د. نبراس المعموري
استبشرنا خيرا حينما تسنم السيد مصطفى الكاظمي رئاسة مجلس الوزراء؛ رغم التحديات التي واجهت التكليف، وما سبقه من مخاض عسير.. و بموازاة حجم الاستبشار كنا ندرك جيدا حجم التركة الثقيلة التي وقعت على كاهل الكاظمي والتي توزعت بين منظومة أمنية هشة، و علاقات دولية وإقليمية غير متوازنة استثمرت أرض العراق لتكون ساحة تصفيات، وبين أزمة اقتصادية كبرى توجت بملفات فساد مالي وإداري نخرت كل مفاصل مؤسسات الدولة، وبين ما ترتب عن الاحتجاجات الجماهيرية و مطالب المتظاهرين بتغيير الواقع المرير.
مقدمة مقالي التي أعطت لمحة سريعة لواقع سياسي واجتماعي واقتصادي يحتاج ثورة إصلاحية أشار لها الكاظمي مسبقا حينما تسنم المنصب، و أيدناه وساندناه بالرغم من ملاحظاتنا لما ترتب لاحقا على مستوى الإعلام والتعيينات والقرارات ذات الخط الواحد الذي جعلنا نستفهم كثيرا.
ما يهمني عبر هذه السطور ملف المرأة الذي غاب عن تلك القرارات والإجراءات، أو تم تغييبه بقصد أو بغير قصد، ورغم ذلك بررنا ما صدر عن حكومة الكاظمي بحجة التركة الثقيلة والتحديات التي يواجهها، ولكن هل يعلم السيد الكاظمي أنه سبق وأن كان لدينا موقف واضح إبان حكومة عادل عبد المهدي، بعد أن أصدر أمرا بتشكيل المجلس الوطني للمرأة في 30 كانون الأول من عام 2019 برئاسته و عضوية بعض الجهات، وطالبنا في حينها بإنصاف المرأة لا بمجلس لا تعرف مهامه وقابليته، على أن يكون جهة تنفيذية رصينة قادرة على إدارة ملف المرأة ، وإيجاد الحلول الناجعة، كونه وفق القرار، ظل بصيغته الاستشارية الشكلية أكثر من الصيغة التنفيذية، و قدمنا في حينها الحلول بإصدار قرار من قبل رئيس مجلس الوزراء على إعادة وزارة المرأة والعمل لاحقا لتكون بحقيبة وزارية، لأن إلغاء الوزارة تم بقرار من قبل السيد حيدر العبادي عام 2015 وبالتالي فإن إعادتها لا تتطلب ذلك الجهد الجهيد، و يمكن إعادتها أيضا بقرار، وحقيقة و بعد حزمة الاعتراضات التي عبرت عنها المنظمات والناشطات النسويات، تم إيقاف العمل بهذا المجلس وخاصة الحملة الإعلامية التي تبناها منتدى الإعلاميات العراقيات وساندها الكثير من الجهات، حتى إن رئيس الجمهورية أعلن رسميا عن ضرورة أن تكون هناك وزارة للمرأة بحقيبة و بحضور هيئة الأمم المتحدة للمرأة في العراق ..
أنا هنا لست بصدد الدفاع عن وزارة المرأة بقدر الاحتجاج على ما صدر عن وزيرة الهجرة والمهجرين السيدة إيفان فائق بصفتها نائب رئيس المجلس الوطني لشؤون المرأة!!!!! وتنظيمها اجتماعات ولقاءات لبحث خطة عمل المجلس!!!! ما صدر عن وزيرة الهجرة والمهجرين جعلنا في حيرة من أمرنا، فجعلنا نتساءل : متى أصدر السيد رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي أمرا بتشكيل المجلس الوطني للمرأة ؟ وأستفهم ماذا يعني هذا المجلس؟ من هم أعضايؤه و كيف يعمل ؟ ألم يعلم أن هناك تجربة مماثلة وكانت محل جدل كبير أن يزج اسم امرأة بمنصبين منفصلين، الأول تنفيذي والآخر استشاري تحت مسمى مجلس أو لجنة النهوض بواقع المرأة، والتي كانت ترأسها حينها السيدة ذكرى علوش بالإضافة إلى كونها أمينة بغداد!
كيف يكون الإصلاح ونحن نعيد أمجاد الأخطاء؟ و هل المرأة بحاجة للجنة أو مجلس بصفات ومهام شكلية واستشارية؟ أم هي بحاجة لمؤسسة تنفيذية رصينة تقوم بمهامها أسوة بالوزارات الأخرى ويكون لها صوت داخل مجلس الوزراء؟..
السيد رئيس الوزراء أو بالأحرى زميلنا في مهنة الإعلام السيد مصطفى الكاظمي، الذي طالما عملنا لنصرة قضايا حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق المرأة بشكل خاص.. هل خلا مجلس الوزراء من المستشارين الذين يفقهون ويدركون فحوى ملفات المرأة، وهل من استعنت بهم أبلغوك بأن التركة بكل مثقلاتها السلبية كانت محل اعتراض أن يكون هناك لجان أو مجالس للمرأة بهذه التركيبة الغريبة العجيبة ؟
أتوسم بحجم ذكائك المعهود أن تراجع ما تم تداوله مؤخرا تحت عنوان المجلس الوطني للمرأة.. إنصافها لا يكون بإعادة أخطاء الماضي، و وزيرة الهجرة والمهجرين لديها ما يكفي من الملفات لتهتم بها، فخلط المهام سيعيد لنا تجربة أمينة بغداد ورئيسة لجنة النهوض بالمرأة بذات الوقت .. مراجعة الماضي القريب خير درس لتلافي الأخطاء.
مجالس ولجان تحت عناوين المرأة لا تمثلنا، فنحن شريحة كبيرة تحتاج أن يكون لها صوت و بصمة تنفيذية وزارية بمهام نسوية.