المتفوقون والمتملقون ومستقبل العراق

واثق الجابري

خبر جميل تناقلته معظم وسائل الإعلام العراقية، وفي نهاية السنة الدراسية 2019م، وفي بادرة هي الأولى من نوعها وربما في تاريخ العراق الحديث، تم تكريم الطلبة الأوائل في المرحلة الإعدادية من قبل الرئاسات الثلاث، ومثلما هي بادرة خير مفرحة ومسؤولة، هناك مسؤولية للنظر بتدني نسب النجاح في الصفوف المنتهية من المتوسطة والإعدادية.
قبل أيام تناقلت وسائل الإعلام تراجع معدلات النجاح، والتي تعزوها لأسباب إجتماعية وإقتصادية وأمنية، والجزء الأهم هو الذي يتعلق بالمدارس والتدريس والمناهج، وغزوات الدروس والمدارس الخصوصية، التي اثبتت أنها مجرد حيطان جميلة للترفيه، وإغراء للأهالي بالدرجات العالية، ثم تتضح الحقيقة بالنسب المتدنية في الصفوف المنتهية لتصل في بعضها الى نسبة0% ، ورغم هذا وذاك تفوّق طلبة مجتهدون بدرجات عالية أذهلت المتابعين مقارنة بالبيئة التي يعيشونها.
دعا هذا التفوق في وقتها، الى إلتفاتة الرئاسات الثلاث لتكريم الطلبة الأوائل، وعجت مواقع التواصل الإجتماعي بسعي مسؤولين لمبادرات تساعد المحتاجين منهم، وهذه الخطوات ستشجع طلبة آخرين للتنافس والتفوق وتقديم العطاء، في ظل الإهتمام الحكومي والشعبي، وتسليط الأضواء عليهم، ليكونوا عماد مستقبل الدولة، ويدعو الحكومة للإلتفات الى مستويات التدني في الدرجات ونسب النجاح، والتفاوت بين مدارس معينة وأخرى غيرها، والبحث عن سبب وجود درجات عالية جداً، مقابل نسب رسوب كبيرة.
إن التكريم لا ينتهي بالتكريم العيني والإحتفالي، ولا تلك الهبات التي تمنح للمتفوق كراتب او منزل، ومعظم المتفوقين حققوا هذه الدرجات وهم في منازل بسيطة أو لا تصلح للسكن أحياناً، ومنهم من لا يملك هو وذووه راتباً في حينها؛ بل تحتاج الى قراءة إستراتيجية للواقع، والتفوق لا يعرف الغنى او الفقر، مع وجود إصرار عند الطالب لتحدي الظروف القاهرة، والمهم ما نحتاجه تأهيل المدارس لتكون جاذبة للطالب، وردم التفاوت بين مدارس الأطراف ومراكز المدن، ومدارس الأغنياء والفقراء، ومعظم الدول تبحث عمن يخدم مستقبلها، ولا تفتش عن غناه وفقره، وبذلك لا تفرق في خدمته.
التكريم بذاته خطوة مشجعة، إلّا أن هناك شعباً أشبه بالمنسي، ويقاوم الحياة مكابدةً، لكنه قادر على العطاء، ولو أتيحت له الظروف المناسبة سيكون أكثر عطاءً، ومتى ما تقلد المتفوقون مفاصل مهمة بالدولة، فإن ذلك خطوة لخروج البلد من البؤس وهو بحاجة الى بناء مستقبل، يقوده متفوقون ويقضي على الترهل والفساد، الذي أخذ من الدولة لتولي من لا يستحق على من هو أحق.
بعد أيام سيبدأ العام الدراسي، ولا ندري هل تتبخر الوعود الكبيرة التي تلقاها المتفوقون من سياسيين ونخب مجتمعية، أم أنهم سينالون الإهتمام الحكومي والشعبي مثل تلك الأيام التي تسابق كثيرون على نشر صورهم ومعاناتهم وبيوتهم الفقيرة؟!
لو فكرنا بعقلية أكثر إستراتيجية، لقامت الدولة بإرسال المتفوقين الى الجامعات العالمية، وهكذا كل عام، لترفع نسبة التنافس، ونعد جيلاً قادراً على بناء مستقبل الدولة، وعلى أن لا يكون قبول المتفوقين في مجال الطب فقط، والعراق يحتاج الى خبرات وكفاءات في مختلف الإختصاصات، وسننتظر بداية العام الدراسي، ونرى ما هو مصير المتفوقين، وأين كلام المتملقين؟

شاهد أيضاً

(الاولاد تحت رحلة التكنلوجيا الحديثة)

نورا النعيمي التكنولوجيا الحديثة لها تأثير كبير على الأطفال، سواء كان ذلك إيجابياً أو سلبياً. …

error: Content is protected !!