صوتها:تحقيقات وتقارير
استطلاع / مديحة البياتي لا يزال الآباء في مجتمعنا يفضلون تزويج ابنتهم صغيرة السن، رغم التقدم الهائل في التفكير والإدراك والوعي والتحصيل العلمي.. ومع معرفة الآثار السلبية النفسية والاجتماعية والصحية وحتى الاقتصادية لهذه الزيجات. ويروج هذا الزواج في أغلب المناطق الريفية، إلا أنه يتفاقم ليشمل حتى أهالي المدن الحضريين مع ازدياد التشدد وتحفظ المجتمع. وتوضح اللقاءات التالية سلبية هذه الظاهرة .. قصص فتيات عشن حياتهن غصباً، وبعض آخر تمردن عليها ، فما كانت النتيجة؟. الزواج فرحة العمر (أية) تباهت أمام زميلاتها وهي في الصف الثالث المتوسط بخطبتها من شاب ثري.. لم تعد تخرج مع قريناتها.. ولم تعد لها اهتمامات أخرى إلا التفكير بجهاز العروس القادم.. وبالحفل الكبير الذي سيقام لها.. وبالحديث عن خطيبها أهملت الدراسة، ولأن العريس مستعجل يريد الزواج .. لم تحصل على الشهادة (المتوسطة). تقول آية: نعم فرحت بحفل الزفاف وبالفستان الأبيض ولم أعد أعرف ما ينتظر الفتاة بعد الزواج.. تزوجت في الخامسة عشرة وتم طلاقي وكانت حصيلتي اربعة أطفال وانا بعمر الخامسة والعشرين من عمري. وتابعت قائلة: لم استطع خلال هذه السنوات العشر أن أتفاهم مع زوجي.. ولم أعرف كيف أوجه أولادي، لأنني كنت صغيرة السن وظلت اهتمامات الفتاة المراهقة حتى في تفكيري .. والان أولادي ليسوا معي وانما مع والدهم.. وأتمنى أن لا يحصل لابنتي ما حصل لي..أنا الآن حائرة، اسمي مطلقة لكن ما العمل؟ أحاول أن أتابع تحصيلي العلمي فهذا أفضل لي رغم أنني أجد صعوبة كبيرة في ذلك. وقصة نور تشبه قصة أية.. فقد تزوجت أيضاً صغيرة السن ولم تكن تهتم بالتعليم كما أن اهلها شجعوها على الزواج من شاب ثري، بعد سنوات قليلة أنجبت طفلين، ولم يعد زوجها يؤمن لها الحياة التي تعودت عليها منه .. طلبت منه الطلاق .. أما أولادها فعند أم زوجها..!! العلم ضروري! أما (مريم سعد) التي تزوجت أيضاً في سن مبكرة وأنجبت أربعة أطفال تضع كل ثقلها في تربية أطفالها تربية صالحة، تحاول أن تقرأ وتتعلم وتثقف نفسها وتشاهد برامج التلفزيون التوجيهية.. تقول: رغم أنني أنجبت أولادي قبل أن أبلغ الثالثة والعشرين من عمري إلا أنني كنت أربيهم بالغريزة من دون تخطيط أو وعي أو تطبيق لمبادئ تربوية.. تعلمت بهم ومعهم، ولكنني أرفض ان تعيش ابنتي تجربتي..!! لا فأنني ألزمها وأخوتها على متابعة تعليمهم العلمي رغم معارضة زوجي الشديدة لهذا الأمر. وتابعت القول: أصر على ها الأمر كي يصبح لأبنائي وبناتي شخصية قوية وثقة كبيرة بالنفس ويستطيعون اتخاذ قراراتهم بوعي وفهم واقتناع وادراك بالمسؤولية. الزواج يغير الكثير من الأمور..!! وترى (ميعاد أحمد) أنها أكتشفت فجأة أنها لم تعد صغيرة وهي مازالت في السادسة عشرة من عمرها “فقد أصبحت زوجة وأماً .. تصرفاتي محسوبة .. لباسي يجب أن يتغير .. لم أعد أعرف معنى للمرح أو الخروج من المنزل ، لم يكن العائق ابني ، أنما الزواج بحد ذاته .. الذي غير الكثير من الأمور وبدل كثيراً من العادات..مازلت أشعر بسرور كبير وأنا أشاهد الرسوم المتحركة وبرامج الأطفال وحتى المسلسلات التي تحكي عن تصرفات المراهقين ومشاكساتهم لأهلهم .. وقد يقول لي البعض أنها تصرفات مزعجة ، ولكنني أراها ضرورية لأستمرار الحياة ولمعرفة أسرارها وتقول: العمر يجب أن يستمر بمراحله جميعها طفولة ، مراهقة ، شباب ، من ثم زواج وأسرة من أجل أيجاد مجتمع قوي متماسك واع مثقف ولكن للاسف فهمت ذلك متأخرة.. من هذه الفكرة عرفت معنى المجتمع المتقدم من المجتمع النامي. الصحة الإنجابية..!! وحالة (فيان) شبيهة لحالات كثيرة فهي أم لثلاث أطفال ، لكنها لم تستطع أكمال فترة حملها لمرتين وولد لها طفل ميت في المرة الثالثة، عن هذا تقول: لم يكن قد تهيئا جسمي بشكل كامل لاحتضان الجنين هذا ماأكده الطبيب لي ولأسرتي وسبب لي الاجهاض المتكرر نقصاً حاداً في الكريات الحمر.. *أما (هدى وليد) ذات الـ19عاماً فهي مهددة بزواج ثان ان لم تنجب لاسيما أن عمر زوجها 20 سنة..!! بين المسؤولية والواقع..!! و (نهاد مهيمن) ذات الثمانية عشر ربيعاً فقد تحدثت وفي فمها ألم وحزن شديد وقالت بأسى: أهلي هم السبب ، وأضع اللوم على أم الشاب التي تبحث له دوماً عن عروس صغيرة تستطيع أن تضعها تحت أرادتها وسيطرتها .. فهي الفتاة الصغيرة التي جاءت إلى منزل لا تعرف عنه شيئاً ويجب عليها أن تؤمر فتطيع .. وكذلك على الشاب الذي يضع مصيره بين يدي والدته ولايعرف ماذا يريد..؟ ومن هي الفتاة التي ستكون شريكة حياته.. ينظر اليها فيعجب بها ويضعها في الميزان بين الكثيرات اللاتي تختارهن له والدته.. ثم يقبل بها زوجة ويبدأ بفرض سيطرته عليها.. أما هي في هذا السن الصغير فلا تعرف كيف تختار لاهم لها سوى الفرحة وفستان الزفاف. أما معرفتها عن مسؤولية الزواج فهي معدومة هنا أما أن تستكين وتقبل بالأمر الواقع الذي فرض عليها حتى ولو كان من نفسها (أي برغبتها) لأن والديها لم يقفا موقفاً حاسماً من هذا الوضع .. وإما أن تتمرد فيكون مصيرها الضياع إذا لم تعرف طريقها جيداً . وفي الحالتين الأمر سيىء على المجتمع.. الآن أنا مطلقة بعد زواج دام سنتين أنجبت خلالهما طفلاً..!! *(ديما سرمد) في المرحلة الأولى معهد .. فرح والدها حين تقدم إلى خطبتها شاب هو أيضا في مقتبل العمر وتزوجها .. بينما والد (هدى) رفض زواج ابنته مالم تحصل على الشهادة .. وقال للعريس: كلما أضعت فرصة حصول هدى على الشهادة أطلت فترة الزفاف.. لن تتزوج هدى. *أما( رانيا خالد ) أبنة الطبيب فقد خضع والدها لرأي زوجته ، وزوج أبنته صغيرة السن وهي لم تتجاوز الخامسة عشر بعد .. لكنها طلقت من زوجها في العشرين من عمرها.. كيف ينظر الاختصاصيون إلى الزواج المبكر..!! *المحامية (نهى عواد معروف ) تقول: أن النساء اللواتي لم يحصلن على قسط ضئيل من التعليم يصعب عليهن التحكم في شؤونهن الخاصة ، ويكون نصيبهن من الاستغلال الاقتصادي والمادي محدوداً.. من جهة أخرى فأن الزواج المبكر يرفع أخطار الحمل عند الأمهات الصغيرات ، وبالتالي يرفع من الاخطار المتوقعة على صحة أطفالهن .. مؤكدة أن تعليم الإناث وتأهيلهن يشكلان المنطلق الأساسي لتحريرهن من التبعية الاقتصادية ، والقيام برسالتهن في الاسهام بشكل فعال في تنمية مجتمعهن .. بالتالي فإن الاستقلال الاقتصادي الذي تتيحه العمالة للنساء يعزز مكانة ومركز المرأة .. في حين أن النظر إلى المرأة كوساطة للانجاب فقط يفقدها إنسانيتها ، كما أن تعليم المرأة يجعلها أكثر وعيا بأهمية توفير الظروف الملائمة لأفراد الأسرة.. وأما ما يتعلق بصحة الفتاة في هذا العمر فتؤكد الدكتورة (نضال العبيدي) أن سن البلوغ لدى الفتاة يتراوح بين 9ـ 16 عاماً أن البلوغ الأول لا يعني أبداً أن رحم الفتاة جاهز لاستقبال الجنين لأنه يحتاج بين 5 ـ 8 سنوات لإتمام الدورة الإباضية في شكلها الكامل ، وإذا ماتم الزواج قبل هذه الدورة قد يعتقد أنها غير قادرة على الانجاب فتحصل المشكلات ، التي منها الطلاق أو تعدد الزوجات.. ومن المشكلات الصحية التي قد تتعرض لها الفتيات أثناء المراهقة مايسمى (تسمم الحمل) وتعرضها إلى الإصابة بسرطان عنق الرحم بسبب حساسية الأنسجة الداخلية إضافة إلى جهل الفتاة بكيفية حدوث الحمل والتعامل معه وكيفية التصرف مع آلام الولادة .. جميعها قد تسبب إشكالات مرضية عديدة. وأخيراً تحدثت الاستاذة بشرى عبدالجليل /اختصاص علوم نفسية وتربويةعن هذه الحالة بالقول : وجود بعض الاسر التي لا تعير اهمية للتعليم لأولادها او بناتها ما اثر وبصورة سلبية على حياتهم الاجتماعية وحتى الاقتصادية حيث ان الاولاد او البنات الذين لايكملون دراستهم العلمية في بعض مجالاتها وليس جميع مجالاتها يكونون فاقدين للوعي الفكري ويعانون من وجود ضعف مادي ومعنوي ما اثر في الزواج المبكر حيث ان الشاب عندما يتزوج في سن مبكرة وهو لم يكمل الثامنة عشرة فهذا يؤثر في حياته المادية والعلمية لكونه وبكل تأكيد لم يكمل حتى الدراسة الاعدادية وعليه فليس لديه اي وعي فكري او اجتماعي لبناء الاسرة المتكاملة وخاصة عندما تكون الزوجة تعاني من نفس حيث أنها قاصرة لم تكمل حتى السادسة عشرة وهي في مقتبل الحياة ولم تكمل الدراسة الابتدائية في هذه الحالة كيف تستطيع بناء اسرة متكاملة وتربية اجيال يطورون المجتمع وذلك بسبب قلة الوعي الحاصل بين الزوجة والزوج لصغر سنهم عند الزواج مايؤدي إلى حصول تفكك اسري سريع بعد الزواج.. |