بعد وفاة طبيب عراقي شاب بحادث اصطدام سببته المواشي السائبة تبين أن أعداد الضحايا على الطرق الرئيسة في العراق الذين قتلوا جراء حوادث المرور للأسباب ذاتها ليست قليلة، وأن سرقة أسيجة الطرق السريعة أو إتلافها بالمجنزرات والسيارات العسكرية منذ عام 2003 ولغاية اليوم تسهل عبور المواشي ومرورها المفاجئ على الطرق السريعة فيصطدم بها السائقون المسرعون.وقال مسؤول بمديرية المرور العامة في وزارة الداخلية في تصريح صحفي إن “ما لا يقل عن 200 حادث سجلت منذ مطلع العام الجاري، تسببت بها قطعان المواشي التي تخرج فجأة على السائقين في الطرق السريعة، ونتج عنها مقتل أكثر من 40 مدنيا وجرح العشرات فضلاً عن خسائر مادية كبيرة”.
وأضاف أن “حادثة وفاة طبيب في محافظة صلاح الدين قبل يومين بسبب قطيع جواميس أعاد الجدل حول أهمية إعادة الأسيجة الأمنية للشوارع التي سرقها اللصوص أو اتلفتها العربات العسكرية، وفرض غرامات مشددة على الرعاة وأصحاب تلك المواشي لمنع تجوالها العشوائي خاصة على الطرق السريعة والخارجية المحيطة بالمدن”.
وبيّن أن “سيارة تسير بسرعة 100 كم بالساعة سيكون ماعز صغير كفيلا بأن يحرف مسارها ويقتل من فيها، لكن للأسف الأمور في العراق كلها فوضى وحياة الإنسان آخر ما يتم التفكير به”.
وتسبب قطيع جواميس، أول أمس الاثنين، بوفاة الطبيب إبراهيم البدري من أهالي سامراء بعد اصطدام سيارته به خلال مروره في أحد الطرق الخارجية، بحسب ما أعلنت عنه السلطات الصحية العراقية في تكريت مركز محافظة صلاح الدين.
وطالب ناشطون بوضع حد لظاهرة انتشار المواشي السائبة، حيث قال الناشط عمار البدري، من سامراء انه “منذ فترة ليست بقليلة وعلى مرأى ومسمع الجميع حصلت وتحصل حوادث على طريق سامراء الدور بسبب الجاموس الذي أعاق الحركة ودمر المزارع وجرح الكثير من أبناء المدينة وتسبب بخسائر جمة”.
وطالب البدري “المحامين من أبناء سامراء برفع قضايا المتضررين من جراء أعمال التخريب التي حصلت في مزارع الفلاحين والمتضررين من حوادث الدهس”.
وفي العاصمة بغداد وقعت العديد من الحوادث المرورية بسبب المواشي السائبة التي تفاجئ سائقي المركبات خلال عبورها الشوارع الفرعية أو الرئيسية.
حسام الجبوري من أهالي بغداد ويعمل سائق أجرة قال في تصريح صحفي ان “مشكلة المواشي السائبة اصبحت معضلة في الشوارع وخطرا كبيرا على السيارات والمارة وخاصة حيوانات الجاموس والأبقار فهي كبيرة الحجم، وتسبب أضراراً مادية وبشرية خطيرة، بل حصلت العديد من حالات الوفاة لسائقين وركاب بسببها”.
وطالب الجبوري “دوائر المرور بوضع حد لهذه الظاهرة غير الحضارية والخطيرة في ذات الوقت لمنع تكرار الحوادث المرورية، ونطالب وزارة الداخلية بمنع رعي المواشي وخاصة الجواميس والأبقار قرب الطرق الخارجية أو داخل المدن”.
وأصبح منظر الأبقار عادياً تقريباً في معظم الشوارع والساحات العامة في العاصمة بغداد ما أثار انتقادات شديدة للحكومة العراقية.
وفي جنوب العراق لا يختلف الأمر كثيراً فالمواشي تنتشر على جوانب الطرق الخارجية في ظاهرة أضحت تعرف بالمواشي السائبة دون أن تتدخل الجهات الحكومية كما يقول الأهالي.
حمزة البصري قال انه “غالباً ونحن نسير بسياراتنا نتفاجأ بقطيع من الجاموس أو البقر أو الماعز يقطع الشارع ويسبب حوادث خطيرة، والمشكلة أن لا أحد يتدخل لإيقاف هذه المهزلة لا مديرية المرور العامة ولا وزارة الداخلية ولا وزارة الزراعة التي من المفترض أنها تهتم بالثروة الحيوانية ولا تتركها سائبة في الشوارع”.
وألقى آخرون باللائمة على وزارة الزراعة لأنها لم تخصص مراعي لقطعان الجاموس والأبقار والماعز والأغنام، فضلاً عن وزارة الداخلية التي سمحت بتنقل الرعاة من الأرياف إلى المدن مع مواشيهم.
ووصل الأمر بهذه الظاهرة إلى تقديم شكاوى ورفع دعاوى قضائية ضد أصحاب المواشي السائبة من قبل بعض الوحدات الإدارية في عدد من المدن لترحيلهم من المدينة، في حين اتخذت الدوائر الرسمية في مدن أخرى إجراءات أشد صرامة بمصادرتها للمواشي السائبة في الشوارع والساحات العامة منعاً لوقوع حوادث مرورية وتشويه المظهر الحضاري للمدن.
واعتبر ناشطون أن سبب انتشار ظاهرة المواشي السائبة هي عمليات الهجرة من الريف إلى المدن، كما أوضح الناشط المدني سهلان الربيعي الي قال انه “في السنوات الأخيرة ارتفعت ظاهرة الهجرة من الريف إلى المدن والمشكلة أن أغلب رعاة الماشية اصطحبوا مواشيهم معهم”، مبيناً ان” كثيراً من هؤلاء الرعاة تسندهم أحزاب وميليشيات مسلحة ولا يستطيع أحد التعرض لهم لذلك انتقلوا من الأرياف إلى المدن مع مواشيهم وأصبحوا يرعونها في الساحات العامة وقرب الطرق الخارجية ما رفع نسبة وفيات الحوادث المرورية”.
حقوقيون طالبوا بتنفيذ القوانين الصارمة بحق أصحاب المواشي لإنقاذ أرواح المارة وسائقي المركبات، فالحقوقي ياسين العلي، أوضح أن” هناك قانوناً ينص على مصادرة المواشي التي ترعى في مناطق زراعية غير مسيجة أو التي يحرم الرعي فيها”.
وتابع ان “القانون يخول مديري الوحدات الإدارية بمصادر المواشي السائبة في الشوارع والطرق والأزقة والحقول والحدائق وبيعها في المزاد العلني وتسجيل ثمنها ضمن إيرادات الدولة، ولكن المشكلة لا أحد يطبق القانون بما في ذلك الدولة نفسها”.انتهى
شاهد أيضاً
ارتفاع التلوث البيئي في العراق.. وانتشار الكبريت ينذر بكارثة صحية
من أصل 18 محافظة في العراق، هناك 12 محافظة ذات بيئة “غير صحية” وست محافظات …