حاورتها: أفين أحمد
التهميش والتعنيف وسلب للحقوق والحريات.. تلك هي أبرز السمات المشتركة التي تتقاسمها النساء تحت منهجيات متشددة الفكر والرأى وبعيدة كل البعد عن متطلبات المرأة في حياة حرة كريمة تضمن لها هويتها السياسية والاجتماعية كجزء أساسي في بناء الحياة الأنسانية.. ولاسيما في مصر حيث ولادة قامات بارزة أمثال نوال السعداوى، وهدى الشعراوي وصفية زغلول و…. الخ.
مجلة “صوتها”، كانت لها حوار مع أيمان عوف صحفية من التيار اليساري في مصر.. لتحدثنا عن أوضاع المرأة المصرية في الوقت الراهن مبينة بأنه: لامفر لمواجهة تلك المخاطر الا بوجود حركات نسوية مصرية في أقصى القوة والوضوح والمنهجية لمواجهة مخاطر التيارات المتشددة التى تستهدف مكتسبات المرأة المصرية.
* كيف تقيمين أوضاع المرأة المصرية فى الوقت الحالى ؟
ايمان: أوضاع المرأة المصرية لاينفع أن ننزعها بأي شكل من الأشكال من السياق الأجتماعي والسياسي والأقتصادي التي مرت بها مصر في الفترة السابقة.. والتي زادت من أزمة المرأة المصرية في الفترة الراهنة هي صعود تيارات الأسلام السياسي والرجعية مما كثرت من معاناة المرأة المصرية من حيث التهميش في الوظائف وغياب تكافؤ الفرص سواء على مستوى القرارات الحكومية والمؤسسات الخاصة.. حتى في المجتمع المدنى التي ترفع شعار المساواة للأسف لايمتلك القدر الكافي من معايير المساواة للمرأة… في مصر هناك نقابة ضخمة يتمثل بنقابة المحامين، هذه النقابة لاتوجد فيها أى عنصر نسوي كعضو مجلس للنقابة، كذلك الحال في نقابة الصحفين في الوقت الحالى وعلى صعيد الاحزاب السياسية ايضا…وبالتالي يمكن القول بأن واقع المرأة المصرية في الظرف الحالي فيها تهميش اقتصادي وقهر اجتماعي وتجسدت ذلك بشكل واضح جدا في اتجاهات الدولة حيث هناك نظرة ذكورية للمراة التي تخرج من بيتها بحثا عن العمل حيث يعرضها ذلك الى التحرش والتنمر والعنف الأسري سواء كان من الزوج أو الأهل، وتقع ضحية لكل هذا الأنواع من التميز.. كما وأن القوانين والتشريعات لاتساعد على القضاء على جميع هذه الظواهر مما زاد من أرتفاع نسب الطلاق في الفترة الاخيرة .
* ملفات اجتماعية عدة تشغل الرأي العام المصري، وخصوصا مايتعلق منها بالمرأة وحقوقها مثل قضيتي ختان الاناث والتحرش الجنسي حيث تم مسبقا تفعيل قرارات عدة للحد من تلك الظواهر ( قانون تحريم ختان الأناث عام 2008)، وقانون تجريم التحرش الجنسي بأنواعه في 2014 أيام تولي السيسى لرئاسة الحكم)… هل رأت هذه القوانين النور ؟
ايمان: هناك ادعاءات تنادى بأنتهاء بعض الظواهر القديمة كختان الاناث، زواج القاصرات والمتعة والمسيار وبعض التفاصيل الاخرى التي ايضا لها علاقة مباشرة بواقع المرأة.. هذه المعاناة تعاني منها المرأة المصرية سواء تغيرت الأنظمة السياسة أم لم تتغير.. ففي عهد محمد حسني مبارك كانت هناك ظاهرة التحرش الجنسي للفتيات، وأستمر الوضع الى أيام حكم اخوان المسلمين حيث كانت القضية اكثر كارثية من حيث منهجية التعامل.. على سبيل المثال القوائم الانتخابية لحزب النور السلفى كانت تنزل أيام الاخوان ومعهم سيدة بصورة نقاب.
والوضع في الفترة الحالية هو استكمال لمعاناة المرأة في الفترات الماضية ولم يصدر حتى الأن قوانين يجرم حوادث التحرش الجنسي بالنساء والفتيات، كما والممارسات الحكومية في كيفية التعامل مع السيدات الشاكيات من ظواهر التحرش في اسوأ مايكمن حيث دائما مايعتبر السيدة التي تشتكي هي المدانة من قبل الجهات الرسمية والتنفيذية ويتم التعامل معها على انها فاجرة لأنها قررت الافصاح عن الحالة وعدم التكتم عليها.. كما وان سيدات كثيرات من المجتمع التي مفروض تطرح نفسه على انه مجتمع تقدمي ورافض للسياسات العنصرية ضد النساء عينهم على التحرش من رجال موجودين في الوسط نفسه وهذا مايؤكد بأن مسالة التحرش بات مباح ومتاح للجميع … قضية اخرى والتي هي قضية ظهور الفتيات التكتوك حيث يتهمون بهز القيم المجتمعية في مصر فور ظهورهن على تلك المنصات.. والبلاغات الأخيرة التي سجلت ضد هولاء الفتيات اعتبرت ظهورهن جرم وطريقة غير لائقة بحيث انها في كل الأحوال لاتستحق العقاب والسجن .. لذا فكرة المجتمع المحافظ والرجعي تسود بشكل كبير والتي هي ايضا نتيجة طبيعية لتراجع الأوضاع السياسية والأقتصادية في مصر.
* في ظل صعود وتيرة النزاعات السياسية، ظهور قوى اسلامية على الساحة السياسية العربية ككل اتساءل الى اين يتجه مصير الحركات النسوية في العالم العربي خصوصا ان هناك محاولات تأمرية على المكتسبات النسوية في جميع البلدان العربية.. كيف يمكن مواجهة تلك المخاطر ؟
ايمان: التيار الاسلامي السياسى هو تيار محافظ رجعي يرى المراة من منظور الانجاب والتربية واشباع رغبات الرجل فقط، وأي سيدة تخرج من هذا الاطار تعتبر فاسقة بنظرهم .. ففي فترة حكم الاخوان في مصر كانت القوانين مبنية تماما على أسس ذكورية ومجحفة بحق النساء.. وبالرغم من اختفاءهم بعد ثورة 30 يونيو الا ان ثقافتهم لاتزال موجودة ولها تأثيرات عدة وليست في مصر فقط، وانما في تونس ايضا في ظل وجود حركة النهضة وفي الجزائر أيضا حيث يحاولون بشتى الطرق خنق الحركات النسوية، وهذا مايستوجب وجود بلورة حركات نسوية في أقصى القوة والوضوح والمنهجية .. حقيقة في مصر هناك حركات نسوية لكنها غير مكتملة من حيث يكون لها دور كبير فى مواجهة الرجعية
* تختلف نسبة الحضور النسوى الفعال في ميادين السياسة على وجه الخصوص من بلد الى اخر، وفي كل بقعة من بقاع الارض، لكن الحراك السياسى الفعال والمؤثر للمرأة في عالم السياسة لايزال محور تفسيرات وتساؤلات كثيرة.. هل باتت هذه القضية محط حملة دعائية سياسية لااكثر للكثير من الحكومات؟.. أم بدأت مسيرة المرأة السياسية فعلا تخطو خطاها لكن بالبطأ والتدريج؟
ايمان: أكيد الحضور النسوى الفعال في كافة الميادين تختلف من بلد للأخر، لكنها أيضا تختلف من حيث النظام السائد.. فمثلا ثورة 25 يناير في مصر كانت أعلى مرحلة حصلت فيها صعود كبير للحركة النسوية.. حيث النساء بكافة طبقاتهم الاحتماعية والاقتصادية شاركوا في الثورة بشكل فعال ومؤثر مما أنتج أول وظيفة للحزب السياسى فى مصر ( حزب الدستور)، وكنا على اعتقاد تام باننا سنرى فرص اكثر للنساء لتواجدها في البرلمان ومراكز القرار على وجه الخصوص بعد الثورة.. لكننا رأينا عكس ذلك تماما وكانت نفس المنهج السائد لاوجود للنساء فى النقابات، نسبة التمثيل النسائى في البرلمان جدا قليلة وكذلك الحال فيما يخص حقوق النساء في الطلاق، الرؤية والمتعة ايضا لم تحدث فيها اي تغير جذرى … لذلك يمكن القول بأن كل مايقال عن حقوقو المرأة المصرية مجرد دعائية بالرغم من اننا فى المؤتمرات الدولية غالبا مانشير الى اننا نمتلك عناصر التمكين النسائى والقضاء على العنف ضد المرأة من حيث التميز والتهميش والعنصرية لكن في الحقيقة ولغاية الأن هناك مصانع وشركات في مصر يشترط ان يكون المتقدم للوظيفة فيها ذكر.. أى يمنع عمل النساء وهي موجودة في الكثير من الشركات والمحلات التابعة لبقايا تيار الأسلام السياسي بمصر وتحديدا ( السلفيين)، الذين يمثلون حزب النور واتباعه، والنظام الحالي حقيقة متحالف معهم بالرغم من انهم يحملون نفس الفكر الرجعي للأخوان المسلمين .. لذا الكارثة الحقيقية تكمن في انعدام وجود المرأة في المراكز القيادية بجميع المستويات .
*هل هناك تضيق على وسائل الاعلام وحرية الصحافة فى مصر؟
ايمان: انا صحفية، ومرشحة سابقة لعضوية على عضوية مجلس نقابة الصحفين.. طبعا هناك حالة من حالات القمع العامة بخصوص حرية الرأي والتعبير في مصر عموما وحرية الصحافة بشكل خاص .. فمثلا عدد المواقع المحجوبة فى مصر يتخطى 800 موقع ، ولانعرف من هي الجهة التى قامت بالحجب أو حتى السماح لها بالصدور .. الصحافة الحقيقية التي تمثل رأى الشارع المصري لاوجود لها والجرائد جميها تحمل نفس العناوين ( عاش الملك.. مات الملك) .. وكل هذا ايضا يعتبر جزء من الأزمة السياسية والأجتماعية التي تمر بها مصر.
* تقول الدكتورة نوال السعداوى ( أحلم بعالم اخر لايشطب فيه احد على اسماء الامهات، ولاأحد يسألني من أبوك؟ ومادينك؟ وماجنسك أو جنسيتك”.. هل من تغير طرأ على هذا الواقع أم مازلنا نعيشه اكثر مرارة؟
ايمان: جميعنا نحلم بما تحلم بها د. نوال السعداوى.. لكننا حقيقة مانزال نحتاج الى تغير الواقع الى صورة اكثر ايجابية يتقبل بوجود العنصر النسوي في جميع المستويات والاصعدة ، فالمجتمع المصري لايزال لايتقبل مفهوم هويات الجنسية المختلفة .. قبل سنتين تقريبا كانت هناك قضية هديل مكاوي ( SINGLE MOTHER ) وحصلت على اثرها مشادات كبيرة بيننا وبين المجتمع ككل، وفي النتيجة تركت تلك السيدة بلدها مصر .. وكذلك في الكثير من القضايا الاخرى منها قضايا المتحولين والمتحولات جنسيا حيث يتعرضون لتنمر شديد ورفض تام من قبل المجتمع.
* من هي ايمان عوف؟.. ماذا تقول بطاقتكم الشخصية؟
ايمان: صحفية من التيار العمالي اليساري، وناشطة سياسية مصرية مهتمة بقضايا النساء المهمشات .. تعمل في المجال الصحفي مايقارب 15 سنة، ومرشحة سابقة على عضوية مجلس نقابة الصحفين فى مصر.