احلام بن طبون
تواصَلَتْ معي الدكتورة نبراس العموري رئيسة منتدى الاعلاميات العراقيات بتاريخ 14 يناير لتبلغني بأنه هناك حفل في بغداد للذكرى السنوية لمنتدى الإعلاميات ، وانها ترغب بدعوتي لحضور الحفل.
بدون تردد وافقتُ لأنني متشوقة لزيارة العراق منذ فترة طويلة أريد معرفة ما الذي حلَّ بالعراق بعد 2003 إلى يوم تحريرها من تنظيم الدولة، وفعلًا وصلتني الدعوة يوم 14 فبراير، وحصّلت على التأشيرة في تاريخ 19 فبراير، وسافرت إلى العراق بتاريخ 21 أتذكر أنني لم أستطع النوم من كثرة التفكير بهذا البلد الرائع، كيف حصل لها كل هذا، وكيف تمركز فيها التطرف والإرهاب بالرغم من أن العراق أهل عِلْم وحضارة؟ أسئلة كثيرة تدور في رأسي.
وصلت لبغداد في الساعة الواحدة ظهرًا، وعند نزولي من الطائرة ودخولي المطار انتابني شعور غريب لا أستطيع وصفه أو التعبير عنه إلى الآن، وقبل دخولي إلى قسم الجوازات لفت انتباهي لافتة وقفتُ أمامها لثوانٍ أتأمل كلماتها أحسست أنها نابعة من القلب تقول: “صبرنا فتوحدنا فانتصرنا ” إلى هذه اللحظة وهذه العبارة عالقة في عقلي، انتهيت من إجراءات الدخول، توجهت إلى الصالة لاستلام حقيبتي وكانت برفقتي مندوبة المنتدى لاستقبال الضيوف، لاحظت دهشتي، قالت لي: هذه أول زيارة لكِ إلى بغداد؟ أجبتها: نعم. رحبت بي باللهجة العراقية “هلا بيك عيني”، عند خروجي من المطار تعمدت أن أبقى دقائق أشاهد المطار لأجده بحالة جيدة جدًّا.
وجدت التشديدات الأمنية صارمة جدًّا وإذا بي أسمع كلمة نداء إلى الأخت الليبية، في البداية لم أفهم ما موضوع النداء سألت: “شن قصة النداء” فقالوا لي بأنه ممنوع على السيارات العادية دخول المطار إلا بتصريح أمني وهو “النداء”.
بعد خروجنا من المطار وجدت الحركة عادية جدًّا، وهناك ازدحام شديد في الشارع، الحياة طبيعية، وصلت إلى الفندق المنصور، وكان التفتيش عاديًّا أمام باب الفندق ثم دخلت لإتمام الإجراءات، دخلت غرفتي وكانوا قد أخبروني في الاستعلامات أن غرفتك مطلة على نهر دجلة، وكنتُ مرهقةً جدًّا فألغيت فكرة الراحة مقابل أن أستمتع بمشاهدة نهر دجلة والفرات، وبدأت أتخيل الحضارات التي كانت متواجدة في هذا البلد من الحضارة السومرية والأكادية والبابلية والآشورية، وأقول في نفسي: إن زيارتي لهذا البلد سوف تكون نقطة مفصلية في حياتي على جميع الأصعدة العلمية والعملية.
بعد واجب الضيافة أتاني هاتف من السيدة نبراس لتخبرني أنه بعد ساعة يجب أن أكون في لوبي الفندق للاستعداد للعَشاء في مطعم عيون بغداد، كان المطعم رائعًا، والأكل العراقي جميلًا، وبعد الانتهاء من العَشاء في تمام الساعة العاشرة مساءً لاحظت أن المطعم بدأ في الازدحام، استغربت أن هناك ازدحامًا في الشارع بعد الساعة العاشرة مساءً بالرغم من أننا خارج المنطقة الخضراء، وعلى عكس ما يروّج له الإعلام، الحياة طبيعية جدًّا، المحلات غير مغلقة والمطاعم مفتوحة إلى وقت متأخر، وهناك ازدحام في الشارع. لاحظت هذا في زيارتنا لمنتجع السندباد بالرغم من أن الوقت كان متأخرًا، ولكن كان هناك عدد كبير من العائلات متواجد بالمنتجع، وعدد كبير من النساء سواء محجبات أم غير محجبات، الوضع بشكل عام طبيعي جدًّا .. قلت للبنات في حفل العشاء: ما يتم نشره في الإعلام والسوشال ميديا شيء، وما أراه الآن من قلب الحدث شيء آخر، فعلًا العراق بالأخص بغداد مشوهٌ في الإعلام.
خلال زيارتي لبغداد لاحظت أنه مَنْ يملك سلاحًا مرخصًا يُمنع من الدخول به إلى الفنادق أو المنتجعات أو حتى المطار، حتى لو كان موظفًا في الداخلية يتم وضع سلاحه في أمانات الأسلحة ويستلمها عنده خروجه من المكان. لكن ما أثّر في نفسي هو أن المواقع التي تم قصفها من قبل القوات الأمريكية مدمرة إلى يومنا هذا، مثل مسرح المنصور مدمر إلى الآن. وأيضًا ما انتبهت له في حديثي مع الإخوة العراقيين بمختلف خلفياتهم السياسية والدينية أن الجميع عندما يشرح ما حصل للعراق بعد 2003 يقول: سقوط العراق وليس تحرير العراق.
فعلًا، تجربة مشوقة ورائعة، وتأسفت لضيق الوقت حيث لم أتمكن من زيارة معالمها الثقافية والدينية، ولكن في جميع الأحوال كانت بادرة ممتازة جدًّا من الدكتورة نبراس رئيسة منتدى إعلاميات العراق بأن يكون الحفل خارج المنطقة الخضراء حتى نتعرف على بغداد خارج أسوار المنطقة الخضراء. وشكرًا لفندق المنصور على حسن الضيافة والاستقبال ولمنتجع السندباد على حفل العشاء الذي أقيم على شرفنا. شكرا