علاء مجيد
لاشك ان أهمية المايسترو في الجوق السيمفوني ( Orchestra ) أهمية بالغة وضرورية وفقا لطبيعة الاعمال التي يتم قيادتها .. وفي بعض الأحيان لا يتطلب كثيرا وجود المايسترو فمن الممكن أن ينوب عن المايسترو العازف الأول في الأوركسترا والذي يطلق عليه كونسيرت ماستر ( Concertmaster ) وهو عازف الكمان الذي يجلس في المقعد الأول، وأحيانا يقود الأوركسترا عازف السولو لو كان العمل لآلة سولو .. لكني ارى ان أهمية القائد في موسيقانا العربية لاتقل شأنا في كثير من الأحيان عن أهميتها في الفرق الاوركسترالية .. واستغرب من بعض الذين يستهينوا بموسيقانا العربية وطريقة ادائها واسلوبيتها وإيقاعاتها ومقاماتها والتي تعتبر اكثر صعوبة وعمقا وتشعبأ .. بل راح البعض( يُسَفْه ) ويقلل من شان القائد في الموسيقى العربية وكأن الموسيقى العربية مجرد ميلودي بسيط يمكن أدائه دون اُسلوب ودون روح او دون طريقة او تعبير او اداء .. !!!
وان ذلك لايحتاج لقائدٍ ومرشدٍ لطريقة واسلوب العمل وطريقة ادائه وتوحيده .. وبالمناسبة فقد عملت شخصيا مع قادة سويديين مهمين ولهم اسمائهم المهمة في مضمار القيادة في العالم ونفذت معهم أعمالا كبيرة وعديدة ولاحظت ان ليس لهم اية معرفة او دراية بطبيعة موسيقانا ومقاماتنا وإيقاعاتنا وذلك بسبب تنوع موسيقانا وتنوع إيقاعتنا وصعوبة اداء موسيقانا لما لها من خصوصية تعبيرية وحسية ( وهذا ليس انتقاصا من قيمتهم الفنية الكبيرة ) لكن موسيقانا عريقة وعميقة وفيها آفاقا متشعبة وكبيرة ومهمة ..
عموما اود هنا وقبل ان أبدي برأيي ان أعرج على بعض السمات المهمة التي تمتاز بها موسيقانا والتي تميزها عن غيرها من موسيقى الشعوب :-
اولا : الديناميكية في الاداء الموسيقي والغنائي .. سيما في الموسيقى والغناء العراقي واليمني والمغرب العربي .
ثانيا : الخصوصيته التعبيرية في الموسيقى والغناء .
ثالثا : الخصوصية الحسية في الموسيقى والغناء .
رابعا : تعدد الأنغام والمسارات اللحنية في اللحن الواحد .
خامسا : تعدد الأجناس في النغم الواحد مما يجعل من كل نغم موسيقي متعدد الأشكال والمسارات
سادسا : الكم الكبير والهائل في الايقاعات الشرقية البسيطة والمركبة وتلويناتها في موسيقانا .
سابعا : خصوصية الاداء وتلويناته في كل مقام فيما يخص المقامات العراقية
( بالرغم من تشابه النغم ) فأحيانا يكون نفس النغم لكنه مقاما مختلفا في طريقة الاداء الحسي والتعبيري والمسار اللحني .. فلكل مقام له صفاته وشخصيته وبنائه الخاص بالرغم من تشابه النغم .
ثامنأ : للاطوار المحلية العراقية في الجنوب والفرات الأوسط سماتها وطبيعتها الخاصة ( بالرغم من تشابه النغم ) لكن هنالك اختلافا كبيرا في الشكل والاداء الحسي والتعبيري والمسار اللحني في كل طور … كذلك الحال في الأطوار المحلية الموجودة في كل بلد من بلداننا العربية تبعا لموقعه الجغرافي وطبيعته الاجتماعية والحسية والذوقية .
تاسعا : طبيعة الاَلات الموسيقية العربية وحدودها وطبيعتها اللحنية والحسية والتعبيرية .
لذا اعتقد هنا
اولا : ان على القائد الموسيقي للفرق العربية ان يكون مدركا وملمآ لكل تفاصيل تلك السمات في موسيقانا العربية والتي ذكرتها في اعلاه كي يتمكن من قيادة مثل تلك الاعمال واضافة بصمته الحسية والذوقية والتعبيرية على العمل الذي يقوده اثناء ( البروفة ) .. وعندها ليس بالضرورة ان يمارس دور القيادة اثناء العرض بإعتبار ان الفرقة قد ( أُشبِعت ) بملاحظاته ويمكن الاكتفاء بإشارة من احد عازفي الايقاع المتميزين في الفرقة لغرض تحديد سرعة العمل والتغييرات الإيقاعية ان وجدت بالاضافة الى قفلة العمل .. وفِي حالات اخرى يمكن الاكتفاء بإيمائة بسيطة من قبل احد العازفين المتميزين في الفرقة ويكون متفقا عليها مسبقا من قبل الجميع .
ثانيا : في حالة تنفيذ الاعمال الكبيرة والتي ينبغي وجود فرقة موسيقية كبيرة وكورال كبير .. فهنا يتوجب حتما ان يكون للمايسترو الدور المهم والرئيس في قيادة الفرقة الشرقية خلال البروفات وفِي العرض .
ثالثا : لاتوجد ضرورة للمايسترو في الفرق الموسيقية الصغيرة إلا في وقت التمرين .. فخلال التهيئة للعرض الفني تحتاج هذه الفرقة الصغيرة الى قائد يوجهها ويبدي ملاحظاته الحسية والتعبيرية من اجل ان يكون العمل منسجما ومتآلفا .
اخيرا .. لابد لي ان أقول ان اي عمل ( جماعي ) مهما كانت طبيعته موسيقيا / مسرحيا / سينمائيا .. الخ
ام غير فني ( لكنه جماعيا ) كأن يكون عسكريا / تربويا / علميا / اجتماعيا .. الخ ومهما كانت ( درجة بساطته ) فأنه يحتاج حتماااا الى قائد يقوده كي يوحِّد هدف مجموعته ويصل بهم الى الهدف المنشود بأجمل وأبهى صورة