يترك بعض الآباء ابنائهم دون متابعة دراسية او تربوية طوال العام الدراسي ، وحين ينتهي العام بفشل الابن دراسيا يمارس الأب دوره السلطوي فيعاقب الابن بالضرب المبرح او الطرد من المنزل ثم يتدخل المقربون لاصلاح الامور بين الاب والابن وتنتهي القضية …وحين تتكرر في عام آخر يتلقى الابن العقاب المعتاد عملا بمبدأ (علقة تفوت ولاحد يموت) أو يتمرد على سلطة الأب حين يتلاشى لديه الاحساس بالخوف من السلطة ..
بهذه الطريقة تتم معالجة بعض الامور في بلدنا ، اذ تترك القضايا مفتوحة دون رادع حتى تستشري وتتفاقم وتصبح نتائجها وخيمة ثم تنبري السلطة لتمارس دورها في معاقبة المقصرين ، ولايكون العقاب رادعا في الغالب فاما يتدخل البعض لاصلاح ذات البين أو يتمرد المقصر على السلطة لأنه لم يعد يخشى عقابها …أمانة بغداد مثلا لم تكن مغمضة العينين طوال السنوات الفائتة وهي تشهد تجاوز المواطنين على الارصفة والشوارع والقطع السكنية الفارغة وحتى الاراضي الزراعية لكنها تركتهم يتجاوزون ويتجاوزون حتى تحولت بعض المناطق الى احياء سكنية متكاملة واستحالت بعض الارصفة الى اسواق متنوعة المحال ، وبين فترة وأخرى تمارس الامانة سلطتها بهذا الشأن فتعمد الى هدم المحلات والاكشاك وتبلغ سكان المناطق السكنية بضرورة مغادرة مساكن التجاوز ومايلبث الأمر ان ينتهي برشاوى أو وساطات او تدخل بعض الميليشيات التي تحمي بعض المناطق فيستمر التجاوز أو يتمرد المتجاوزون كما حدث في منطقة السيدية حين قام بعض المتجاوزين من اصحاب المحلات بحرق المركز البلدي ولم يعبأوا بالسلطة وبقراراتها ..
الأمر ذاته حصل مع وزارة الصحة التي تم تاشير حالات فساد بادية للعيان فيها تضمنت صفقات فساد وحالات اهمال وتقصير في المستشفيات راح ضحيتها العديد من المرضى وحين اصدر رئيس الوزراء أمرا باقالة وزيرة الصحة ضمن بنود الاصلاح التي حاول تطبيقها ، أعيدت الوزيرة الى منصبها بتاثير من كتلتها الحزبية وبقيت وزارتها مثالا للفساد والاهمال بدون ان تجد رادعا يردعها ، حتى تطلبت الفورة الانتخابية فتح ملفات بعض المسؤولين لرفع كفة نواب أو كتل رفعت شعار الاصلاح ومحاربة الفاسدين بعد أن غفلت عنهم السلطات او تغافلت ثم التفتتت اليهم وكأنها تكتشف فسادهم فجأة وتشعر بحجم ضرره على المواطن المسكين !!
يقول سقراط :” ان الجاهل هو من عثر بالحجر مرتين ” ونحن نواصل التعثر باحجار الفساد والاهمال منذ سنوات ونعاود التعثر بها في كل مرة بعد أن نتركها تعترض طريقنا ولانفكر في ازالتها أو تجاوزها على الاقل ، ذلك لأننا تربينا على ثقافة غض النظر عن الاخطاء حتى تستشري وتتفاقم ويصبح علاجها عسيرا أو مستحيلا ..