دنيا علي الحسني
الصين اليوم تعمل على أعادة أمجادها عن طريق محاولة أحياء مفكريها وقادتها. ومن أجل تغيير صورتها في نظر العالم وأهم الشخصيات الصينية على الاطلاق، والتي تسعى الصين لعرضها وهو كونفوشيوس. فإذا أردنا فهم عقلية الصين بشكل خاص والشرق الاقصى بشكل عام. علينا أن نفهم الكونفوشيوسية، عبر التاريخ. كان ينظر الى كونفوشيوس على أنه معلم وفيلسوف وباحث اجتماعي ومصلح. وأحيانا يوضع في مرتبة الانبياء فإذا كان هناك شخص واحد حدد للصين هويتها فأنه كونفوشيوس.لم يعد خفيا على أحد أن الصين تحاول اليوم أن تسلب السيادة من الغرب. والسبيل لتحقيق ذلك هو ليس فقط في مجال التكنلوجيا والاقتصاد، بل على العمل على جميع الأصعدة. لكن أهم تحدي تواجهه القيادة اليوم. هو في تحفيز الشعب الصيني أولاً للعمل على تحقيق هذه الهدف، وعن طريق أحياء الكونفوشيوسية. التي تعتبر هوية الصين وأحد أهم انتاجاتها الفكرية، تحاول بطريقة أو بأخرى نشرها إلى العالم، على أنها ليست فقط مصدرا يبعث على الفخر واشارة الى عمق تاريخها. بل تريد استعمال هذه الفلسفة أيضاً كأداة لإصلاح الدمار الذي تزعمه قد لحق بالعالم. بسبب الرأس مالية الغربية والامبريالية. لكن من هو كونفوشيوس وماذا كانت فلسفته؟.
” لمحة عن حياة كونفوشيوس”
لا يعرف الكثير عن شخص كونفوشيوس، لأنه عاش في القرن السادس قبل الميلاد. في تلك الفترة كانت الصين دويلات متفرقة وكانت دائما في حروب وصراعات مستمرة فيما بينها حتى أن أسمه الحقيقي أصبح طي النسيان. وهو يعرف بالمعلم (كونغ ). وهو أسم العائلة وهذه الكنية حورت لاحقا إلى اللاتينية ليعرفه العالم بتسمية كونفوشيوس لكن برغم من قلة المعلومات عن حياته الشخصية. الا أن ما يعرف عنه أنه ولد لعائلة نبيلة لكن فقيرة. وعلى الرغم من اضطراره إلى العمل منذ الصغر إلا إن نسب عائلته أمن له مستوى جيدا من التعليم . حيث أن هذا المزيج الفقر والتعليم أعطى له تصور واضحا لصعوبة الحياة. بالنسبة للعامة ومدى التعاسة المستوى الذي يعيش فيه أقرانه. دون أن يدركوا ذلك بسبب ضعف ثقافتهم، وكذلك فهم في مرحلة مبكرة من حياته، كيف أن السياسيون الفاسدين كان لهم الدور الكبير فيما وصلت إليه البلاد من خراب. أدرك أن مجمل المشاكل التي حصلت هي تراكم للعديد من حالات أهمال الواجب والتقاعس عن العمل، بمعنى آخر الفساد الذي أصاب الصعيد الاداري والاجتماعي والعائلي.
لذلك حاول تذكير مجتمعه بالأخلاقيات الاساسية التي تبنى عليها أي حضارة. شغل منصب مستشار لعدة مسؤولين لكنه قله ما سمع كلامه، أما لكونه يقول ما لا يفهمه الأخرون أو أن اقتراحاته كانت غير عملية في نظر المسؤولين، طموحه الأكبر كان أن يشغل منصب رفيعا. لكي يطبق فلسفته لكن هذا الحلم لم يتحقق. عند وفاته كان يحتقر نفسه لأنه فشل في مسعاه، لكن فشله في السياسة دفعة لينجح في التعليم حيث تمكن من إيصال أفكاره لتلاميذه والتي ميزته عن باقي المدارس الفكرية. وكون الكونفوشيوسية اليوم معروفة للجميع فهذا معناه أنه نجح في مجال التعليم. ولكن الصعوبة التي تواجه الباحثين عن شخصيةالكونفوشيوس هي أن الفترة التي عاش فيها كانت مليئة بالصراعات والتقلبات السياسية. حينها لم يكن هناك بلد أسمه الصين. بل كانت تلك الأرض مقسمة الى عدة أمارات أو دويلات صغيرة كل منها تحكمها سلالة معينة وكما هي العادة مثل هكذا ظروف، هناك تحالفات وعداوات بين هذه الدويلات وبعد انهيار دولة امبراطورية (شو) “770”(Zhou)ق.م، وتمزقها الى دويلات صغير كانت هناك ما يزيد عن أربعة قرون من الحروب المستمرة بينها، والتي سميت من قبل المؤرخين بحقبة الربيع والخريف. كانت لكل دولة تنظيماتها الادارية الخاصة، وكذلك تبنت كل منها فلسفة خاصة. لتميز نفسها عن الأخرى ولذلك هناك تسميه أخرى لهذه الحقبة حصر المدارس الفكرية (المئة). وهذه المدارس الفكرية تتراوح بتعاليمها بين العملية المتركزة على تطبيق القوانين الوضعية الصارمة.
وبين الروحانية مثل الطاوية، فلسفة كونفوشيوس تعتبر وسطية معتدلة مقارنة بالمدارس الفكرية الأخرى. فهي تبحث في المجال الفردي والاجتماعي مثل أي مفكر آخر كونفوشيوس كان يبحث في مشاكل زمانه. وأراد بشكل أو بأخر ايجاد الحل للمصائب التي حلت في بلاده. بسبب صراعات الممالك الصغيرة. عاش في إمارة ( لو) وتحكي المصادر أن الدولة الجارة (كي) أرسلت الى الامير (لو) هدية مكونه من مئتين من أجود أنواع الجياد. وكذلك مئتين جارية جميلة، أنشغل الأمير ( لو) في هذه الهدايا كثيرا لدرجة أهمل واجبه كحاكم. وهذا ما أزعجك كونفوشيوس كثيرا. لم تنفع نصائحه مع الامير، لذلك قرر ترك أمارة ( لو) والسفر في العديد من بلدان الشرق الأقصى. لعله من يجد من يستمع إليه حول الاخلاق والفضيلة ويأخذ بنصائحه، ولكن كل الأمراء الذين التقى بهم لم يلقي له أحد بال. وبعد 13 سنة من الترحال عاد الى مسقط رأسه، وقرر أن يكرس وقته في تعليم الأخرين. عسى أن يأتي من بعده من يحول حال البلاد الى افضل. أرث كونفوشيوس أستمر من خلال تناقل هذه التعاليم عبر الاجيال، ومن خلال خيرة المفكرين الذين تعاقبوا بعده. وكل الذي نعرفه عنه جاء من تلامذته (72) والمئات من اللاحقين الذين تعاقبوا عبر الاجيال. وسيرته وكل حكمه جمعت في كتاب أسمه كتاب التعاليم لكونفوشيوس، ومن طبيعي أن يكون هناك جدل كبير حول فيما كان كل ما مكتوب عن المعلم نفسه. دون أضافة أو تحريف عبر القرون، لكن مع ذلك نستطيع أن نستخلص من كتاب التعاليم أن محور تفكيره. كان يدور حول نقطتين ما الذي يجعل الانسان صالحا؟. وما الذي يجعل النظام الحكم عادلا؟. حيث أعتقد كونفوشيوس أنه ليس بالضرورة على الجميع أن يكونوا فلاسفة وحكماء ولكن يكفي أن يقوم كل فرد ما وكل إليه بالمسؤولية، لكي يعم الاستقرار والرخاء في أي دولة أو مجتمع.
وقد أولى الكثير من الاهتمام الى الطقوس الاجتماعية والترابط العائلي، والذي يستلزم على جميع الأفراد الاحترام والطاعة لولي الأمر. لأن المجتمع أو الحكومة هي بمثابة عائلة كبيرة. وما يتوجب تطبيقه في نطاق العائلة الحقيقي، يجب أن يطبق أيضا في نطاق المجتمعي الاكبر. فعندما سأل كونفوشيوس عن كيفية ادارة النظام. أجاب دع الحاكم يكون حاكما، ودع الوزير يكون وزيرا، ودع الأب يكون أبا ودع الابن يكون أبنا. بالطبع اذا أخذنا هذا الكلام على ما هو، فسنجد فيه كثيرا من التفاؤل والمثاليات التي قد تبدو بعيدة عن الواقع العملي. الا أن كونفوشيوس حذر من أن النظام الذي يطبق القانون بقوة دون أن يتوافق هذا القانون مع طبائع وأخلاق تلك الأمة. أو أنه لم يأتي من رغبة الشعب، وتطلعاته فإنما مصير هذا النظام هو سقوط سريعا لأنه يتعارض مع شخصية ذلك الشعب من ناحية أخرى الحكومة التي تلتزم بواجباتها وتحافظ على فضيلة وأخلاق تلك الأمة، فهي تعتبر حكومة شرعية تباركها السماء. ويكون لزاما على الرعية أتباع هذا النظام وهذه فقرة مهمة يجب أن ننتبه عليها.
“فلسفة كونفوشيوس”يعتبر كونفوشيوس أحد أهم الفلاسفة على الاطلاق وما زالت لتعاليمه تأثيرا كبيرا على المجتمعات الشرقية وخصوصا الصين. لم يأتي بشيء جديد ولم يزعم أنه صاحب حركة فكرية جديدة نشبهه بالسقراط، بأنه حاول تذكير قومه بالأخلاق التي بنيت عليها الحضارات كالفضيلة وتحمل المسؤولية. لكن بينما كان سقراط يحث الفرد على التذكير. كونفوشيوس كانت لديه حلول ووضع طريقة لتنظيم الفرد والمجتمع والحكم. أساس فلسفته وهي الطيبة في الانسان وميله لعمل الخير، وهناك مبدآن أساسيان تبنى عليها كل الأفكار والقوانين والتشريعات.
أولا: نظام الحكم أساسه رعاية مصالح الشعب والرعية وليس العكس.
ثانيا: المنصب يجب أن تعطى للجنتسه المطلع على مجال(التاو). والجنتسه يترجم من الصينية الشخص المحترم. هوالأنسان المثقف والواعي الذي عليه أن يتعلم ويبدع في ستة مجالات.الرماية / الفروسية / الموسيقى / الأدب / الرياضيات / التاريخ / وعلى عكس المتعارف عليه في ذلك الوقت. فأن كونفوشيوس قال أن الجنتسه يمكن أن يكون من العامة وليس بالضرورة أن يحصر في طبقة النبلاء. على أننا يجب أن نعلم أن كلمة (تاو) بالنسبة لكونفوشيوس، لا تحمل نفس المعنى الذي في طاوية. حيث أن اقرب ترجمة لهذه الكلمة هي (الطريقة).
وتحمل لدى كونفوشيوس معاني الفضيلة والصدق والإحسان، لذلك (تاو) أمور متأصلة في طبيعة الأنسان وفي تركيبته. لكن لكي تظهر هذه الصفات الطيبة على الانسان أن يدرسها وأن يتعلمها، والتطبيق العملي لهذه التعاليم هي حسن التعامل والحكومة العادلة. وسواء أن كان الحكم يتناقل بالوراثة أو بطرق أخرى، على الحاكم أن يكلف حاشية ووزراء من الجنتسه الذين لديهم أعلى مستوى من التاو أو الفضيلة واذا تمكن الحاكم من جعل نظام حكمه بهذه الطريقة، فأن الشعب سيتبعونه طواعيته وستعم الأخلاق والثقة. لأن الأمير سيكون مثالا وقدوة تحتذي به رعيته. وعلى الرغم من ذكره لأهمية نزاهة وعدل الحاكم وزعمه عدم شرعية الحاكم الذي لا يراعي مصالح شعبه. الا أنه تجنب الخوض كثيرا في هذا المجال، ربما خوفا على سلامته من حكام زمانه. لكن ما ركز عليه كثيرا في تعاليمه أن كل شيء يأتي طواعية، والفضيلة تأتي من رغبة الانسان بها. وليس أن تفرض بالقوة أو قمع في سبيل فرض الاخلاق، ومن جانب أخر كما تكون أخلاق الحاكم تكون رعيته. لأن العوام يسعون لتقليد الأشراف في الطباع والتصرفات.
وهناك خمس علاقات قال كونفوشيوس، أن على الجميع مراعاتها والالتزام بها وهذه العلاقات الخمسة هي بين الحاكم والمحكوم بين الاب والابن بين الزوج والزوجة بين الاخ الأكبر والصغير، بين الأصدقاء هذه العلاقات هي طقوس في حد ذاتها. ولكنها ليست متساوية بالأهمية لكن اذا احترم جميع الأطراف هذه العلاقات، كل من موقعة حينها سيكون المجتمع مستقرا ومتناغما، ويعم الرخاء في البلد على سبيل المثال: لنأخذ علاقة الأب والأبن فالأبن ملزم ولائه لأبيه نقر به هنا بمعنى بر الوالدين، ذلك أن لرب الأسرة الذكر أهمية في المجتمعات الشرقية أكثر مما هي لدينا، فهو بمقام إله عندهم لذلك على الأبن الطاعة الاب وتنفيذ أوامره، لكن في نفس الوقت على الاب مسؤوليات مناطة به هو ملزم بيها. عليه أن يكون رحيم وعادل بين جميع أبنائه وأن يجعل مصلحة العائلة أهم أولوياته.
“علاقة الحاكم والمحكوم” على المحكوم أتباع أوامر حاكمة وفي نفس الوقت على الحاكم أن لا يتخاذل فيما يتعلق بمصلحة رعاياه. واذا لم يتمكن الحاكم من تولي المنصب بحزم وعدالة، هو حينها ليس أهل للمسؤولية وتجب ازاحته. جملة الأفكار هذه من الممكن أن نشبهها بالعقد الاجتماعي (لجان جاك روسو) جدير بالذكر تشديده على مبدأ، ran)) (رن) وهو الجانب الانساني لهذه التعاملات والعلاقات. وهي أن كل أفعالنا يجب أن تكون من منطلق أن لا تسبب الضرر للأخرين وأن نعامل الأخرين مثل ما نحب أن يعاملونا. أي كل ما ذكر من تعاليم وتوصيات يجب أن يكون فيها روح الاخلاص وأن لا تكون نفعية .”ما بعد كونفوشيوس”لم يحدث الكثير في عهد كونفوشيوس، فقد استمرت الحروب والنزاعات الداخلية. ولم يحصل التغيير الا بعد قرون عندما قام الامبراطور (تشين) 207-221 ق.م، بتوحيد جميع هذه الدول تحت حكمة. ومن (تشين) جاءت التسمية الحديثة (الصين)، تميزت ولاية (تشين) بالوحشية والعرق. حيث قتل النبلاء والمفكرون على سواء وأحرقت الكتب، وهو السبب الذي لم يصلنا الا القليل من عصر المدارس الفكرية (المئة). لكن هذه الوحشية والعنف هي التي عجلت في سقوط دولة (تشين)، لتحل محلها دولة (هان).
سلالة (هان) (220-270) ق.م وفي بداية عهد سلالة (هان) لم ستتغير السياسات الداخلية فقد أستمر القتل وسفك الدماء وحرق الكتب الا أنه يحكى أن الامبراطور (غاوزو) سأل مساعديه عن جدول استماعه الى المفكرين، ما دام يدق قلاع الاعداء بالسيوف والجياد أجابه مساعدوه. أن ادارة الدولة تحتاج الى مفكرين وقوانين وتنظيمات وليس غزاة أو فاتحين. لذلك تراجع عن اضطهاد الفلاسفة وبدأ يصغي اليهم، وابدأ اعجابه الكبير بالكونفوشيوسية. لأن من تعاليمها تحريض الشعب على اتباع الحاكم الجيد. أي ربما كانت هناك مصلحة له في ذلك. أمر (غاوزو) أتباعه بنشر هذه التعاليم ووجهه الطبقة المثقفة بضرورة قراءة وترويج الكتب الكونفوشيوسية الخمسة الشهيرة: كتاب التعاليم كتاب الشعر، كتاب الوثائق، كتاب الطقوس، كتاب التغييرات. حيث أن هذه الكتب أصبحت العامود الفقري لسلالة حكم (هان)، وما زالت هذه التعاليم تدرس وتبحث واصبحت جزء لا يتجزأ من الثقافة والحضارة الصينية. لدرجة أن المؤرخون اللاحقون عندما يكتبون عن الحكام، كان يذكرون عن مدى كونفوشيوسيتهم في الحكم. لكن المثير للسخرية في كل هذا أن لا أحد من أباطرة الصين القديمة، ولا حتى في الصين الحديثة تبنى الكونفوشيوسية، بل كانت فقط تفرض على الشعب بشكل أو بآخر. لا يمكن أن نشدد بما يكفي على أهمية الكونفوشيوسية في الصين فنحن في مجتمعاتنا احتجنا مصدر للتشريع أو أردنا أن نتعلم المثل العليا. فأن مرجعنا الكتب المقدسة القرآن الكريم وبالنسبة لغير المسلمين هناك الانجيل والتوراة، وبالنسبة للصين التي لم يتوحد شعبها تحت دين أوأيدولوجية ينظرون الى كونفوشيوس على أنه المصدر والقدوة التي يحتذى بها.
“مقارنة الفلسفة الكونفوشيوسية بالطاوية”.يؤمن كونفوشيوس بنزعة البشرية الى الخير، قام هو واللوتسا مؤسس الطاوية بدمج مفهوم (التاو) في أيديولوجيتهما.إلا أن نسختها من (تاو) مختلفة بشكل واضح.يعتقد كونفوشيوس أن (التاو) هي قوة اخلاقية تدفع الانسان ليكون اخلاقيا أكثر، تعاليمه لها وجه أخلاقي واجتماعي بشكل كبير. من ناحية أخرى لدى لاوتسا ايمان راسخ بالتقاعس عن العمل حيث ركز على اللاعمل. حيث أن الاخلاق أقل أهمية وتركيزه يصب على عدم عمل أي شيء. نعم أدرك أن هذا كلامه غير منطقي، لكن التقاعس هو أفضل شكل من أشكال العمل وأفضل طريقة للعيش في وئام مع الطبيعة. لا يحظى التفاعل الاجتماعي بتقدير كبير، تجنب العلاقات الاجتماعية بل دائما البحث عن الذات، يجب أن يسير الجميع في طريقهم الخاص لا يجاد الذات الحقيقية نسخة (لاوتسا) من التاو هي انها القوى الطبيعية. انها كل شيء دفعة واحده، لاينبغي على المرء أن يحاول تعريفه. لأن (التاو) عند إذ سيختصر على وجهة أو كيان واحد. تختلف نسخة (التاو) من شخص الى أخر، وعلى المرء أن يجد (التاو) الخاص بنفسه.فيما يتعلق بالقيادة لديهما أراء مختلفة،يؤمن كونفوشيوس بان دور القائد هو رعايته الأفراد.دور الحاكم مطالب بغرس الخير في رعاياه. القائد الجيد هو شخص ذو معرفة وتعليم . ويكون قادرا على اتخاذ القرارات لصالح شعبه، يجب أن لا تتملكه المشاعر السلبية كالكبرياء أوالجشع. وهي خصائص تتعارض بشده مع أساليب كونفوشيوس، وعلى نقيض من ذلك يعتقد لاوتسا. أن الحاكم يجب أن يكون قدوة في عدم التصرف. يجب أن يكون دوره محدود وضئيل جدا في الدولة. يجب أن يعيش في (التاو)، وأن يشجع الناس لذلك. الفكرة هي اذا كان المرء أن يجد نفسه وأن يحب نفسه ويعرف من يكون، يمكنه هذا التعامل مع العالم بنفس العناية. اجتماعيا تلعب الطقوس واحترام التقاليد دور كبير في تعاليم كونفوشيوس، فهو يؤمن بإظهار الاحترام، يجب على المرء أتباع الطقوس المناسبة على سبيل المثال : رعاية الوالدين وزيارة قبور الأقارب والتفاعل الاجتماعي هو أيضا مفتاح ويحبب مفهوم الإحسان .لاوتسا لا يركزعلى ذلك هو يوصي بعدم فعل أي شيء. باختصار فأن وصايا كونفوشيوس هي: كن خيرا، تعرف على نفسك، أحب نفسك وأحب الأخرين، كن حسن العشرة، كن متواضعا، أحترم الجميع، أطلب المعرفة أتبع الطقوس، يجب على الحاكم الاهتمام بالرعية. بالنسبة لاوتسا فأنه يدعو إلى حد كبير (للأناركية) هي لا تعمل شيء، وأن اللاعمل هو أفضل عمل لست بحاجة إلى المعرفة أو السفر. فقط أبحث في داخلك وستجد السلام مع نفسك. (التاو) بحد ذاتها غير قابلة للتحديد وهي شاملة لكنها تعرف بأنها قوة الطبيعة، التي تؤدي إلى العيش بانسجام وسعادة في البيئة التي يتواجد فيها الانسان. وعلى الرغم من الاختلاف الجذري فيما بينهما.
الا أن هناك فلسفة لاحقتا ظهرت سميت النيوكونفوشيوسية، وتحاول هذه الفلسفة دمج الكونفوشيوسية التقليدية مع الطاوية والبوذية هذه الفلسفة ظهرت في القرن الثامن بعد الميلاد. واستمرت بعدة أشكال لحين قرن الثالث عشر. تدعو النيو كونفوشيوسية، الى توسيع مدى رؤية لتبحث ليس فقط في التعاملات والعلاقات الإنسانية بل كذلك البحث في كيان الإنسان وكذلك علاقته بالطبيعة.الختام : منذ سقوط الامبراطورية الصين العريقة سنة 1911. والصين حاولت جاهدة أن تنسى ماضيها لكي تستبدلها بالحداثة. وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، ادركت الصين أن من الخطأ اتخاذ ماركس ولينين رموز لها. وأن مستقبل هذه الدولة ليست في اتباع الشيوعية، فقد تبين أن الشعوب لا تستطيع أن تنسلخ من تراثها ومن ماضيها. الكونفوشيوسية هي هوية الصين وستبقى كذلك. لذلك من الافضل العمل على ما تمتلكه بدل العمل على الأيدولوجيات المستوردة. ولتكون لها الريادة في العالم تحاول الصين أن تذكر الجميع بانها صاحبة حضارة وتاريخ. بالاضافة في انها تحمل رسالة انسانية تريد ايصالها بشكل وبأخر لكل البشرية. وهي أن الحل لكل الازمات العالمية، هو في تقديم ايدلوجية جديدة. مختلفة عن الليبرالية الغربية التي تسيدت العالم بما يزيد عن قرن.
اليوم الحكومة تمول حملات تثقفية وتطبع الكتب، لنشر الفلسفة الكونفوشيوسية الى أرجاء العالم كون المخطط الحكومة الحالية في أعادة أمجاد الصين، هو في تذكير شعبها أولا بالكونفوشيوسية. ومن ثم نشر أفكارها إلى العالم. بتأكيد هذا مما يتعارض مع الثقافات الأخرى، فلكل منطقة شعوبها وخلفياتها الحضارية والدينية والتي من الصعب تغيرها. والصين تدرك جيدا ذلك لكنها عازمة على تجاوز جميع العقبات، في سبيل سطوتها على العالم فهل ستنجح في غزو العالم بأيديولوجيتها. مثل ما غزته بصناعتها الزمن وحده كفيل بالإجابة على هذا السؤال.