بغداد/ إيناس جبار
عالج مجلس القضاء الأعلى ظاهرة التحرش التي باتت تتفاقم في الآونة الأخيرة بعد أن لاحظ إن المحاكم تستقبل شكاوى عديدة عن حالات مختلفة من التحرش اللفظي والجسدي وممارسة انتهاكات شمل في بعضها كلا الجنسين من الذكور والإناث ووضع القضاء عدة معالجات عن طريق تفعيل عقوبات القانون العراقي الرادعة على هذه الظاهرة.
وعن هذه الجريمة وكيفية معالجتها قانونيا، تقول القاضية سيماء نعيم هويم قاضي محكمة تحقيق الكرخ إن “قانون العقوبات العراقي 111 لسنة 1969 هو القانون الواجب التطبيق على اعتبار التحرش جريمة، ووضع عقوبات واجبة التطبيق مع الأخذ بنظر الاعتبار تكييف الجريمة المنسوبة للمتهم اذا ما كانت من جرائم المخالفات أو الجنايات أو الجنح”.
وأضافت في حديث الى “القضاء” أن “التحرش فعل جرمي قد يبدأ بسيطا بالكلام وينتهي بالشروع بالانتهاك أو الاعتداء الجنسي واللفظي وتصل عقوبته إلى سبع سنوات أو عشر إذا كانت الفتاة قاصرا بحسب القانون النافذ وهو قانون العقوبات العراقي”.
وتواصل القاضية أن “الفعل الجرمي المنسوب للمتهم يبدأ بالكلام، بحسب قانون العقوبات الذي أشار القانون إلى ان مجرد التلفظ بألفاظ مخلة للحياء ومخالفة للآداب العامة يشكل جريمة، وان لم يكن هناك أي شخص متضرر فتحسب جريمة يعاقب عليها، وهذا يصنف إلى اعتداء لفظي ناهيك عن التحرش الجسدي”.
وعن الحالات الواردة للمحاكم تفصل القاضية أن “هناك صورا شتى وحالات مختلفة ترد للجنح وللجنايات ويتم تحديدها من قاضي محكمة التحقيق ويحيلها إلى المحكمة المختصة فالقانون في المادة 402 منه أشار للألفاظ المخلة للحياء وحدد نوعية العقوبة كمخالفة”، وتلفت إلى أن “المحاكم تردها قضايا وشكاوى عديدة عن حالات التحرش لكنها غالبا هذه الدعاوى تنتهي بالصلح والتراضي كون احد لأسباب ترجع للصلح العشائري وكون المجتمع العراقي مجتمعا محافظا”. وتضيف أن “العقوبات القانونية تبدأ من المادة 400 وما بعدها للتحرش البسيط وهي المخالفة وهناك جرائم تحرش جنائية وهي الاعتداء الجنسي وهذه عقوبتها شديدة تصل إلى السجن المؤبد أو حكم الإعدام”، لافتة إلى أن “الاعتداء على عرض شخص أيضا سواء ذكرا او أنثى تعتبر جناية وهذا التكييف يرجع للمحكمة”.
وتقول القاضية إن “جريمة التحرش ليست بجديدة على المجتمع وتعتبر من العلل النفسية لذا هي موجودة سابقا ولكنها تفاقمت وازدادت في الفترة الأخيرة وأرى أن ذلك يعود لوجود (الانترنت) ووسائل التواصل الاجتماعي التي أظهرت العديد من الحالات ونشرتها فالاستخدام السيئ للانترنت وأيضا عدم وجود الرقابة الأسرية للشاب والشابة والإحداث وكذلك قلة الوازع الديني والأخلاقي فاقم من ذلك لفرد وتستهجن من اعتبار بعض الشباب أن التحرش تعبير عن (الرجولة) وهو من التخلف.
ووجه مجلس القضاء الأعلى خلال الشهر الماضي بتفعيل قانون العقوبات العراقي الذي يعالج ظاهرة التحرش وأوصى خلال بيانه على إن ” يعمل بأحكام المادتين (47-48) من قانون أصول المحاكمات الجنائية رقم (23) لسنه 1971 بخصوص الحالات التي يعزف بها بعض المتحرش بهن من الحضور إمام قضاه التحقيق، وكذلك تفعيل المواد (400/401/402) من قانون العقوبات العراقي والتي تصل عقوبتها إلى الحبس لمدة سنة وغرامات مالية لكل من طلب أمورا مخالفه للآداب وأيضا تفعيل العمل بأحكام المادة (10/اولى) من قانون العمل رقم (37) لسنه 2015 المتضمنة حظر التحرش الجنسي في الاستخدام والمهنة سواء على صعيد البحث عن عمل أو تدريب مهني أو التشغيل كشروط وظروف العمل “.
من جانبها، المواطنة ( ر.ع ) تقول “تعرضت لتحرش لفظي وأنا في طريقي للتبضع وتكرر الحال إلى أن وصل إلى تلامس ما دفعني للاستعانة بالقوت الأمنية وتم القبض عليهم ومن ثم افهموني أفراد العناصر الأمنية أن أقدم شكوى إلى المحكمة وها انا قمت بذلك فعليا وتم التحقيق مع المتحرشين ولم أتنازل عن الشكوى أو اقبل بالصلح العشائري لأجل أن يسود القانون وتتخذ الأجراء بحق كل مسيء ولأجل الحد من هذه الظاهرة التي باتت تؤرق الفتيات في المجتمع العراقي فتوفير الحماية القانونية يبعث بالاطمئنان الى تقليصها وعدم تعرضنا إلى هكذا حالات تسبب لنا الحرج المجتمعي والأذى النفسي”.