أحلام يوسف
هل تحتاج المرأة اليوم الى عيد؟ الكثير منا يطرح هذا السؤال، البعض يطرحه تهكما لأنه يجد ان المرأة اليوم، ومع كل القيود والتضييق عليها، تحتاج أولا لان تعرف حقيقة مكانتها اجتماعيا، ومن ثم يمكن ان تؤسس لها عيدا للاحتفال به.
بالمقابل هناك من يجد ان المرأة اليوم استطاعت ان تحقق تقدما في بعض المجالات وتستحق ان تحتفل بكونها انتصرت او في الأقل الكثير منهن حقق انتصارا بكسر القيود وفتح أبواب النجاح على مصراعيها لثقتها بقوتها واعتدادها بنفسها.
نهار طه باحثة بعلم النفس ومقيمة في مانشستر تقول في هذه المناسبة: اجد ان العيد بكل مسمياته وانواعه فرصة للوقوف لحظة صمت وتأمل بما حققناه على الصعيدين الشخصي والعام. المرأة تحتاج لهذا العيد كي تعلن عن نفسها كل عام، تعلن عما استطاعت تقديمه لنفسها وللمجتمع، وهنا أؤكد على “نفسها”، فالمرأة التي تشعر بغبن في حقها، والتي تستشعر القيود التي كبلت بها من قبل الرجل والمجتمع بنحو عام، لا يمكن لها ان تكون حرة، والحرية هي أساس الابداع، اذن وبما اننا نسمع عن ابداع النساء العراقيات تحديدا فاعتقد ان هذا يدل على ان المرأة العراقية استطاعت ان تأخذ حريتها بقوة وصلابة.
نعم هناك نسوة استطعن ان يكون لهن موضع قدم في كل مجالات الحياة العملية، لكن أولئك النسوة نسبيا قلة، فالمرأة في كل المناطق الشعبية وهي الأكثر والاعم في بلادنا، مكبلة ومقيدة فكريا وجسديا، وأحيانا من يفرض القيد عليها امرأة أخرى متمثلة بأمها او اختها او اخت زوجها، فكيف لنا ان ننهض بمثلهن؟ كيف لنا ان نخبرهن انهن أسمي وأجمل من ان يحطن انفسهن بحواجز وابواب من صوان؟
يذكر ان الاحتفال بهذه المناسبة جاء إثر عقد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي والذي عقد في باريس عام 1945 .
وهناك رأي اخر يجد ان الاحتفال اوجد إثر بعض الإضرابات النسائية التي حدثت في الولايات المتحدة. لكن بالنتيجة فأن تخصيص يوم الثامن من مارس اذار كعيد عالمي للمرأة كان عندما أصدرت المنظمة الدولية قراراً يدعو دول العالم إلى اعتماد أي يوم من السنة يختارونه للإحتفال بالمرأة، فقررت غالبية الدول اختيار الثامن من مارس، وتحول ذلك اليوم إلى رمز لنضال المرأة تخرج فيه النساء عبر العالم في مظاهرات للمطالبة بحقوقهن ومطالبهن.
في العراق تخرج بعض المنظمات النسوية بمسيرة ترفع فيها اللافتات التي تدون عليها بعض المطالب التي ترفع بعض الحيف عن المرأة، ومطالبات بسن قوانين تضمن بها حقها اجتماعيا وقانونيا.
جدير بالذكر انه في 1856 خرج آلاف النساء للإحتجاج في شوارع مدينة نيويورك على الظروف اللاإنسانية التي كن يجبرن على العمل تحتها، وبرغم أن الشرطة تدخلت بطريقة وحشية لتفريق المتظاهرات، إلا أن المسيرة نجحت بدفع المسؤولين عن السياسيين إلى طرح مشكلة المرأة العاملة على جداول الأعمال اليومية. وفي الثامن من اذار مارس1908م عادت الآلاف من عاملات النسيج للتظاهر من جديد في شوارع مدينة نيويورك، لكنهن حملن هذه المرة قطعاً من الخبز اليابس وباقات من الورود، في خطوة رمزية لها دلالتها، واخترن لحركتهن الإحتجاجية تلك شعار “خبز وورود”.
وطالبت المسيرة هذه المرة بتخفيض ساعات العمل، ووقف تشغيل الأطفال، ومنح النساء حق الإقتراع.
شكلت مُظاهرات الخبز والورود بداية تشكل حركة نسوية متحمسة داخل الولايات المتحدة خصوصاً بعد انضمام نساء من الطبقة المتوسطة إلى موجة المطالبة بالمساواة والإنصاف رفعن شعارات تطالب بالحقوق السياسية وعلى رأسها الحق في الإنتخاب، وبدأ الإحتفال بالثامن من مارس كيوم المرأة الأميركية تخليداً لخروج مظاهرات نيويورك سنة 1909
المرأة العراقية قد تكون أكثر النساء العربيات تشبها بطائر الفينيق اذ تخرج كل مرة من رماد القيد الى فضاء الحرية، هي ترجمة لما ذكره أبو القاسم الشابي حينما قال اذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد ان يستجيب القدر، فقد استطاعت الكثير منهن صنع قدرهن بأنفسهن، بنضالهن، بصبرهن، بتحديهن وقوتهن.