المحامية علياء عبود الحسني
ان ازدياد نسبة الاغتصاب بالنسبة للأطفال في السنين الأخيرة له مبررات كثيرة منها كثرة المثيرات الجنسية في الحياة من قنوات تلفزيونية وانترنت وتأخر سن الزواج بفعل الأزمات الاقتصادية وانهيار القيم الأخلاقية والمجتمعية والنفسية وضعف النفوس و ايضا عدم وجود تمسك بالقيم الدينية ، ولكن هذه المبررات أيضا غير كافية لفعل هذا الجرم الفظيع جدا الذي يحول فاعله الى وحش بشري ينهش في لحم البراءة والطفولة والنساء وقد يؤدي أحيانا لقتل الطفل ولكن هناك نسبة كبيرة جدا لا تظهر الى العلن وتكون تحت رماد النفوس نسبة لخوف من المجتمع الذي لابد ان يؤدي دور ايجابي مع ضحايا الاغتصاب الجنسي، يعرف الاغتصاب بأنه فعل يقوم به شخص بممارسة جنسية جسدية دون رغبة ورضا الطرف الاخر، والاغتصاب في اللغة يعرف بأنه اخذ شئ عنوة من غير رضا الطرف الأخر وفي مجتمعنا دوما يكون الفعل ذكورياً بحت . وهو أجبار الطفل او المرأة على ملامسة أعضاء تناسلية او ممارسة جسدية كاملة ويكون الفعل دوما بالتهديد او بالقوة، ان جريمة التحرش والاغتصاب تكون في طي الكتمان والسرية المطلقة في كل الأوقات لتركيبة المجتمع والخوف من الفضيحة والستر وهذا يجعل الفعل يتكرر ولا يوجد ردع لمغتصب للأطفال أن مغتصب الطفل دوما لا يفرق بين بنت او ولد وغالبا ما يكون الجناة من الراشدين دوما واحيانا يكونوا على مساس بالأطفال حياتياً فقد يعملون في (المربية – المدارس – سائق الأطفال – وآخرون لهم صلة في التعامل مع الأطفال مباشرة ) وهذا هو الأكثر وضوحا لان الأعلام ينقله بصورة دائمة .
ويؤكد علماء الاجتماع وعلم النفس على نقاط مهمة اذ لابد من ملاحظة التغيرات الغريبة في سلوك الطفل او البنت، لأنها قد تكون دلالات واضحة تؤكد ان الطفل قد تعرض اويتعرض للاغتصاب، ان الطفل المعتدى عليه تنتابه بعد عملية الاغتصاب أعراض نفسية كثيرة ومتباينة، في مجملها الاضطراب، الخوف الدائم، كثرة التلفت، والشعور بعدم الأمان، وهذه أعراض نفسية انعكاسية وقتية، أما الأعراض اللاحقة والتي تحدث للطفل بعد فترة من الاعتداء عليه فتتمثل في التغير الملحوظ في كل تصرفاته فإذا تم اغتصابه من رجل كبير، فانه سوف يخاف من كل الرجال، أما إذا كان المعتدي صبياً أو فتى فيصبح في خوف دائم من الفتيان الذين في نفس عمر مغتصبه، كما انه يتفادى الاختلاط بغيره من الأطفال، خاصة الكبار منهم، ويصبح منعزلا، شارد الذهن، كما أنه يتحاشى المكان الذي تم اغتصابه فيه، و عادة يخاف من مكان ما او شخص بعينه، وتنعدم لديه رغبة المشاركة في أنشطة رياضية او ثقافية أو العاب أطفال بالإضافة الى التبول الغير أرادي، او البكاء بصورة دائمة والخوف من لمس الآخرين له، ويصبح عدائي تجاه الآخرين. وهناك مؤشر اكثر وضوحاً يتمثل بتدهور مستواه التعليمي.
وأحياناً يكون مترقب لشيء يمكن ان يحدث وحذر جدا ومهزوز الشخصية وكما يمكن ملاحظة اذا كانت في جسده اثار للعض او جروح غريبة او كدمات على جسده، او نقصان الشهية او معرفة مصطلحات جنسية او جسدية لا يمكن لطفل مثل عمرة ان يعرفها من غير معرفة مصدر هذه المصطلحات. ولابد بلا شك من توجيه العائلة والبنات والاطفال في ان هناك اخطار قد تلحق بهم وتحذيرهم من كيفية التعامل مع الغرباء والمجرمين، وحماية النفس من الوقوع في الاغتصاب، وكما على الاسرة معرفة ان الاغتصاب يعالج بصورة نفسية وتربوية وأيضا هناك دور مجتمعي لتقبل المغتصبة او المغتصب بصورة عادية حتى لا تحدث شروخ نفسية دائمة تجعله عرض لضياع والانحراف او الشذوذ او الإدمان مستقبلا ،تتفق اغلب المدارس النفسية على ان الطفل المعتدى عليه اذا لم يُعرض على خبير نفسي قبل بلوغه السابعة عشرة من عمره، لتأهيله نفسيا، فانه قد يتحول إلى منتقم من الأطفال انتقاما لما حدث له في صغره، وهو يشعر بنوع من التلذذ، ورد الاعتبار لاغتصابه الأطفال، وكأنه ينتقم لما تعرض له في طفولته من انتهاك جنسي، وبالتالي يصبح من الشواذ جنسياً، وعادة يحتاج الطفل المعتدى عليه الى تأهيل يبدأ ببرنامج خاص معه، ومع أسرته حتى يتمكن الطفل من تجاوز هذه المحنة اما دور الأسرة في تأهيل الطفل فيتمثل بأن تتحدث معه باللين، ولا تزجره او تؤنبه عند اكتشافها انه تعرض لانتهاك جنسي، الاهم ان يتلقى الطفل العلاج السلوكي بواسطة الخبير أو الخبيرة النفسية، دون تأخير اما الجاني فبعض المدارس النفسية اكدت ان هناك عوامل تتعلق بالتركيبة النفسية للشواذ جنسيا تجعلهم يرتكبون جرائم الاغتصاب، فالمغتصب من المرجح ان يكون قد تعرض لعملية اغتصاب في طفولته وهو يقوم بالانتقام لنفسه من مغتصبه عندما يكبر، ولذلك يعتدي على الأطفال الصغار وخاصة الذين في عمره عندما تم اغتصابه .
وهنالك عوامل أخرى، مثل زيادة نوع معين من الهرمونات، والإثارة الزائدة، والمشاهد المثيرة، والاهم ضعف الإيمان، فلقد ثبت أن مغتصبي الأطفال من ضعاف الإيمان، حتى لو تظاهروا بذلك. تقع على الحكومة مسؤولية فتح باب البحوث والدراسات في المجال النفسي والمجتمعي وعمل توعية في المدارس والأحياء وفسح مجال لوسائل الأعلام وللمهتمين بقضايا الاغتصاب وسن تشريعات رادعة ومخيفة لكل من تسول له نفسه ان يقوم بهذا الفعل المشين ، وان تكون الأحكام رادعة جدا بحيث أن العقوبة الحالية غير كافية ولكن في الفترة الأخيرة وصلت عقوبة الاغتصاب الى الإعدام في مصر على سبيل المثال، ولو جعل القانون العراقي رادعا قوياَ لخاف الكثيرون من القيام بهذه الفعلة المسيئة ,فالالمشرع العراقي تناول قضية اغتصاب الاطفال في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969المعدل،فحسب المادة: 393 من قانون العقوبات العراقي :
1- يعاقب بالسجن المؤبد او المؤقت كل من واقع انثى بغير رضاها او لاط بذكر او انثى بغير رضاه او رضاها 2- يعتبر ظرف مشدد اذا وقع الفعل في احدى الحالات الاتية: أ-اذا كان من وقعت عليه الجريمة لم يبلغ من العمر ثمان عشر سنة كاملة ب-اذا كان الجاني من اقارب المجني عليه الى الدرجة الثالثة او كان من المتولين تربيته او ملاحظته او من له سلطة عليه او كان خادما عنده ج- اذا كان الفاعل من الموظفين او من المكلفين بخدمة عامة او من رجال الدين او الاطباء د- اذا ساهم في ارتكاب الفعل شخصان فأكثر تعاونوا في التغلب على مقاومة المجني عليه او تعاقبوا على ارتكاب الفعل ه- اذا اصيب المجني عليه في مرض تناسلي نتيجة ارتكاب الفعل و- اذا حملت المجني عليها او ازيلت بكارتها نتيجة الفعل
3- واذا افضى الفعل الى موت المجني عليه كانت العقوبة السجن المؤبد 4- واذا كانت المجني عليها باكر فعلى المحكمة ان تحكم لها بتعويض مناسب. هذا ما شرعه المشرع العراقي والمقصود بالظرف المشدد بمعنى احتمال ان يصل الى عقوبة الاعدام، مما يعني ان الحكم يبقى حسب قناعة القاضي، لكني ارى اذا قتل الجاني الضحية سواء طفل ام مراهق هنا تختلف الجريمة جملة وتفصيلا … سوف اقومها على مادة 406 وهي جريمة القتل والتي تكون عقوبتها الاعدام لان مادة 406 ظرفها خاص هذا حسب رأي الخاص وكما فسرت موضوع مادة 406 واعتبر ان هنالك تقصيرا من المشرع لعدم اهتمامه بموضوعة اغتصاب الاطفال بل اكتفى ب فقرة3 يشير الى سجن مؤبد والله اعلم كم يبقى الجاني 5او4 اعوام ويشمل بعفو او تعويض حكم مع كل الاسف.