حاورتها: انتخاب القيسي
سارة نزار تولد بغداد من أب عراقي وأم جزائرية حاصلة على الدكتوراه في الصحة النفسية
سنة ٢٠١٧ أسست أول مشروع في مجال الدعم النفسي للأطفال المهجرين داخل العراق الغرض منه مساندة ضحايا الحرب وعيادة نفسية، لعلاج النازحين داخل أحد المخيمات في اربيل، لديها عدد من النشاطات والمحاضرات الخاصة بتوعية وأرشاد النساء من كافة الأديان و القوميات، برعت ايضاً في مجال كتابة القصص والروايات، وصدر لها راوية عام ٢٠١٨ بعنوان “لست وقحة ” ، ونشرت لها عدد من المقالات في الصحف والوكالات تركزت مواضيعها عن المرأة و الطفل والمجتمع.. لمجلة صوتها كان هذا الحوار
– للعائلة دور كبير في مشوار حياة افرادها سواء كان بالإيجاب او بالسلب ما هو رأيك بالموضوع ؟
اكيد للعائلة دور كبير خاصة ان خوف عائلتي من دخولي عالم السوشيال ميديا كان حافزاً ايجابياً لي فخوفهم و قلقهم كان بمثابة تحدي لي لأثبات قدرتي على النجاح وبمرور الايام وبعد ان وثقوا اني اوظف مهاراتي في مكانها الصحيح وبالطريقة المناسبة كانوا خير من ساندني وشجعني لبلوغ هدفي.
– بما انك تعملين في مجمع طبي في اربيل لعمل جلسات علاج سلوكي ممكن تفاصيل عن هذا العلاج وما فائدته ؟
جلسات العلاج السلوكي المعرفي (CBT)وسيلة فعالة للعلاج بالكلام دون اللجوء الى الادوية. تساعد كثيراً في تجاوز عدد من الاضطرابات النفسية. حيث تقوم على أساس تعديل الافكار وبالتالي المشاعر وهنا كنتيجة تعديل السلوك المرجى تغييره.
– كونك مختصة في الجانب النفسي ومساعدة الاشخاص المتأثرين بالنزاعات كيف يمكنك تقديم المساعدة لما لا يستطيع الوصول اليك؟
لقد أستطعنا حل ما اشرتي اليه من خلال انشاء عيادة اون لاين تستقبل كافة الاستشارات النفسية والاجتماعية اضافة الى الهاتف لمن يصعب عليه المجيء الى اربيل من المدن الاخرى .
– لنتكلم عن اهم الشخصيات الثقافية او الفنية او السياسية التي تأثرت بها وعملت تغير في منعطف حياتك ؟
لا اذكر اني تاثرت يوماً في شخصية معروفة ما او تمنيت أن اكون مثلها كل ما أطمح عليه هو ان أكون أنا نفسي أفضل مما عليه سابقاً.
– كونك أصبت بكورونا ممكن ان تتحدثين عن هذه الفترة العصيبة وماذا غيرت فيك وهل خرجت منها أنسانة أخرى ؟
كانت فترة معقدة للغاية ليس لأني كنت مصابة بالفايروس فانا لا اخاف من المرض وسبق وأن تعرضت لأكثر من حادث وواجهت امراض قد تكون اخطر.. ما كان صعب حقاً هو ان هذا الفايروس بحد ذاته جديد و هذا يعني “عدو مجهول” رغم اعداد الكثير من البحوث والدراسات حوله الا انه لا يوجد لغاية الان علاج 100% .
– تفاصيل أخرى لرحلة الاصابة بالفيروس والعلاج …
كنت خائفة من نقل العدوى للعائلة لذا عزلت نفسي عنهم وانا لم اعتد الابتعاد عن افراد اسرتي لأي سبب كان
والشي المحزن اني اصبت بالفايروس في أول اسبوع زواجي وهذا بحد ذاته متعب لنفسية اي فرد والنفسية هنا من اهم الامور المهمة لمواجهة الوباء، ولكنني امتلك مناعة نفسية جيدة وايماني العميق بالله منحني القوة لمواجهة هجمات الفايروس التي لم تكن ببسيطة او كما سمعت عنها فقد نجوت بصعوبة .
– من وقف الى جانبك في هذه الازمة ؟
زوجي الذي ساندني كثيراً كرجل حقيقي حيث قام بالطهي وتولي اعمال المنزل عني ولكونه طبيب فهو من كان يشرف على علاجي الدوائي والغذائي.
– لماذا رواية (لست وقحة) ؟
أحببت الكتابة منذ طفولتي وكنت اتوق لنشر رواية تحمل اسمي.. تتناول الرواية قضايا الخطف / الخيانة الزوجية بالدرجة الاولى وتتطرق لكثير من المواضيع التي تهم المجتمع العراقي وتمس كلا الجنسين. عنوان الرواية غير مستهلك لذا اخترت لروايتي الرداء الذي يمثلها “جريئة و مختلفة “
– ازدياد العنف الاسري بالعراق يعزوه البعض الى الجانب النفسي ما هو رأيك ؟
العنف الاسري له ابعاد كثيرة اقتصادية واجتماعية ونفسية …ولو تكلمت باختصاصي من الباب النفسي فكثير من الدراسات توصلت الى أن الشخص الذي يمارس العنف هو ايضاً قد تعرض للتعنيف عندما كان صغيراً وهنا نحن عالقون في دائرة سلبية واحدة حيث ان الطفل الذي يعنفه والده او والدته او احد افراد اسرته وهو صغير يتعلم بأن الضرب او الشتيمة هي وسيلة الحوار الرئيسية وهي الطريقة المثلى للوصول الى الهدف او السيطرة على الاطراف الاخرى حيث يظن بأن العنف هو القوة.
هذا بالإضافة الى العقد النفسية التي يغرسها العنف الاسري في افراده حيث يخلق شخصية عدوانية مستقبلاً وان لم ينتج عن ذلك فهو يربي شخصية ضعيفة تستسهل الضرب وعديمة الثقة بنفسها ترضى بالإهانة فهي تلقته اولاً من الاهل.
لكي نعالج هذه المشكلة علينا ان نحل السبب وهي تربية نفسية صحيحة قبل كل شيء تنمو على اساس المبادئ السليمة للتنشئة الاجتماعية و بناء انسان لا يعاني من الاضطرابات النفسية والعقلية.
– لماذا ما يزال اغلب الاشخاص يجهل الثقافة النفسية وتأثيرها على الفرد بل يعتبره شيئا معيبا مراجعة طبيب نفساني ؟
قلة الوعي النفسي في مجتمعنا هي السبب الاساس في عدم لجوء الفرد الى معالج نفسي او طبيب نفسي عند الحاجة لذلك فلو تربينا منذ الطفولة على أن النفس مهمة كالجسد وأنها تتعب كما الجسم وبحاجة لمراجعة ومتابعة احياناً لما تكونت لدينا فكرة كهذه عند الكبر الموضوع له ابعاد كثيرة ولحل الموضوع يحتاج لدعم جهات عديدة.
– كون والدتك جزائرية هل اثر هذا على نمط حياتك و تفكيرك وشخصيتك ؟
كون والدتي جزائرية نشأت في عائلة لها ثقافات متنوعة وهذا بالتأكيد اثر في بناء شخصيتي وتكوينها. للأسف حتى يومنا هذا لم ازر الجزائر على الرغم من اني سافرت الى دول كثيرة
– كلمة اخيرة ..
انصح اي شخص أن يراجع مختص نفسي سواء كان يشعر بالحاجة للذهاب ام لم يشعر بضرورة ذلك لان للأسف الشديد ولعدم دراية الناس بالجوانب النفسية جميع من يأتي الى العيادة النفسية يأتي بعد ان جرب جميع الحلول واغلبها غير مجدية وتطور الاضطراب معه واصبح علاجه معقداً بينما المرض النفسي مثل الامراض العضوية اسهل علاجاً وهي في بداياتها. وحتى وان لم يكن الشخص يعاني من اي اضطراب نفسي فلابد بأن لديه مشكلة اجتماعية معينة فلا ضير من مراجعة الاخصائي النفسي بين الحين والاخر للاستفادة من خبرته ولكونه شخص محايد ولن يجيب المراجع بعاطفة او تحييز.
في الختام ..اود ان اشكرك و اشكر كل من يعمل في هذه المجلة الغراء وفي مقدمتهم رئيسة التحرير د. نبراس المعموري على هذا الحوار الممتع متمنية للجميع داوم النجاح والموفقية