يبدو ان بعض المصارف الاهلية في العراق ما زالت بعيدة كل البعد عن العمل المصرفي المعروف في كل دول العالم لتكون مجرد واجهات تعتاش على الغير للحصول على ارباح مالية كبيرة.
في حين ظلت هذه المصارف بعيدة عن مهمتها الرئيسية المتعلقة بالعمل الائتماني ولتكون اماكن اشبه بالثكنات العسكرية مغلقة ابوابها معظم الاوقات يحرسها عدد من الحراس ،ولتوحي للمواطنين بانها مصارف خاصة ليس لها علاقة بالعمل المصرفي.
لاقتصاد النيابية: مكان ابتزاز واستنزاف للعملة
وتقول عضو اللجنة الاقتصادية والاستثمار البرلمانية ندى شاكر جودت في حديث ان “بعض المصارف الاهلية تحولت الى مكان ابتزاز واستنزاف للعملة الصعبة في مزاد العملة”، مستغربة من “عدم وجود سياسات حقيقية لعمل تلك المصارف بما يحقق الفائدة القصوى من العمل المصرفي في البناء والاستثمار والاعمار وكما معمول به في اغلب دول العالم”.
وتضيف جودت ان “اغلب دول العالم تكون فيها المصارف الاهلية دعامة اساسية في مجالات الاعمار والاستثمار في عدة قطاعات لكن في العراق نجد المصارف بعيدة كل البعد عن هذه الاولويات ولا نجد لها اي استفادة في مجال الاعمار في سياسة غريبة لانجد لها اي تفسير من قبل الجهات المكلفة بمتابعة عمل تلك المصارف”.
وبينت جودت ان هناك خلل في قطاعات عديدة وليس فقط في القطاع المصرفي”،مشيرة الى ان “اساس وجوهر الخلل ياتي من الانتماءات والولاءات للبلد، اضافة الى غياب الرقابة والعقوبة الصارمة للاطراف المسيئة وهي جميعا لعبت دور سلبي في اداء المصارف الاهلية”.
ويقول الخبير الاقتصادي هلال طحان في حديث ان “المصارف الاهلية بالعراق لا تمارس العمل الائتماني في العراق بشكل صحيح ،ولتصبح عبارة عن مجموعة من المصارف تستغل مزاد البنك المركزي وتشتري حوالات خزينة التي هي عبارة عن ارباح وهمية وليس انتاجية لانها ليس فيها استثمار او ان هذه المصارف تمنح قروض للمواطنين باسعار عالية وبالتالي فان تاثيرها على التنمية قليل جدا”.
ويضيف الطحان ان “مجموع هذه المصارف والبالغة ما يقارب من 32 مصرفا وحتى الحكومية منها نسبة مساهمتها بالتنمية او الناتج المحلي يبلغ ما بين 8 الى 10 %، بينما تبلغ نسبة مساهمة المصارف في دولة الامارات ما بين 28 الى 30 % من الناتج المحلي الاجمالي”.
خبير اقتصادي : بعض المصارف مجرد مكاتب صيرفة
من جانبه يقول الخبير الاقتصادي ضرغام محمد علي في حديث ان “الكثير من المصارف الخاصة تبتعد عن العمل الائتماني بسبب ضعف المردود منه وتعمل برأس مال منخفض وودائع قليلة وتعمل فقط ضمن الاستفادة من حصتها من مزاد البنك المركزي العراقي وهو ما يبعدها عن اختصاصها المصرفي ويجعلها اقرب الى مكاتب الصيرفة”.
ويشير علي الى ان “السوق الائتمانية العراقية تشكل بيئة خصبة للعمل المصرفي في العراق فالمعروض من الائتمان اقل بكثير من الطلب الا ان عدم جدية المصارف في ممارسة الاختصاصات المصرفية ادت الى تراجع سمعة المصارف الخاصة واقتصارها على عدد محدود يمكن وصفها بالنشطة مع تراجع اداء البقية”.
ويؤكد علي انه “رغم اصدار البنك المركزي العراقي لمجموعة تعليمات لتنشيط عملها كتقليل الاحتياطي الالزامي من الودائع والزامها برفع رؤوس اموالها الا ان هذه الاجراءات لم تجد صدى ايجابي واضح من هذه المصارف ولاتزال تشكل سقف لايزيد عن ١٠ الى ١٥ بالمئة من حجم الودائع المصرفية ولايزيد عن ١٠ بالمئة من سوق الائتمان المحلية”.
مواطنين: مصارف طفيلية
ويقول المواطن حسين محمد الحسني في حديث انه “من النادر ان ترى مصارف اهلية في العراق تمارس عملها بشكل كامل”، مبينا ان “المواطنين يترددون في التعامل مع هذه المصارف باعتبارها مصارف غير مضمونة البقاء وتعتاش على الاخرين واصفا اياها” بالطفيلية”. ويضيف الحسني ان ” معظم المواطنين لا يتعاملون مع المصارف الاهلية لانها غالبا ما تكون محل شك حول امكانية بقاءها”، مطالبا “البنك المركزي بوضع اليات وضوابط صارمة لكل من يروم الحصول على اجازة انشاء بنك في العراق”.
من جانبه يقول المواطن سعد محمد في حديث ان “معظم المصارف الاهلية في العراق كمالية اكثر مما هي مصارف تمارس عملها المصرفي”.
ويشير محمد الى ان “رؤوس اموال هذه المصارف يكون قليل ولا تتمكن من ممارسة عملها المصرفي كمنح القروض او الايداع، مطالبا البنك المركزي بدمج هذه المصارف لتتمكن من العمل المصرفي اسوة بباقي المصارف في دول الجوار”.
يشار الى ان رئيس الوزراء عادل عبد المهدي قال خلال حضوره اجتماع تحالف البناء الاخير اننا اليوم نستورد سلع من لبنان وهي قادرة رغم صغرها لان نظامها المصرفي متطور يتيح تمويل المشاريع وبحرب تموز من الكيان الصهيوني استطاعت المصارف في اعمار كل الابنية التي تهدمت في لبنان ولم تنفق الدولة اللبنانية قرش واحد للاعمار لكن المصارف قوية وتحول الازمة الى انجاز ،بالتالي فان المصارف عجلة التنمية ويجب الاهتمام بها.