واثق الجابري
في البلد الديمقراطي؛ تتخذ الحكومة قراراتها في وضح النهار، لتحقيق متطلبات وآمال شعبها، عكس نظم الاستبداد التي تتخذها في الظلام، لمصلحة ثلة من المنتفعين، وفي الأول برلمان يمثل الشعب، والثاني ربما برلمان صوري يؤيد كل ما يحصل من السلطة التنفيذية.. وربما هو من يجبرها على إتخاذ قرارات مجحفة تنتفع منه ثلة من أحزابه، وقد يمثل الإستعداد بعينه، حينما يفرض سطوة جهات تتقاسم المنافع، وأن كانت القرارات ضارة للأغلبية الشعبية. تكون القوانين والخطوات الحكومية غير مخالفة للدستور، ولكن الأهم هو جدواها وضررها المستقبلي الذي لا يُرى أثره المباشر على الشعب.. وهناك قوانين أثرها مباشر وصاعق، وتجابه رد فعل عنيف يتيح للشعب ممارسة حقه بالإعتراض والتعبير عن الرفض، وممارسة دوره في مصدرية السلطة، التي لا يعطيها الدستور الحق المطلق وأن كانت غير مخالفة، بإتخاذ قرارات قاسية رغم وجود سبل أخرى لتجاوز الأزمة، دون الإحتكاك بمفردات حياة المواطن وقوته اليومي.
خالفت الحكومة والقوى السياسية؛ مبدأ الشفافية في الإفصاح عن جملة القرارات الإقتصادية، فيما كانت تطبخها في الخفاء على نار هادئة وقودها سلخ جلد ولحم الدولة وشعبها ودفعهم لأكل بعظهم.. في الخفاء قوى استعدت وإتخذت خطوات إستباقية، لتكون رابحة في إرتفاع صرف الدولار، وراقصة عند غلاء الأسعار. من حق الشعب أن يسأل؛ لماذا إتخذت الحكومة قرارات قاسية؟ وهل أن ما فعلته مدعاة قلق وبداية إنهيار إقتصادي، وتأسيس لقطيعة تامة بين الشعب والسلطات؟ أو معركة لي أذرع تتيح إستخدام وسائل الإعتراض والظاهر المشروع؟ وتفسح مجال لغير المشروع التسلل لإضعاف الدولة؟! وفقاً للقواعد الديمقراطية وفي ظل التسريبات الحكومية، التي بان أثرها في السوق، التي تفيد بإستهداف شريحة الموظفين ورفع سعر الدولار، وهذا يشمل تقريبا 4ملايين موظف، وما يتابعهم من عوائل سوف يتضرر 16 مليون نسمة بشكل مباشر، وينعكس على بقية المجتمع، وسوف تتعرض هذه الشريحة لثلاثة هزات هي: قطع من الرواتب ورفع الضرائب وأجور الخدمات الحكومية، وإرتفاع السوق، ورغم تقدير الحكومة للقطع أن لا يتجاوز 8٪ إلاّ أن ارتفاع سعر الدولار سيجعلها 22٪، ويلحقنا إرتفاع في أسعار المواد الاستهلاكية منها ما يصل لزيادة50٪ أضافة للضرائب ورغم عدم شمولها كثير من المواطنين، إلاّ أنها ستكون مرتفعة قياس بمدخولات المواطن، وبذلك ستواجه هذه القرارات ردود فعل عنيفة، لا توجد لها مقدمات ثقة بين الشعب والطبقة السياسية، ولم تقنعه أن هذا آخر الحلول أو أنها عملت لتدارك حالة الإنهيار، بل من الممارسات السابقة، فهناك حكم مسبق على معظم الطبقة السياسية، بأنهم يتخذون قرارات نفعية تخص فقط منفعة القوى السياسية.
إن القرارات الحكومية ستواجه إعتراضات واسعة ستترجم بشقين؛ أما تظاهر موظفين وتعطيل عمل المؤسسات، أو تذمر الموظف من عمله وسعيه أما للبحث عن عمل آخر بعد الدوام، ليزاحم العاطلين والمقتاتين على يومهم، وبذلك يقلل نسبة الربح ويؤدي إلى تراجع إقتصادي لشريحة غير الموظفين، ويفتح أبواب للفساد والرشوة والروتين، الذي سيعتبره بعضهم مبرر في ظل أزمة إقتصادية! بدأت الإعتراضات أولاً من أساتذة جامعات، وقد تصل إلى قطاعات أخرى تتعلق بحياة المواطن وأمنه، وتظاهر بعض المواطنين أمام البنك المركزي، وهذا ما يدفع بإتجاهين؛ أما تعاطف قوى سياسية. نواب لتلك المطالب، أو ركوبهم موجتها، وبذلك سيتم البحث عن إستثناءات، وهذا ما يعني أن القرارات ستفرض على الطبقة الأضعف، سيما صغار الموظفين الذي يسحبون قوتهم بالملك، وقطع 8٪ مؤثر على مواطن لا يتبقى من راتبه 10 آلاف مدور إلى الشهر القادم، وينتظر بداية الشهر،؛ بخط المولد والانترنت ومصاريف المدارس وشراء مفردات البطاقة التمونية ووو.. جملة من الإحتياجات التي هي خارج حساباته.
تداعيات هذه القرارات خطيرة، وإختبار حقيقي للديمقراطية، ولو كانت القرارات في وضح النهار وتقنع الشعب بأنها للمصلحة الجماعية، مع وجود جسور تواصل بين القوى السياسية َالشعب، فتكون ثقة تتيح للشعب التنازل عن جزء من حقوقه لأجل الصالح العام، ولكن بهذا الواقع الذي يعيش القطيعة بين معظم القوى السياسية والشعب، فستنتج إعتراضات وتظاهرات تضاف الي تظاهرات شعب باحث عن فرصة عمل وتحسين واقع إقتصادي، وهناك خريجون ينتظرون فرصتهم في العمل..
هذا ما سيولد إعتراضات متعددة، ومن مختلف الطبقات الشعبية، وقربإجراء انتخابات عامة، إعتدنا فيها تملق الساسة واحزابهم للشعب، وهذه ستعيق تطبيق القرارات الحكومية بشكل خطير.. فهل ستطبق تلك القرارات، ام ستنتهي كحال ما سبقها من قرارات وخطط، إنتهت مع عودة أسعار النفط للإرتفاع؟ننتظر ونرى والحسم قريب، بل وأقرب مما نتصور.