محمود المفرجي
لا اعرف ما هو منشأ ال ٥٦ ، التي اختص بها العراقيون، لكني اعرف انها تطلق على الاناس الذين يدعون اختصاص دون اختصاصهم، فتراهم فاشلون بل مخجلون في ممارستهم للاختصاص فلا هم مبتعدين عنه ولا هم يتعلمون منه شيء يمكن ان ينطبق عليهم الاختصاص ليكونوا منه ، واعرف الكثير الكثير المتواجدون في وسطنا الصحفي.
وكنت اراهم يجلسون مع الصحفيين في المناسبات الصحفية الدسمة، ويتكلمون معهم، لكن لا يعرفون ماذا يكتب الصحفيون الحقيقيون.
ورأيت منهم ومنهن الكثير في مجلس النواب العراقي عندما كنت مراسلا صحفيا اغطي الاحداث، واتفاجأ بان ياتي او تأتي احدهم ويتوسل بي لكي اكتب له او لها الخبر الفلاني ليرسله او ترسله للصحيفة ال٥٦ التي يعمل او تعمل بها.
في داخلي كنت اضحك ، لكن بنفس الوقت كنت استجيب لهم متمنيا ان يتعلموا شيئا من اجل ان يشقوا طريقهم الصحيح في عالمنا الصحفي (النكس) والموبوء، لكن لم ولن يتعلموا.
نوعا منهم كان بعنون نفسه بالصحفي او رئيس تحرير الصحيفة او الوكالة الفلانية التي هي ٥٦ ، وكان يأتي للمناسبة الفلانية وهو في كامل اناقته وببدلة ثمينة جدا مصطحبا معه صحفيتان ٥٦ جميلتان واحدة على شماله والثانية على يمينه، فكان كل همه ان يتعرف هو وهن على المسؤول الفلاني ! لماذا ؟.. لا اعرف .. او بالاحرى اني اعرف لكن لا افصح عما اعرف.
المفارقة اني طيلة كل تلك السنين كنت اعتاش على راتبي المتواضع من مؤسستي التي اعمل لحسابها ، اضافة الى عيشي على قلمي (السخيف) بان اكتب شيئا في هذه الصحيفة او تلك لاحصل على شيئ يدعم كفاحي من اجل قوت يومي.
المفارقة باني انا من يطلق علي صفة الصحفي، لا املك سيارة مثل التي يملكها صحفيو ال٥٦، وملابسي البسيطة لا تقارن بملابسهم ولا منزلي المتواضع الذي ورثت قسما منه من والدي البسيط الذي فنى عمره بالسياسة ومطاردات السلطة له والمحاكمات الغيابية عليه في ستينيات القرن الماضي، مع منازلهم في الكرادة او زيونة او شارع فلسطين او المنصور.
هذه الصورة مثال صغير لكثير من ال٥٦ في بلدنا العراق العظيم، فمثلما هناك صحفيين ٥٦ هناك مثلهم في جميع القطاعات ومنه القطاع السياسي، الذي دخله الكثير من ال٥٦ ، بل ان بعضهم نال درجة الزعامة بقدرة قادر بشكل يتوائم مع عقلية ال٥٦ التي يحملها الكثير من ابناء بلدي.
عرفت حينها ان هؤلاء ناجحون في اختصاصهم، ولا اقصد هنا الاختصاص الذي يدعوه ، انما الاختصاص الاخر الذي يمارسوه من خلال الاختصاص الذي دخلوا اليه.
لذا اعلن اليوم اني انا ٥٦، والاخرين هم الحقيقيون.