هادي جلو مرعي
كل عراقي يمكن الجزم بأنه لايفكر في بكرى، أو قد يفكر من غير حماس، ويتجاهل الآمال والطموحات والأحلام. مكتفيا بالتفكير في بكرى لأنه يوم لابد يأتي ليعيشه كغيره من الأيام، شبيها باليوم الذي سبقه.
الطريف إن أيام العراقيين متشابهة، سواء الماضية، أو التي تليها. يقول الإمام علي: من تساوى يوماه فهو مغبون. فكيف من تشابه عاماه، وتشابهت أيامه كلها، بل ايام السنة كلها، بل العمر كله، حتى قيل: إن العراقي هو الوحيد الذي لايندم حين موته لأنه لايترك برحيله ما يندم عليه في الدنيا، ولامايستحق أن يعيش لأجله.
في العراق تبدو سلوكيات الناس صادمة، وصحيح إنهم يبحثون عن الخلاص والتغيير، ولكن فاتنا أن سلوكتا الجمعي صادم. فالإبتعاد عن القيم والأخلاق والتقاليد الطيبة أوهن المجتمع، وحولته الى غابة، فالحروب والحصارات واليتم والفقر والبطالة والإنفلات الأخلاقي، وإستخدام الدين بطريقة سيئة أنتجت جيلا غير مؤمن بشيء، ويرغب بالتمرد والمشاكسة، وفعل ماهو غير مألوف وصادم بفعل التغيرات الفكرية والنفسية، والإنفعال الوجداني، وهذا الجيل يقرر الخروج عن المحددات، والذهاب بإتجاه تغيير الأوضاع غير المواتية، والتي إنعكست سلبا على المجتمع برمته، ودفعته في سبيل تحقيق الغايات الى متاهة لم يعد قادرا على الخروج منها، ويظل يلف ويلف دون خلاص.
لماذا يفكر الإنسان في بكرى طالما إنه لايأمل في النجاح، وتحقيق الرغبات والآمال، هو يأكل لأنه يجب أن يأكل، ويشرب لأنه يجب أن يشرب، ويمارس الجنس لأنه يجب أن يمارس الجنس، ولكنه لايشعر بالسعادة، لأن عناصر وجودها في نفسه غير متوفرة، ولايمكن أن تتوفر تلك الشروط في بلد يلتذ ابناؤه بقتل أسباب سعادتهم.