صوتها: تحقيقات و تقارير
د. هتاو حمة صالح حسين
سئلت احدى قريباتي (س.ع) لماذا بناتك الاربعة صرن معلمات؟ لماذا التدريس فقط؟ فاجابت، هناك جملة اسباب، ان التدريس هو انسب للمراة، وان دوامها اقل مقارنة بالوظائف الاخرى وان لديها 3-4 اشهر عطلة، وانها لا تختلط بالرجال كثيرا ما نسمع هذه العبارة وفي اكثر من اسرة، وكأن المجتمع لما سمح للمراة ان تخرج للعمل، حدد لها مهن معينة، وقد تبين من خلال البيانات التي اجمعتها وزارة التخطيط، الجهاز المركزى للإحصاء لسنة 2018، أن المجتمع العراقي يفضل مهنة التدريس للنساء من بين المهن الأخرى.
ان نسب الموظفات غير متوازنة في التخصصات المهنية المختلفة، فهناك عدد ضخم من النساء في التربية، %72 من مجموع الموظفات العراقيات يعملن في الوزارة التربية، وما بقي فقط هي %28 من االنساء الموظفات يعملن في كافة الوزارات الحكومية الاخرى !!
وجود هذا العدد ضخم من الموظفات في وزارة التربية يدل على التدني الشديد في نسبة النساء الموظفات في الوزارات الاخرى ، فمثلا وزارة الداخلية و وزارة النفط لا تتجاوز نسبة النساء فيهم العشر، وهذا يعني أنه لكل 25 امرأة تعمل في وزارة التعليم، هناك امرأة واحدة فقط تعمل في وزارة الداخلية.
تبلغ نسبة توظيف الإناث اكثر من النصف في وزارة التعليم وحوالي النصف في التعليم العالي، تدل هذه الاحصائيات ان هناك اسباب معينة جعلت الاغلبية الساحقة من النساء العراقيات يعملن في قطاع التدريس. هناك سببان رئيسيان تكمن وراء هذا العدد، الاول ان المجتمع العراقي بصورة عامة يفضل مهنة التدريس، لانه ملائم مع العمل البيتي للمراة وهو الاقرب من العمل النمطي للمراة مثلا تربية الاولاد. وثانيا، من الواضح ان الحكومة العراقية من خلال الخطة التعليمية في العقود الماضية شجعت مهنة التدريس للبنات، حيث فتحت المعاهد ودور المعلمات التى تخرج الاف المعلمات سنويا، وكانت نسبة قبول البنات كانت فيهم كبيرة جدا ومدة الدراسة في المعاهد قليلة، باختصار كانت مهنة التدريس هي الاسهل من بين المهن الاخرى.
عدد موظفي الوزارات حسب الجنس لعام 2015
لا تزال اعداد النساء في المؤسسات العراقية ضئيلة اذ تبلغ النسبة الاجمالية للنساء ثلث نسبة الرجال في الوزارات العراقية وهي %28 تقريبا، وهذا يعني أنه لكل 25 رجل موظف هناك 7 امرأة موظفة فقط وھذا يعتبر مؤشر غير جيد لان مفھوم النوع الاجتماعي يسعى الى تحقيق التكافؤ بين الجنسين في جميع وزارات الدولة واعطاء فرص متساوية للعمل بين الجنسين.
نسبة المراة في المناصب الإدارية ضئيلة، والفجوة بين النساء والرجال كبيرة
ومن خلال عملي كأستاذة في الجامعة وكصحفية، تبادلنا النقاش مع احدى صديقاتي حول احتمالية تنصيب امراة كرئيسة لاحدى الجامعات، وتفاجأت لموقف صديقتي الاستاذة الجامعية لما قالت وبكل حماس “انها تفشل لا محالة” وانا كمدافعة لحقوق المراة قلت ، لماذا؟ قالت لانها امراة!! انها لا تستطيع ان تدير هذه الجامعة!!
ورغم ان وزارتي التربية والمالية وصلوا الى التوازن الجندري من حيث العدد، لكنهم لم ينجحوا في اعطاء الفرص للمراة في المناصب الإدارية!! وتشير البيانات الصادرة من وزارة التخطيط العراقية لسنة 2018 ان هناك امراة واحدة كمدير عام مقابل 9 من الرجال ونفس الشيء بالنسبة لمعاون مدير عام، اذن أن النسبة الاجمالية للمراة في الإدارة في وزارة التربية هي اقل من 10%.
وفي مقابلة مع أمل جلال عضوة المجلس الاعلى لشؤون المرأة في حكومة اقليم كوردستان العراق حول اهم الاسباب التي ادت الى عدم وصول المراة الى المناصب الادارية العليا، اجابت: ان معظم الاسباب مرتبطة بطبيعة المجتمع العراقي ونظرته لدور المرأة بشكل اساسي و الفروق في درجة الكفاءة بين النساء والرجال والتأهيل والتعليم.
ولكي نحسن حالة التوازن الجندري في العراق لابد ان نبدا بحلول عملية وتطبيقات داخل الوزارات، ولابد للحكومة العراقية ان تضمن حق المراة في الادارات لدى كتابة الدستور، اسوة بما تحقق من حق مشاركة المراة في البرلمان بالنسبة %25.
ثانيا، علينا ان نبدا من الان بتاهيل المراة و ومشاركتها في دورات تدريبية تؤهلها لاستلام تلك المهام. واضافت أمل لابد ان تحدد الدولة نسبة معينة في توظبف المراة في القطاع الحكومي والخاص، لانه حسب قانون العمل، ممكن ان نشترط على الشركات والهيئات ان يراعوا حق النساء في التوظيف.
اما بيان نوري، الوزيرة السابقة لشؤون المراة في العراق، فقالت ان عدم وصول المراة الى المناصب الادارية بسبب ضعف الخبرات والكفاءات، وان اغلب النساء ليس لديهن الرغبة في تولى المناصب الادارية.
في وزارة التعليم العالي وصلت النسبة الى التوازن الجندري و بلغ النصف في توزيع الادارات، اما وزارة الداخلية فهي الاسوا في التوظيف والإدارة العليا للنساء، وبعدها كل من الصحة والشباب والهجرة، اذ لم ينجحوا في التوازن الجندرى في الإدارة لكن النساء لهم نسبة حوالي %30 في التوظيف.
وقد عمل مجلس القضاء الاعلى والتخطيط بشكل جيد على قضية تنصيب المراة كمدير عام وان النسبة هي حوالي النصف وتعد مؤشر جيد لصالح النساء. وان كل من وزارة التعليم العالي والقضاء والبنك المركزي والعدل عملوا على تنصيب المراة كمعاون مدير عام بشكل ممتاز، ففي هذه الوزارات نسبة المراة كمعاون هي اكثر من النصف، وخاصة وزارة التعليم العالي عملت كثيرا على هذا النحو حيث تفوق نسبة النساء فيها ضعفي نسبة الرجل وهي 75%.
على عكس ذلك، في بعض الوزارات العراقية نسبة النساء كمدير عام أو كمعاون مدير عام معدومة، على سبيل المثال وزارة الھجرة ، مجلس الوزراء، الداخلية ، ديوان وقف السني، ديوان وقف الشيعي، المفوضية العليا، التعليم العالي، الصحة، الشباب والرياضة نسبة النساء كمدير العام فيهم معدومة. وكذلك بالنسبة للمراة كمعاون مدير العام فان وزارة الصناعة، البيئة، النفط، الداخلية، الصحة، هيئة النزاهة اهملوا تنصيب المراة وانه ليس لديهم المراة كمعاون مدير العام.
حسب عدد الموظفين لكلا الجنسين هناك تكافؤ في الفرص للتدريب في الوزارات العراقية وأيضا لوحظ أرتفاع في التحصيل العلمي للنساء الموظفات، ويعتبر التدريب عملية مهمة لتعزيز العمل بمبدأ النوع الاجتماعي و للنھوض بالمرأة وذلك من خلال رفع زيادة المھارات وصقل الخبرات ورفع مستوى الأداء لدى المراة. حسب بيانات الجھاز المركزي للإحصاء لوزارة التخطيط لسنة 2018، ان نسبة النساء الموظفات اللواتي حضرن المؤتمرات والدورات الخارجية هي اقل من ثلث من نسبة الرجال، يعني لكل 3 من النساء هناك 7 رجال. ولكن من المجموع الكلي للموظفين في الوزارات شارك الرجال بالنسبة 10 % تقريباً، ومن مجموع الكلي للموظفات للدورات الداخلية شارك النساء بالنسبة 11 % تقريباً. بالرغم من قلة مشاركة النساء في المجال الوظيفي الا ان الفجوة بين الجنسين تميل لصالح النساء، اما بالنسبة للدورات الخارجية بلغت نسبة مشاركة الموظفين من الرجال والنساء1% من المجموع الكلي لكل منھما وھنا نجد وجود تكافؤ في الفرص لكلا الجنسين .
اما بانسبة الى المستوى التعليمي للنساء هناك أرتفاع عدد النساء الموظفات في المستوى التعليمي للدبلوم والبكالوريوس حيث بلغت نسبة النساء الحاصلات على شھادة البكالوريوس في جميع الوزارات العراقية الى اكثر من %40.
وبعد عملية الاستطلاع التي قام بها الجھاز المركزي للإحصاء لوزارة التخطيط على بيانات الوزارات تبين ان التحصيل العلمي لدى الرجال اكبر من النساء، وانهم يشكلون ضعفي نسبة النساء تقريبا. ولكن عند دراسة التوزيع النسبي للمستوى التعليمي نلاحظ نسب العاملين من الرجال الاميين وفئة يقرا ويكتب وذوي الشهادة الابتدائية في الوزارات العراقية هي اكثر من النساء وهي %11 تقريبا، بينما يرتفع عدد النساء في المستوى التعليمي للدبلوم والبكالوريوس حيث بلغت نسبة النساء الحاصلات على شھادة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه هي %40 تقريبا ضمن كل الوزارات.
لكن بالرغم ان التحصيل العلمي لدى الرجال لايزال اكبر من النساء، نجد النساء حاصلات على شھادة البكالوريوس في تحسن ضمن كل الوزارات والهيئات وهي %41، وذلك يعني من حيث التحصيل العلمي، من كل 3 رجال 2 من النساء داخل كل الوزارات والهيئات متاهلة تعليميا لتولي المناصب الإدارية العليا في العراق، مما يعد مؤشرا جيدا لصالح النساء. وعلاوة على ذلك ان نسبة الموظفات الحاصلات على شهادات البكالوريوس والدبلوم فيهم اكثر من النصف في بعض الوزارات مثل البنك المركزي، الاعمار والاسكان، التربية، المالية، التعليم، وهذا يعني ان المراة مؤهلة اكثر في هذه الوزرات، و ان النساء لديهن قابلية للوصول الى المراكز الإدارية العليا في العراق.
ما الذي يمكن فعله لتحقيق التوازن الجندري في الوزارات العراقية؟
لكي تتحقق المساواة بين الجنسين في الوزارات والهيئات تحتاج الحكومة الى توظيف حوالي مليون امرأة ضمن كل الوزارات العراقية وللوصول الى التوازن الجندرى تحتاج الوزارات الى تنصيب 855 امراة في المناصب الادارية العليا.
ان نسبة المراة في الإدارات العليا هي %12 تقريبا يعنى تحظى المراة ب 12 منصب ادارى فقط مقابل 88 منصب للرجل. ولكي تتحقق المساواة بين الجنسين في الوزارات والهيئات تحتاج الحكومة العراقية ان تعين 855 امراة في المناصب الادارية العليا. بعنى اخر يتعين على الحكومة ان تزيد عدد النساء في المناصب الإدارية من 128 الى 983 والتي هي عدد المناصب الإدارية للرجال. وان الوزارات التي سيتعين عليها توظيف النساء اكثر في المناصب الإدارية العليا هي وزارة الھجرة ، مجلس الوزراء، الداخلية، ديوان وقف السني، ديوان الوقف الشيعي، المفوضية العليا، التعليم العالي، الصحة، الشباب والرياضة لان نسبة النساء كمدير عام او كمعاون مدير عام فيهم معدومة.
من الممكن القول ان هناك ثلاثة اوجه يمكن ان تزيد احتمالية وصول المراة الى المناصب الإدارية العليا وهي العدد و اتاحة الفرصة وارتفاع المستوى العلمي للمراة في الوزارات.
اولا، من حيث العدد، فان هناك بعض الوزارات مثل وزارة التربية والمالية احتمالية توظيف النساء في الإدارة العليا اكثر لان نسبة النساء فيهم اكثر من الرجال، بينما في وزارتي الداخلية والتخطيط نسبة توظيف النساء لديهم ضئيلة لان النساء من ذوي الشهادات العليا اقل من العشر.
وثانيا من حيث المستوى العلمي، من المرجح أن تحصل المرأة على وظيفة الإدارة العليا أكثر في خمس وزارات وهي البنك المركزي، والاعمار والاسكان، والتربية، والمالية، والتعليم، لان النساء يشكلن اكثر من النصف، و خاصة ان العدد مرتفع جدا في البنك المركزى والاعمار. بينما إمكانية الوصول الى الإدارة العليا في وزارتي الداخلية والنفط، ضئيلة جدا.
ثالثا، بالنسبة لاتاحة الفرصة للنساء للتوظيف في الإدارات العليا، ان مجلس القضاء الأعلى والتعليم لديهم فرصة اكبر للمراة وهي اكبر من نصف وهي %63 و %50 على التوالي وهذا يدل على إمكانية توظيف المراة اكثر، وعلى عكس ذلك فان الداخلية والصحة لم يعطوا اية فرصة للنساء.