخضاعها بالتهديد”.