د. نبراس المعموري
من يتابع الخطاب الذي قدمته الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق السيدة جينين هينيس بلاسخارت خلال اجتماع مجلس الامن الدولي في 21 ايار 2019.. يجدها انها ابتدأت حديثها عن المقابر الجماعية للكرد في صحراء السماوة ابان حكم النظام السابق مؤكدة ان ماضي العراق الذي تميز بالعنف ما زال يلقي بظلاله على حاضره و ان ترسيخ الديمقراطية بشكل حقيقي يحتاج الى وقت طويل و عمل كبير .
انتقلت بلاسخارت بعد هذه المقدمة لما قبل 2003 الى 2018 قاطعة بذلك 15 عام من التغيير والاطاحة بنظام صدام حسين، مستعرضة الصراع السياسي الداخلي ما بعد انتخابات 2018، و عدم اكتمال تشكيل الحكومة وغياب النضج السياسي المرهون بتقديم تنازلات من قبل الاحزاب السياسية لتسمية وزراء لشغل حقائب وزارية مهمة مثل الداخلية والدفاع والعدل والتربية، اضافة الى عدم اكتمال تشكيل اللجان البرلمانية في ظل كيانات سلطوية فردية تعمل لاهداف و مقاصد خاصة.
تطرقت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق الى نقاط عدة اهمها:
- تعثر جهود المصالحة واستشراء الفساد المالي والاداري على المستويات كافة مما يعيق الانشطة الاقتصادية .
- يواجه قطاع النفط والغاز الذي يعد اساس الاقتصاد العراقي تحديات كبيرة ابرزها عدم وجود قوانين تنظم عمل هذا القطاع ولابد من وجود تشريع ينظم عمل هذا القطاع ويوزع الايرادات بشكل عادل.
- المشاركة السياسية والاجتماعية للمرأة والشباب الا ان المشاركة لا تزال اجراء شكلي لا سيما في ظل غياب تمثيل المرأة في السلطة التنفيذية اضافة الى عدم تشريع قانون مناهضة العنف الاسري الذي يضمن الحماية لكل افراد الاسرة العراقية .
- المراقبة الدقيقة للوضع الامني في جميع انحاء البلاد بعد الانفجارات والهجمات الانتحارية التي حصلت مؤخرا مستشهدة بمقولة أحد ممثلي التحالف: “إن داعش يظهر مجدداً. لقد استراح وتحرك وهو الآن نشط”. وان عودة الاف العراقيين و غير العراقيين ممن كانوا مع داعش من مقاتلين وعوائل لا تثير فقط مخاوف امنية بل ايضا مخاوف ذات صلة بحقوق الانسان و حصول عمليات انتقامية، و هي ليست مشكلة عراقية فقط ، لا سيما أن بعض الدول لم تجد حل بالقدر الذي يتعلق بمواطنيها.
- التاثير السياسي والاقتصادي والاجتماعي للجهات المسلحة التي تعمل خارج سيطرة الدولة واهمية اعادة الامن القومي واضعا بنظر الاعتبار، وضع قوات الحشد الشعبي المستقبلي، وإصلاح البيشمركة في قوة أمنية إقليمية واحدة.
- التظاهرات التي انطلقت في جنوب البلاد بسبب نقص المياه واهمية وضع برنامج شامل لخزن المياه وادارتها اضافة الى تعزيز البنية التحتية والاستعداد بشكل افضل للفيضانات نتيجة الامطار الغزيرة التي شهدتها البلاد
- الاحتياجات الانسانية للنازحين والعراقيل التي تواجههم ابان عودتهم الى ديارهم المتمثلة بنقص الوثائق المدنية والدمار الذي تشهدها المدن التي احتلتها داعش لا سيما مدينة سنجار ولايزال الكثير منهم يعيشون في خيم على الجبل.
- التحديات الخطيرة التي يواجهها العراق في منع أراضيه من أن تصبح مسرحًا لمنافسات مختلفة.
- التزام الهيئة الاممية المستمر والقوي بالمساعدة والدعم، ولابد من منع داعش من استعادة موطئ قدم قوي في العراق و هذا يحتاج عمل و نهج طويل الأمد.
- مواصلة السلطات والمؤسسات والآليات والأنظمة في العراق الكفاح أمام مشاكل متجذرة بعمق تعيق غالبا تنفيذ الاستجابات العاجلة والقوية من الحكومة للاحتياجات الملحة مثل إعادة الإعمار والتنمية والأمن.
و رغم التحديات والملاحظات التي اشارت اليها بلاسخارت، الا انها اشارت ايضا الى الخطوات الايجابية للحكومة الاتحادية و ما حققه رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي بازالة جدران الحماية الخرسانية وفتح المنطقة الخضراء وجهده في إصلاح القطاع الأمني، اضافة الى حواراته مع النظراء الدوليين والإقليمين لتثبت نفسها على أنها شريك موثوق ومتمكن. وفيما يخص مفاوضات تشكيل حكومة إقليم كردستان، فبعد 218 يوماً من المفاوضات تم التوقيع بتاريخ 5 أيار على اتفاق تشكيل حكومة إقليم كردستان الجديدة. وانه لتجنب المزيد من المشاكل، يمكن أن تكون الحكومة الجديدة جاهزة في شهر حزيران.