رسل جمال
يقول المفكر ميشيل فوكو ” أن المسألة ليست مسألة تغيير مايدور في ذهن الناس، بل تغيير المؤسسات المنتجة للمعرفة نفسها” وهي اشكالية لا تخص باب المعرفة، بل تشمل أوجه الحياة الاجتماعية والإنسانية والسياسيةكذلك.
شهدت الساحة السياسية العراقية منذ فترة ليست بالبعيدة حراكاً شعبياً، كان أشبه بزلزال، أوشك ان يسقط النظام، ويحل محله اللانظام، ورغم اننا نتفق ان النظام الحالي يعاني الكثير من المشاكل والإخفاقات والإحباطات، الا انه ارحم الف مرة من العودة الى النظام الدكتاتوري الذي عانى من ويلاته الشعب العراقي، الكثير ومازال يعاني من تركت ذلك النظام!
ان الاحتجاج التشريني ماهو الا ولادة لوعي جماهيري، وحالة غليان شعبية، لن ترضى بحلول ترقيعية ولن تسكتها مجاملات سياسية، وعلى الكتل السياسية الحالية ان تعي ذلك، رغم ان شدة تلك الاحتجاجات لم يستمر الا ان أفرزت حالة وعي بقت مستمرة ولها اثر سيتمثل في المرحلة القادمة، وسيفرض لها وجود عاجلا أم آجلا.لذلك يستوجب وجود نظام يحتوي ويستوعب تلك المطالب الشعبية، ولا يعيد عجلة التدوير السياسي التي تشهدها العملية السياسية بعد كل انتخابات، لان الانتخابات القادمة معول عليها ان تؤسس لواقع سياسي جديد والا ستكون العواقب وخيمة.
ولان ساحات التظاهر ضمت الجميع، من مكونات الشعب العراقي، ولان مطالب تلك الجماهير هي مطالب اغلب فئات الشعب، ولان الكتل السياسية بتقسيماتها النمطية آن لها ان تتغير وتتجدد بما يخدم تطلعات ومطالب الجماهير، خصوصاً والمواطن يعيش أزمات صحية من جانب واقتصادية من جانب اخر، تجعله على صفيح ساخن لا يكاد يهدأ، لذلك يشهد الشارع العراقي منذ تشرين ٢٠١٩ ولغاية اللحظة احتجاجات هنا وهناك، وهي نبض الشارع ان لم يتم الوقوف على حلول لها، فالعواقب لا يحمد عقباها، وعلى الكتل السياسية ان تعي حجم الخطر الداهم.
وعليه فان القضاء على مفهوم الخندقة التي رسختها العملية السياسة منذ عقود والخروج بمشروع يضم الجميع، ويشمل الجميع، مما يعني ان وجدت مغانم فهي حق الجميع، وان كان هناك خطراً فهو يستهدف الجميع، المشروع الجامع الضام لجميع اطياف الشعب العراقي، هو المشروع الوحيد الذي سيكون ضامن لحقوق الجميع، وحتى لو كانت له معارضة، فالمعارضة كذلك ستكون من ذات جنسه كذلك جامعة وشاملة كل اطياف الشعب.
ان الوضع السياسي الحالي يسير بشكل وبأخر باتجاه فضاء اوسع بالعمل السياسي متخلصاً من اغلب مشاكل المشهد السياسي السابق، فهو يعيد تشكيل نفسه بما بتناسب مع متطلبات المرحلة وعلى القادة السياسين، ان يتخلوا عن (عصمليه) تفكيرهم، وتتدارك الأمر بان تلتحق بالتحالف العابر ، او تجد بديل عنه !