سعيد ياسين موسى
العراق بلد ديمقراطي دستوري بغض النظر عن التفاصيل ,وبعد 2003 برزت حرية الاعلام واطلاق الكثير من القنوات الفضائية والصحف ومحطات الاذاعة ,مع الثورة الاعلامية في تداول المعلومات من خلال منصات التواصل الاجتماعي الالكترونية,وصل الامر الى ان الجميع وبلا استثناء بامكاننا التواصل مع العالم بكل حرية ومع البيئة المباشرة وغير المباشرة ,بغض النظر ايضا عن دقة المعلومات من غير دقتها ,كما اصبح استخدام هذه المعلومات حسب مزاج او حاجة الجهة التي تستخدمها .
لا اريد الولوج بعيدا عن الأطر القانونية التي تنظم حق الاطلاع على المعلومات ,انها قصة طويلة في تحليل البيئة القانونية للعراق ,مع مراجعة وتحليل جميع التشريعات النافذة والملغاة ,وايضا قوانين المؤسسات العامة ومدى تلبيتها للمتطلبات ,وكذا شرائط القيود على تداول المعلومات ومدى تلبيتها للمعايير الدستورية والدولية,وصولا الى المباح وغير المباح من المعلومات وكيفية ادارة هذه المعلومات بشكل الذي ان تكون هذه المعلومات تساعد على الاستقرار المجتمعي بل وصولا لصناعة وتشكيل رأي عام متنور مزود بالمعلومات الدقيقة والصحية كأخبار دون التحليل,ولغياب الاطار القانوني الذي ينظم تداول المعلومات لابد من وضع اسس لادارة المعلومات.
الدستور العراقي يؤكد على ان الشعب مصدر السلطات ونظم الاليات ولابد لمصدر السلطات الاطلاع على معلومات دقيقة وفق قيود محددة , في الباب الثاني الحقوق والحريات أشار الدستور وبكل مضامينه على الاطلاع على المعلومات.
دوليا ووفق الاتفاقية الدولية لحقوق الانسان وفي المادة “19” يؤكد على هذا الحق وينظمه وفق معايير واليات ايضا, وكذا اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد المادة “10” ابلاغ الناس والمادة “13” مشاركة المجتمع والتي تؤكد على الشفافية في الاداء العام.
ولغياب الاطار القانوني لحق الاطلاع على المعلومات في العراق,كيف للجمهور والمؤسسات الاعلامية ادارة وتداول المعلومات؟,لا سيما في زمن الازمات.
للعراق تجربة فريدة وكبيرة حكومة وشعب في محاربة الارهاب ودحره وهزيمته خصوصا للفترة 2014-2017 من خلال خلية الاعلام الامني ,كانت تجربة مهمة في شفافية تداول المعلومات ومتعددة الاطراف ,لان الخطر استهدف الحياة والدولة والنظام السياسي.
وبمراجعة سريعة لهيكلية الاعلام في العراق كتحليل للبيئة,لدينا:
- اعلام الدولة ,شبكة الاعلام العراقية.
- الاعلام الحكومي لمؤسسات الدولة كافة.
- الاعلام السياسي “اعلام الاحزاب والاطراف السياسية”.
- الاعلام المجتمعي ,”مؤسسات المجتمع المدني”.
- الاعلام المستقل.صحف ومواقع الكترونية.
- الاعلام الشعبي الالكتروني في مواقع التواصل الاجتماعي.
كما نلاحظ انه اعلام متعدد ولكل خطاب محدد ,لابد البحث في نقطة التقاء بينها ,مع ضرورة بروز جهة لقيادة الرأي العام على الاقل في زمن الازمات والكوارث والاوبئة.
وفق المعايير الدولية, هنالك قيود على تداول المعلومات ومنها: - الاقتصادية .
- الأمن الوطني بكل محاوره.
- المعلومات الامنية والعسكرية والاستخبارية والتحقيقات الجنائية لحين الانتهاء منها.
- المعلومات في زمن الاوبئة والكورث.
- المعلومات الشخصية للافراد واحترام الخصوصية وحمايتها,مقيدة بقرار قضائي.
وهنالك ايضا مفهومين دون الولوج بالتفاصيل المملة ,معلومات واجبة النشر ومعلومات غير واجبة النشر,هنا اركز على “المعلومات واجبة النشر” ,والتي تهم الجمهور المتلقي والمعلومات القطاعية كتخصص المؤسسات والجمهور المستفيد,والاعلام العام وتداول المعلومات التي تخص الجمهور العام.
كنقطة انطلاق لابد من اعتماد الدولة ومؤسساتها على “سياسة عامة في الافصاح عن المعلومات”, مع اعتماد اليات لـ “ابلاغ الجمهور” المستفيد.
في زمن الازمات لابد من وجود اعلام قائد يتحمل مسؤولية ارفاد الجمهور بالمعلومات من خلال المؤسسات الاعلامية بشكل مباشر وغير مباشر,وهذه تقع المسؤولية على الاعلام الحكومي,لان الحكومة صاحبة القرار والرؤية الشاملة والمتكاملة لحل الازمات وحفظ الارواح والمصالح العامة و مسؤولة عن صناعة رأي عام موحد نسبيا لمواجهة المخاطر والاوبئة والكوارث وقائدة للرأي العام .
واليوم وكنموذج لما نعيشه في مجالدة ومقاومة ومحاربة فايروس كورونا المستجد,هنالك كم هائل من المعلومات المتداولة عالميا ومحليا,كما عدد كبير من المتحدثين حول العام من الاختصاصيين وقادة الراي العام ومسؤولين حكوميين وسياسيين,ومحليا متحدثين رسميين كاعلام حكومي وسياسيين,وغير رسميين جزء منهم متخصص واخر مع الاسف غير متخصص ,مع اعتماد رسائل لتحصين الجمهور ,وهذا من الممكن السيطرة عليها ,يبقى لدينا الاعلام الالكتروني العام وما تتداول فيها من معلومات واخبار جزء منها تساعد على تحصين الرأي العام ومنها معلومات فقيرة وحسب مزاج الكاتب والناشر بغض النظر عن التخصص من عدمه,مفردة استمرارية الحياة تخص الجمهور العام بلا استثناء, لذا دور الجمهور محوري واساسي لبث معلومات اجراءات الوقاية والتحصين من الوباء,ولكن جمهور بلا معلومات رصينة لا يمكن اداء دوره التكاملي مع المؤسسات.
الشفافية والتعددية في تداول ادارة المعلومات ,ضرورة مؤكدة لأنها شأن عام مع مركزية اجراءات الدولة والجهة القطاعية, عليه من المؤكد اعتماد سياسة طارئة في الادارة في العمل التكاملي, لابد من تقسيم المعلومات الى التالي كحد ادنى: - معلومات الوقاية.
- معلومات الاجراءات المتخذة والواجب اتخاذها.
- معلومات مراكز المراجعة والايواء للمصابين.
- معلومات الجهات الوطنية الساندة.
- معلومات الجهات الدولية الساندة.
- معلومات الحركة.
- معلومات التجهيز بالمعقمات ومعدات الوقاية والغذاء .
- معلومات الادارة المالية.
- معلومات المهام والمسؤوليات.
- معلومات الردع والمحاسبة.
- مركزية المعلومات .
وغيرها من المعلومات والتي تنتج زرع الثقة بالاجراءت المتخذة ,مما يضع الجمهور والافراد جزء من القرار بل حتى صناعة القرار كتغذية راجعة من خلال تواصل خلية قيادة الازمة مع الجمهور بشكل متواصل.
واود ان اؤشر الى ان اعلام قطاع الصحة مازال في اطار روتيني وظيفي غير فاعل بالرغم ما يبذلونها من جهود مشكورة,وقطاع الصحة يحتاج الى اعلام احترافي يدرس البيئة الاجتماعية بشكل دقيق وتكوين وتصميم رسائل مفهومة وواضحة تزرع الثقة في المجتمع.
قبل يومين تم تشكيل خلية للاعلام الصحي وهي بادرة نوعية تعيد بنا الذاكرة بخلية الاعلام الامني ,عليها ان تكون خلية متعددة الاطراف لتحقيق انسيابية في يث المعلومات للجمهور المتلقي لتعزيز الثقة بالاجراءات العامة.
واود التأكيد على اظهار صور النجاحات الكبيرة للكادر الطبي المجالد وخط الصد الاول ,ووضعهم محل الدعم والرعاية والحماية والتكريم,مع تقديمهم وتعريفهم للجمهور.
لم اتحدث عن جهود مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الدينية والافراد المتطوعين ,لان الجهود المبذولة لا يمكن وصفها والثناء عليها ,وان هذه الجهود هي انعكاس لسلوك واخلاقيات المجتمع العراقي الاصيل المعروف عبر التاريخ الحضاري في التكافل الاجتماعي واغاثة المظلومين والمحتاجين.
حمى الله العراق وشعب العراق وسائر الانسانية من شر الاوبئة والكوارث.
الرحمة والرضوان لجميع ضحايا الوباء والصبر والسلوان لذويهم ولنا جميعا ,وحياة هانئة لجميع اهلي العراقيين الطيبين ولجميع اخوة الانسانية على البسيطة.