وفاء الفتلاوي تعددت الأسباب والموت واحد.. مسلسل درامي يعيشه العراقيون كل يوم عبر متتالية الازمات والتي بدأت بارتفاع نسبة البطالة والانقلاب على نظام السياسي بخروج تظاهرات كبرى اجتاحت اغلب مدن العراق ثم تلتها جائحة كورونا والتي مازالت تفتك بأرواح الآف المواطنين والانهيار في أسعار النفط الذي فجر أزمة أخرى وصلت لإستقطاعات الرواتب الحكومية. جميعها مواقف صعبة تمر بحياة العراقيين لكن أخطرها عودة الاغتيال والقتل الممنهج تحت مسمى {الجريمة المنظمة} والتي تقف خلفها عدة دوافع منها اقتصادية وسياسية واجتماعية بحسب مختصين وقادة أمنيين على مستوى المسؤولية. وبحسب الإحصائية غير الرسمية لمصادر أمنية التي اكدت عودة مسلسل الجريمة والاغتيال في العاصمة بغداد وعدد من المحافظات بشكل ملحوظ منها اقدام مجموعة مسلحة، على قتل امرأتين وسط الشارع شمال شرقي بغداد واغتيال مدني في منطقة الكرادة وقتل مدني آخر بهجوم مسلح في مدينة الصدر ومقتل شخصين وجرح آخر، وسط الناصرية وقتل صاحبة صالون تجميل للسيدات بعد تعرضها لطعنات بالسكاكين من قبل مجهولين وسط كربلاء في الأشهر والأسابيع القليلة الماضية. خبير أمني ربط تنامي الجريمة في مدن العراق مع الظاهرة السياسية للتأثير على صانع القرار السياسي، ويقول احمد الشريفي " علينا التركيز على مسألة مهمة لو ربطنا تنامي الجريمة مع ظاهرة سياسية دائما تحصل مثل هكذا أمور تحت مسمى الجريمة المنظمة ظاهرها جنائي لكن باطنها سياسي والغاية منها اما استهداف السلم الأهلي او خلق فوضى للتأثير على صانع القرار السياسي". وأضاف "لذلك نحن دائما نربط التوقيت، فالعمليات الإرهابية والي ما يطلق عليها بالخلايا النائمة هي لا تتحرك من فراغ بل تنتقي التوقيت والتوقيت دائما ما يحصل للتأثير كما قلنا على صانع القرار السياسي عبر أحداث اضطراب في المؤسسات وجميعها هي نتائج للجريمة المنظمة". الا ان وزارة الداخلية كان لها رأي آخر واعتبرت العراق حاله حال أي بلد آخر لا يخلو من الجريمة ورمت دفة الجرائم على القضايا الاجتماعية بحسب المتحدث الرسمي باسم الوزارة العقيد خالد المحنا الذي قال للفرات نيوز: "حصول جريمة قتل ونشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي لا يعني تنامي الجريمة في العراق وعلينا العودة الى الاحصائيات لتأكيد الامر". وأشار المحنا الى ان" العراق حاله حال أي بلد في العالم بوجود الجريمة رغم اننا نعتقد وجود بسائط بمعدلات الجريمة بشكل عام". فيما عزا أسباب ارتكاب الجرائم الى" زيادة معدلات العنف والظرف الذي يعيشه الشعب العراقي وانعكاسه على الحياة الاجتماعية سلباً، بالتالي الكثير من القضايا الاجتماعية مثل الانحلال الخلقي والتفكك الاسري جميعها تولد جرائم"، لافتا الى ان" غالبية الجرائم التي تحدث تكتشف بوقت قصير من قبل الداخلية". بدورها عللت منظمة مدنية أسباب عودة الجريمة المنظمة في مدن العراق نتيجة ازدياد معدل البطالة وارتفاع نسبة الفقر الى أكثر من 30% والعيب في العمل المؤسساتي. وقالت رئيسة منتدى الاعلاميات العراقيات د. نبراس المعموري: هناك عدة أسباب لعودة الجريمة المنظمة في العراق منها سياسية واقتصادية واجتماعية وإدارية لكن من وجهة نظري جاءت نتيجة لازدياد معدل البطالة والاخبار التي تناولتها وسائل الاعلام بشكل مشتت حول الاستقطاعات من رواتب الموظفين والمتقاعدين أضف الى ذلك فرض حظر التجوال". وأضافت" جميعها عوامل ضاغطة على تولد العنف"، متسائلة" هل استثمر وقت الحظر من قبل خلية الازمة الحكومية بإجراءات او قرارات لتهيئة المجتمع لممارسة حياته بشكل طبيعي؟، للأسف لا، لذا هناك الكثير من العوائل العراقية فقدت سبل المعيشة خلال الحظر الوقائي ناهيك عن اعداد الارامل والايتام وارتفاع نسبة الفقر الى 30% بحسب إحصائية وزارة التخطيط"، مؤكدة" تنامي الجريمة سببها الجانب الاقتصادي". ونوهت المعموري" نحن لا نعيب عمل القوات الأمنية لعودة الجريمة المنظمة بل نعيب بالعمل المؤسساتي فلو كان هناك عمل رصين ينظم دور القوات الأمنية في المدن العراقية لما تنامت الجريمة وذهبت أرواح الأبرياء؛ لذلك تصنيف العمل الامني يحتاج الى إعادة نظر"، مستدركة بالقول" الجريمة المنظمة حاضرة حتى قبل الحظر وجرائم القتل تحدث بالقرب من القوات الأمنية الا انها لا تحرك ساكنا كونها تخشى على نفسها بسبب عدم نفاد القانون والسلطة العشائرية، مؤكدة ان" العمل المؤسساتي الرصين على جميع المستويات لو كان حاضراً لما وصلنا الى ما نحن عليه الان من أزمات". واختتمت المعموري حديثها بالقول" الحكومة الجديدة امام تركة جدا ثقيلة مع مواجهة جائحة كورونا وتراجع في البنى التحتية والاقتصادية والمجتمعية والحياة الطبيعية؛ لذلك مشكلة العراق استثنائية تحتاج فعلا الى عمل مؤسساتي رصين يعيد ترتيب الأولويات ويعيد منهجية إعادة الشعور بالمواطنة". واعتبر القاضي عماد عبدالله الجريمة بحد ذاتها" أمر مرفوض من الناحية الاجتماعية والقانونية"، وقد وضع المشرع العقوبات المناسبة لها وذلك للحد منها وردع من تسول نفسه ارتكاب تلك الجرائم. وقال عبدالله ، يتخذ النشاط الإجرامي للجريمة المنظمة شكلا هرميا يقوم على أساس المستويات الوظيفية المتدرجة يتولى القائد السلطة والهيمنة على اتخاذ القرارات ويكون على افراد المجموعة اطاعته ويمتاز النشاط الإجرامي للمنظمة بالاستمرار حيث تأخذ المنظمة الاجرامية من ذلك النشاط الاجرامي مصدراً للحصول على الاموال الطائلة عن طريق العصابات الاجرامية المنظمة التي تستعمل العنف والارهاب لتحقيق اهدافها لذلك باتت تلك الجرائم محل رفض واستياء المجتمع الدولي ومن تلك الجرائم على سبيل المثال جرائم الاتجار بالرقيق والمتاجرة بالأشخاص لغرض الدعارة والاتجار بالمخدرات وجرائم الإرهاب وجرائم غسل الأموال. وبين، ان للجريمة المنظمة آثار خطيرة من الناحية الاقتصادية حيث تقوم تلك العصابات في كثير من الاحيان بالسيطرة على قطاع معين من القطاعات الاقتصادية في الدولة لتحقيق مكاسب مالية غير مشروعة او لغسل اموالها غير المشروعة من خلال ذلك القطاع الاقتصادي مما يؤثر على اقتصاد الدولة والتأثير على الدخل القومي لها كما لها تأثير من الناحية السياسية عبر التأثير على العملية الديمقراطية وتشويهها أما من الناحية الاجتماعية تؤدي الجريمة الى افساد المجتمع وضياع القيم الأخلاقية فيه بالإضافة الى اضعاف الاجهزة الامنية في مواجهة تلك الجريمة". وبين "تمتاز الجريمة المنظمة بجملة من الخصائص منها ان يكون عدد أفرادها اكثر من ثلاث أشخاص وتستخدم العنف فيها والهدف منها الحصول على الربح المادي كما تتسم بأنها جريمة عابرة للحدود الوطنية أي خارج الدولة لتتم ممارستها في أي اقليم او بلد آخر ومن الاسباب الرئيسية لظهور هذه الجريمة ضعف الأنظمة القانونية المطبقة في البلد ما يجعل الأشخاص يلجأون الى أخذ حقوقهم بالعنف وبالطرق غير القانونية وانهيار منظومة القيم الاخلاقية في المجتمع واتساع الهوة بين الطبقات في المجتمع والفساد المستشري في المجتمع وكذلك الحروب والتحولات العالمية. واحتل العراق المرتبة الثالثة أقل دول العالم سلاماً للعام الحالي 2020، وفق مؤشر السلام العالمي. وبحسب المؤشر العالمي، فأن افغانستان تصدرت دول العالم "الاقل سلاما"، تليها سوريا في المرتبة الثانية، ثم العراق ثالثا، في حين حلت دولة السودان في المرتبة الرابعة، تليها اليمن خامسا. أما دول العالم الاكثر سلاما، فقد تربعت على الصدارة ايسلندا، وفق المؤشر العالمي، الذي منح نيوزلندا المرتبة الثانية، والبرتغال المرتبة الثالثة ثم النمسا. فيما احتلت الدنمارك المرتبة الخامسة اكثر دول العالم سلاما، وفق مؤشر السلام العالمي.