اسماء محمد مصطفى
أنت تحب بأقصى طاقات الروح .. يغمرك طوفان من شوق وحنين خارج نطاق سيطرتك .. تتبدل طقوس نفسك العاقلة بأخرى تحيلك الى مشفى المجانين ـ ردهة القلوب الكسيرة .. وتجد روحك تمضي الى أعماق طفولة حاضرة ، فيتبلد عقلك قليلا بنثار البراءة ..
أنت تحب من أقصاك الى أقصاك ، وتتقرح أنامل الأمنيات فيك ، وهي تحفر في صخرة العناد ، وتبقي اللهفة عينيك على قيد النظر .. والحلم ..
أنت تحب حتى تظن في كل لحظة وداع صغيرة أنّ روحك تتكسر ، وقلبك يتفتت حتى يتطاير نثارا في فضاء الفراقات ..
أنت تحب ، نبض قلبك ماعاد علامة لبقائك بعيدا عن سكرات الموت .. نبضك فأس يدق في جدار وجودك ، يحفر روحك حتى ينهيك على دفعات .. فلاتعود تقوى على أن تحيا كما يفعل الآخرون ..
أنت تحب حتى الموت ، قبل الحياة ، حد الاندماج مع روح الآخر .. حد نسيان المرآة أن تريك وجهك ، إذ تتآمر مع وجهه ضدك ..
أنت تحب ، وتُجرَح ، وتشعر بأنّ فم الموت بدأ يلتهمك .. أنت اللقمة السائغة التي تحتاجها بطن الأرض كي تشبع جوعها ..
لكن ، فجأة ، وعلى نحو لاتتوقعه ، وبعد مسيرة جراح وخذلانات ، تجد عقلك ينتصر في المعركة .. ويفعل .. هذا النصر لايعني الهزيمة لقلبك .. قلبك كما هو ، مازال يحب في نهايات القصة كما كان في البدايات .. كل مافي الامر ، أن شغافه مُلئت بالتقرحات ، وأنفاس الوجود وأنت تطلقها تلقي عليك صخور التعذيب ، لتسحق آمالك .. فيقرر عقلك وداعا لابد منه .. وتحاول أن تودع بقوة الأسد الجريح ، بينما طفولة قلبك المخدشة لاتمنعك من أن تبقى تحب .. حتى وأنت ملقى على حدود الموت .. مُقررا الوداع الذي لابد منه ..