حيدر حسين سويري
بعد إنقطاع طويل إلتقيتُ بالصديق (محمد المدائني) الذي يحاول أن يأتي بالجديد دائماً، فالبرغم من شاعريتهِ وتمكنه من ادواته الشعرية، لكنهُ يريد ان يكون مختلفاً وأن يأتي بالجديد…
أهداني ديوانه الشعري الأول(شواظ من ماء، سيرة ذلكية لأصوات ملونة) الذي خالف بدايته جميع الشعراء فكتب(ما يشبه الشعر) على خلاف المتعارف عن الآخرين أن يكتبوا(مجموعة شعرية او نصوص شعرية او ديوان شعر او شعر) لكنهُ اختلف عنهم جميعاً، ولم يكن اختلافه لمجرد الاختلاف، بل ان من يتصفح أوراق ديوانه يتلمس ذلك فعلاً، فلقد اعتدنا اخراجاً(تنضيداً) مألوفاً للشعر سواء كان عمودياً أو حراً، إلا أنهُ مع كتابته للعمود والحر والنثر جعل لقصائدهِ إخراجاً مختلفاً وذلك بإستخدامهِ:
- تعدد الألوان في كتابة ابيات وكلمات القصيدة الواحدة وكأنها الطيف الشمسي
- الاشكال الهندسية الرمزية مع كامل القصيدة أو بعض ابياتها
- لوحات الفن التشكيلي التي تحوي بين طياتها تعابير وحروف وكلمات القصيدة
- سبق القصيدة بمقطوعة نثرية
- الطلاسم والتشفير في بعض القصائد
- قصيدة لم يضع النقاط على حروفها كي يقرئها القارئ بعدة قراءات
كذلك اثارني الاهداء فقد كان للشهيد مصطفى العذاري حيث وصفه الشاعر بـ(نبي هذا الزمان) واعتقد ان قصد جميع الشهداء وليس العذاري فقط، فهم بالفعل كانوا سفراء الإنسانية وانيائها للقضاء على الشيطان وجنده من داعش ومن لف لفهم…
قام المدائني بمحاكاة الموروث الديني كقصة بيع النبي يوسف، وقصة حوت النبي يونس وغيبته، وتفاحة النبي آدم، كذلك قضية الامام الحسين مع اللون الأحمر، ثم يقفز ليحاكي الخيال العلمي فيبعث رسائل محبين بين الكواكب:
” رسالة من كوكب اورانوس
إلى حبيبتي في كوكب بلوتو
قريباً سيحملني الفضاء اليكِ..
الثواني الضوئية
الشهور الضوئية
السنون الضوئية
كلها عندي لحظة ضوئية”
كما يعرض حوارية التضاد بين اللونين(الأبيض والأسود) ليتدخل الأحمر ويحاول حل النزاع، وهي رمزية عن الوان العلم العراقي والآم الشعب؛ حيث يطرق باب السياسة في هذه القصيدة وغيرها مثل قصيدة(نشوة الاخبار)، وينتقد حالات اجتماعية كما في قصيدة(حائط)، ويطلق العنان للقلم فيض حكمة:
” اذهب فحرفك من ذهب
اغناك ما منه اكتسب
في جيده حبل الهوى
وبقلبه نار الحطب
الناس عنه تفرقت
وتوسلت اين الهرب
إن فضة كان السكوت
فهو الكلام من ذهب”
أكتفي بهذا القدر وأترك متعة القراءة مع الديوان لمن أراد ذلك، فلقد أمتعني…