خيول الساعات



د.نبراس المعموري

للساعات حكايات تنفرد بأرشفة الذكريات، أكثر مشاهدها أثارة رقاص حائطها، وهويعلن أنقراض الثواني والدقائق،

قد يصيبنا التوتر ونحن نراقب حركته ألبطيئة عندما نحتاج لسرعة اكثر يعلن فيها حلول موعد انتظرناه كثيرا ، او

العكس وهو يستعجل رحيل دقائقه رغم حلاوة اللقاء او اللحظة.

بيت البحار ألساعاتي الذي يقطن مرفأ الفاو في قصة (ساعات الخيول) والمزين بكل انواع الساعات ؛ رسم مشهدا

طالما شغلني! كيف يمكن للأنسان أن يعيش بين مجموعة من الساعات لكل منا توقيت مختلف.

وتحمل عنوان ذلك البلد؟ أعتقد أنه سيكون بمثابة جواز سفر حصل على ألتأشيرة؛ بمجرد أتخاذه وقت تلك الدولة

نيشانا.

ألليل في أندنوسيا والسادسة في أميركا وصولا إلى الساعة السابعة مساء في شوارع كلكتا والثامنة صباحا في

غابات بوينس ايرس كل هذا خارطة  دقات الساعات التي زينت الجدران المتهالكة لبيت الساعاتي، وهو يتحدث

لأحد زبائنه مفككا البعض منها كونها اشتكت وجع عمل سنوات مضت . عنوان القصة لم يأتي من فراغ فعقارب

الساعة كالخيول التي تنطلق في المضمار؛ لتعلن فوزها او خسارتها بعد ان رهن قدرها لمالكها، حال رجل القصة

المسن ومهنته التي توزعت في اولى صباه بين البحار والسفر والتجارة والذكريات صورته كالرقاص في تلك

الساعات التي احاطته متربة تاره ومريضة تارة اخرى. سرد الحكايات بالعودة للتاريخ مفيد فمن الحكمة التعلم

من تجارب الأخرين والشعوب، وقد نكون في يوم ما حكاية؛ لتجربة اتخذت من الساعة رهانا فيومها بدل ان

يكون 24 ساعة كان 48، فالعمل الحقيقي لا يعرف حدود الوقت، رغم ان البعض يسعى لأشغال المجد بهفواتهم

وثرثرتهم اتي طالما اتخذت من التهم الجاهزة صيوان اخبارهم.

(ساعات كالخيول) أمتد فيها الزمان بعيدا، حيث تجار الخيول ، الغزاة ، المدن ، الساحر الذي مات غرقا وضاعت

عليه استعدادات الزواج من امرأة ثامنة! عندما اكملت القصة واطلعت على تاريخ البحار الساعاتي؛ رجعت لحكاية

جدتي ايام الاحتلال البريطاني وساعة الجيب التي لم تفارق جدي لحظة.. حتى توقفت.. يوم توقف قلبه عن النبض

فكل شيء كان يعلن عن مستقبل مختلففالتجارة تجلب الاموال وتقضي على البطالة ، وادراك الناس.. انذاك..

لأهمية الوقت مدعاة لأستثماره.

اعلم ان مؤسساتنا الحكومية لا تخلو من الساعات، لكن ماهو شكلها من حيث الانجاز ؟ هل استطاعت ان تستثمر

الوقت وتنجز الافضل ؟ ام ظلت حبيسة الروتين والتدافع القاتل وتراجع لكل معايير اخلاق  المهنة ؟

اية مواطنة نصبوا ومستحقات من طالهم الارهاب ما زالت تراوح! اية مواطنة ولدينا من الايتام الملايين!

اية مواطنة ولدينا الفقر تجاوز لوحة بائعة الكبريت، واتخذ من جدران المنازل مأوى غاب عنه الضوء والتعليم والصحة والغذاء ! اية مواطنة وسراق المال الذين اتخذوا من البيوت الفارهة والارصدة العتيدة في الخارج؛ عنوانا لكل الفساد الذي طال بلدنا!

ساعة المسؤول بكل انواعها ؟ الجدارية الراقصة المتلاعبة بأرواح الناس، والرملية التي قلبت هرم المعادلة ، والمائية التي اصرت منذ صناعتها ان لا يكون وقتها مضبوطا ؛ هل ستعمل كما الخيول التي تصر على الجري حتى وان كانت في قاع

البحار ؛ مذكرة له رغم انه اعمى الدين والضمير ؛ بأن الساعات والأيام والسنوات تمضي، ويمضي معها كل انواع الحياة..

حتى حياته في لحظة طيشه الزائد.منعطف زاويتي الأخير.. استقر حيث مناجاة الأيزيديات، ونزوح وهجرة الملايين، تسول

الصغار في الشوارع، وقتل أكثر من 400 صحفي.. استقر حيث غياب العائلة وتراكم الأوساخ والأمراض.. استقر ليعلن ان البحار الساعاتي كان رجلا بصريا بسيطا، الا انه أعطى درسا مهما.. كيف يمكن للساعات ان تعري الزمان والمكان؟

فكيف الحال اليوم بساعات صناع القرار التي اعطت درسا فاق التعري والخجل والحياء..

شاهد أيضاً

‎سيناريوهات لا يمكن قراءتها

د. نبراس المعموري ‎في تصريح صحفي لمستشار القائد العام للحرس الثوري الإيراني، حجة الإسلام طائب …

error: Content is protected !!