رحب أكاديميون مختصون بالاقتصاد بالتوجه نحو دعم المنتج المحلي لما فيه من تنمية للاقتصاد الوطني وتوفير فرص عمل واسعة الى جانب وقف تدهور العملة، واشروا في احاديثهم الخطوات العملية التي يجب ان تتبعها الحكومة لانجاح مشروعها في دعم المنتجات المحلية.وقال الاستاذ الدكتور باسل عباس : إن “على الحكومة العراقية وضع استراتيجيات وخطط مستقبلية مبنية بشكل علمي في مجال تشجيع ودعم الإنتاج المحلي ليأخذ دوره التدريجي في الإحلال بدلا من الاستيراد “، داعيا الى “أهمية تأسيس مجلس المنتجين ويتألف من مجلس إدارة يتم اختيار أعضائه من القطاعات الزراعية والصناعية والتجارية كافة ، ومهامه إدامة الصلة بين المنتج والمصدر والجهة المانحة للدعم ، بالإضافة إلى تذليل ما يمكن من الصعوبات التي تواجه المصدرين والمطالبة بتقديم جميع التسهيلات التي من شأنها تطوير عملية الإنتاج وحصول المصدر على مستحقاته من الدعم”.واضاف أن ” المجلس سيتولى مهمة حث القطاع الخاص والمختلط على التصدير بعد تغطية الاحتياجات المحلية من خلال رفع القيود المفروضة على التصدير بالسماح لهم بتصدير المواد غير المسموح بتصديرها سابقاً “،مبينا أنه ” من الضروري العمل على تخفيض رسوم خدمات الموانئ على الصادرات عن النسبة الحالية وتخصيص أراض زراعية أو صناعية للمنتجين الفعليين والمصدرين بدون بدل أو ببدل رمزي في حالة التعهد باستخدام ما خصص لهم للأغراض الإنتاجية والتصدير فقط ، وحصر الاستيراد بالجهات المخولة رسمياً بالاستيراد وإصدار تشريع يتضمن حظر الاستيراد للأفراد والمنظمات والجمعيات والشركات غير المتخصصة بالاستيراد إلا إذا كان الاستيراد للاستخدامات التي تنص عليها التشريعات النافذة”.وطالب عباس “بفرض غرامات على أي استيراد خارج الضوابط ومصادرة مواده وتكون المنافذ التي دخلت منها البضائع المستوردة خارج الضوابط والتعليمات مسؤولة قانونيا عن التقصير عند ثبوت التعامل مع المتورطين بهذه الأفعال قضائيا على وفق النصوص التي تعالج جرائم التخريب الاقتصادي ، وان التعامل مع المقصرين والمتواطئين في قضايا الاستيراد من الموظفين الحكوميين او من المتعاقدين من الشركات الفاحصة او غيرها من شأنه أن ينشأ حازما ومؤثرا لمنع دخول البضائع المنتجة محليا خارج السياقات بما يطمئن المنتج المحلي ويحفظ ثروات البلاد من الضياع “.من جهته قال الاستاذ الدكتور عبد الكريم جابر :إن “السوق المحلية افتقدت الكثير من المنتجات الوطنية، والمصانع الموجودة لم تعد تلبي حاجة السوق من حيث الكمية او الجودة، فالسلع المستوردة أصبحت اكثر وفرة واقل كلفة من المنتج المحلي، ومع هذا التدهور، كانت هناك عدة محاولات لانعاش مشاريع الصناعة والزراعة، من خلال منح القروض، وتوفير بعض من أنواع الدعم، الا انها كانت خجولة، وغير قادرة على احداث نقلة نوعية في انتاج تلك المشاريع بالاضافة الى ان الانظمة والقوانين الجمركية الحالية لم تسهم في الحد من ظاهرة الاغراق التجاري مما أحدث بالغ الضرر بالانشطة الانتاجية الوطنية وأضعف من قدرة المنتج المحلي على المنافسة” .واضاف ،ان “سياسة الحماية يمكن ان تؤدي دورا للحد من ظاهرة الاغراق وستوفر البيئة ً المناسبة للقطاعات الاقتصادية، الصناعية والزراعية من العمل بطريقة توسع الطاقة الانتاجة، وبالتالي تخفض تكاليف الانتاج، مما يسهم في استيعاب اعداد متزايدة من القوى العاملة، وخفض نسبة البطالة، وكذلك في تحقيق الهدف الاساس وهو القدرة على منافسة المنتجات الاجنبية المستوردة”.ودعا الاستاذ في جامعة القادسية ،الى” تحقيق قدرات اكبر في توظيف الاموال للاستثمار القطاع الزراعي لانه من أفضل الاستثمارات المولدة للمنافع الاقتصادية،لانعكاسها ايجابا في دعم الاستقرار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي”،لافتا الى ان ” توفير حماية جمركية فعالة وتحقيق هدف المنتج المحلي،يجب ان تكون بالقدر والمستوى الذي يلغي فرق السعر بين السلعتين المحلية والاجنبية، حتى لا تكون السلعة الاجنبية مفضلة من حيث السعر على السلعة المحلية، أي ان الرسم الجمركي يجب ان يكفي لتغطية تكلفة انتاج السلعة المحلية، ويمكن من تصريف الانتاج المحلي وتحقيق الارباح”.وفي هذا الصدد يشير الاستاذ م.حيدر كاظم الى ،ان “بسط الحكومة الاتحادية سيطرتها على كافة المنافذ الحدودية، واختيار العناصر الكفؤة والنزيهة في إدارة هذه المنافذ، سيشجع على تطبيق التعريفة الجمركية على جميع السلع وتنظيم دخولها الى العراق، وهو ما يزيد فرص توفير الحماية للمنتجات العراقية، خاصة مع صدور قانون هيئة المنافذ الحدودية رقم )30 )لسنة 2016 ،والذي نظم عمل المنافذ الحدودية في العراق مما يسهم في تحقيق الامن الوطني، وفي توثيق حجم التبادل التجاري الحقيقي مع الدول الاخرى، بما يدفع الى معرفة حجم الواردات ولا سيما في القطاع الخاص كما يساهم أيضا في التقليل من فرص التهرب الجمركي والتلاعب بقيم وكميات والسلع”.شدد على ضرورة ،ان “يتزامن تطبيق القوانين الحمائية للمنتج المحلي، جملة من الاجراءات والتي تشمل تهيئة البنية التحتية للقطاعات الاقتصادية من النواحي المادية والفنية والتكنلوجية، وإعادة هيكلة المنشأة الانتاجية في القطاع العام وضمن القطاع الخاص، ولهذا فان فرض الرسوم الجمركية لوحدها لايكفي لجعل المنتج المحلي في وضع يمكنه من الاستفادة القصوى والفعالة من الرسوم”،مؤكدا على ضرورة ،ان ” يرافق تطبيق القوانين جملة من الاجراءات التي تخدم الانتاج المحلي من خلال تقديم خدمات للقطاعات الانتاجية كي تستطيع الحماية لعب دور المحرك لعجلة النشاط الاقتصادي”.واوضح كاظم ،ان ” برامج الدعم التي تقوم بها الحكومة بين فترة وأخرى، وخاصة ما يتعلق بتوفير القروض الميسرة للمشاريع الاقتصادية المختلفة ليست كافية ما لم تكن هناك مجموعة من الاجراءات والتدابير التي تعقب تلك البرامج لتشجيع الانتاج المحلية وتوفير التسويق الداخلي والخارجي”.يذكر ،ان الانفتاح الاقتصادي الذي شهده العراق بعد العام 2003 ، رافقه الكثير من السلبيات ذات التأثير المباشر على القطاعات الاقتصادية، اذ شهدت الأسواق المحلية دخول مختلف أنواع السلع الاجنبية، مستفيدة من ضعف الانظمة والقوانين الجمركية التي تنظم دخول هذه السلع، رافق ذلك ايضا إلاهمال وارتفاع تكاليف صيانة وادامة المنشآت الصناعية، وعدم مواكبتها للتطور الصناعي العالمي، مما جعل المنتجات الاجنبية هي المتسيدة في الاسواق المحلية، الامر الذي أدى الى ضعف مساهمة القطاعات الانتاجية في توفير المنتجات، واستيعاب القوى العاملة ،وادى الى اضعاف الاقتصاد والتحكم بالامن الغذائي من قبل جهات خارجية ما يتطلب الاعتماد على المنتج المحلي ودعمه خصوصا وان العراق يمتلك الارضية الخصبة ومقومات الانتاج سواء الزراعي والصناعي والاستخراجي.
شاهد أيضاً
ازمة لبنان تعبر خطوط الإنذار
العاصمة بيروت تتعرض للقصف الجوي من العدوان الإسرائيلي ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى َوتهجير …