هل لفايروس كورونا (COVID-19) ان يمنع التصويت على كابينة الكاظمي؟

د. حسين الاسدي

اجتاح فايروس كورونا (COVID-19) العالم بأسره حتى بلغت اعداد المصابين بالملايين والوفيات بعشرات الألوف هذا هو المعلن ولعل الواقع اسوء بكثير، كما وانه اثّر على اقتصاديات كبيرة كالولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا والصين، واما الدول النفطية فإنها لا تكاد تصحو من هول الصدّمة فالخسائر بمليارات الدولارات وحال مثل العراق الدولة ذات الاقتصاد الأحادي القطاع (mono-product economy) فلا شك ان تأثير الازمة كبير يصل حد الكارثة التي تهدد رغيف المواطن ومعاشه اليومي، وفي هذه الظروف الاستثنائية يشهد العراق ازمة سياسية خانقة قد تكرر لنا مشهد المكلفين السابقين، الاّ انه في هذه المرة قد نشهد مانعا إضافياً عن اكمال مهمة المكلف هو (COVID-19) فلو فرضنا انه اجتاز المكلف كل الاختناقات والعقبات الذاتية والموضوعية التي امامه، واستطاع ان يقنع الأطراف المختلفة عليه وعلى كابينته، فهل يمكن لمجلس النواب ان يجتمع للتصويت على الكابينة؟ ماذا عن فايروس كورونا أليس التعليمات الصحية تقضي بعدم التجمعات ولا يزيد عن افراد قليلة في مكان واحد؟ وخاصة ما نلاحظه من انتشار سريع للفايروس في أجواء التجمعات المغلقة، والزيادة الملحوظة في اعداد الإصابات، ومن هذا المنطلق يأتي التساؤل القانوني أيمكن لمجلس النواب ان يصوت دون الحضور الى قاعة البرلمان ويجتمع في جلسة بالشروط المعروفة؟

على الرغم من اننا نعتقد بضرورة التصويت الالكتروني داخل مجلس النواب لأسباب متعددة منها الدقة ومنها توفير الرأي الموافق والمعارض والمتحفظ ومنها تقليل ضغط قادة الكتل السياسية على أعضائها الا انه منذ العام 2016 ومجلس النواب تخلى عن التصويت الالكتروني مطلقاً، وذلك يعود للأحداث التي حصلت حينها واستمر الحال على التصويت اليدوي (رفع الايدي)، الا ان التساؤل اليوم ليس عن مشروعية التصويت الإلكتروني من عدمه وانما عن امر مختلف فهل يمكن التصويت خارج قبة البرلمان ودون الحضور الى المجلس؟ بمعنى انه مع عدم انعقاد الجلسة وحضور الأعضاء يتم التصويت؟

تساؤل لعله للوهلة الأولى يبدو غريباً ومع ذلك يمكن ان يطرح ضمن ظروف خاصة كالتي نعيشها الان.

ان الجواب بكل وضوح بالنفي فلا معنى للتصويت دون انعقاد جلسة وحضور الأعضاء واكتمال النصاب فيها وتوضيح ذلك كالآتي:

اولاً: مفهوم المجلس

بينت المادة (48) من الدستور العراقي النافذ ان السلطة التشريعية تتكون من مجلس النواب ومجلس الاتحاد.

ومن الواضح ان مفهوم المجلس يعني أعضاء وحضور ومكان يتجمعون فيه فاللغة والعرف والسياقات الدستورية يفهم منها ذلك وعدم اجتماع الأعضاء ضمن شروط محددة يخرج عن مفهوم المجلس بلا شك.

ثانياً: مفهوم الجلسة

جاءت المادة (53) (أولاتكون جلسات مجلس النواب علنية إلاإذا ارتأى لضرورةٍ خلاف ذلك.)

والمادة (59) (أولايتحقق نصاب انعقاد جلسات مجلسالنواب بحضور الأغلبية المطلقة لعدد أعضائه.)

فمع عدم الحضور لا معنى للجلسة وخاصة انها قيدت بمجموعة شروط، ولذا صار شرط الجلسة العلنية والحضور نصاً غير قابل للتأويل كما وان من شروطها الأغلبية المطلقة لعدد أعضاء مجلس النواب.

ثالثاً: مفهوم المحضر

جاءت المادة (53) (ثانياًتنشر محاضر الجلسات بالوسائلالتي يراها المجلس مناسبة.)

فلا معنى للمحضر دون الحضور في مجلس واحد يتم فيه طرح الآراء ومناقشتها والتصويت عليها بعد توفر شروط الجلسة كما جاء في المادة (53)، (59)

رابعاً: مفهوم الانعقاد

ذكرت المادة (54) (يدعو رئيس الجمهورية مجلس النوابللانعقاد بمرسوم جمهوري خلال خمسة عشر يوماً منتاريخ المصادقة على نتائج الانتخابات العامة، وتعقدالجلسة برئاسة أكبر الأعضاء سناً لانتخاب رئيس المجلسونائبيه، ولا يجوز التمديد لأكثر من المدة المـذكورة آنفاً.)وكذلك المادة (57) (لمجلس النواب دورة انعقاد سنوية بفصلينتشريعيين أمدهما ثمانية أشهر، يحدد النظام الداخليكيفية انعقادهما، ولا ينتهي فصل الانعقاد الذي تعرض فيهالموازنة العامة إلا بعد الموافقة عليها.)

والمادة (58) (ثانياًيتم تمديد الفصل التشريعي لدورة انعقادمجلس النواب بما لا يزيد على ثلاثين يوما، …)

والمادة (59) (أولايتحقق نصاب انعقاد جلسات مجلسالنواب بحضور الأغلبية المطلقة لعدد أعضائه.)

والمادة (63) (ثانياً: أ ـ يتمتع عضو مجلس النواب بالحصانةعما يدلي به من آراء في أثناء دورة الانعقاد ولا يتعرضللمقاضاة أمام المحاكم بشأن ذلك.)

وبينت المادة (73) ان رئيس الجمهورية يتولى الصلاحياتالآتية:

(رابعاًدعوة مجلس النواب المنتخب للانعقاد خلال مدة لاتتجاوز خمسة عشر يوما من تاريخ المصادقة على نتائجالانتخابات، وفي الحالات الأخرى المنصوص عليها فيالدستور.)

وجميع المواد السابقة لا تتحقق الا بالحضور في جلسة حتى يمكن ان يتم مفهوم الانعقاد لجلسات مجلس النواب.

خامساً: الحضور

بينت المادة (11) النظام الداخلي المنشور في الوقائع العراقية العدد 4499 في 16/7/2018على النائب اضافة الى ما يفرضه الدستوروالقوانين والنظام الداخلي الالتزام (أولاًعلى النائب التزامحضور جلسات المجلس ولجانه، وفي حال تكرار غيابالنائب من دون عـــذر مشـــــروع خمس مرات متتالية اوعشر مرات غير متتالية خلال الفصل التشريعي يوجهالرئيس له تنبيها خطياً يدعوه فيه الى الالتزام بالحضور.)

وهذا واضح في لزوم الحضور لجلسات مجلس النواب فلا معنى ان يجلس العضو في بيته ويقال انه حاضر جلسات مجلس النواب وهو يؤكد المفاهيم السابقة التي عرضناها.

فتبين ان التصويت بلا انعقاد جلسات مجلس النواب وكذلك والحضور فيها وبقية الشروط الأخرى لا معنى له وكل ما يقال انه يمكن التصويت خارج الجلسات فهو مجرد فرض لا سند قانوني له بحسب النصوص الدستورية والقانونية.

شاهد أيضاً

ازمة لبنان تعبر خطوط الإنذار

العاصمة بيروت تتعرض للقصف الجوي من العدوان الإسرائيلي ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى َوتهجير …

error: Content is protected !!