أثر عمل المرأة خارج البيت على استقرار بيت الزوجية

صوتها:تحقيقات وتقارير

تزايدت في الآونة الأخيرة نسبة النساء العاملات تماشياً مع متطلبات العصر الحديث، حيث إن العمل أصبح من أوليات الأمور التي تفكر بها المرأة بغرض تحقيق الكثير من مطالب الحياة المستجدة، في حين أن هذا الأمر لم يكن منتشراً من قبل بصورة كبيرة، إذ كان عمل المرأة الأول هو رعايتها لأولادها وشؤون بيتها، هذه الوظيفة الفطرية، وأما عملها خارج البيت فلم يكن إلا لضرورة قصوى تلبية لاحتياجات الأسرة المتزايدة أو في ظل غياب المعيل.

 أما اليوم فلم يعد العمل مجرد مسألة عول بل أصبح من أولويات حياة المرأة، خاصة بعد التخرج من الجامعة، ولأن هدف الخروج للعمل والغاية منه تغيرت بتغير الزمن، فإن النساء العاملات أصبحن لا يستغنين عنه أبداً، لأنه وسيلة لتحقيق الذات، وكسب المال، وتوسيع نطاق العلاقات الاجتماعية، هذه الأخيرة التي قد تؤثر في بعض الأحايين على علاقة المرأة مع زوجها، خاصة إذا انفتحت المرأة العاملة في علاقاتها مع الرجال من زملائها في أماكن العمل المغلقة، وما ينتج عنه من الاختلاط والخلوة.

 فتدور حول عمل المرأة خارج البيت كثير من المغالطات والخلل في الكيفية التي يسير عليها، الأمر الذي يعود بالأثر السيئ على استقرار بيت الزوجية، سواء في العلاقة العاطفية بين الزوجين، أو من ناحية اهتمام ورعاية الأم العاملة لأولادها، وقد تزداد المشكلة تعقيداً لتصل حد الطلاق وانحلال مؤسسة الأسرة، فيضيع الأولاد بين سؤال لا يجد له القضاء حلاً عملياً: من الحاضن؟ ويبحث الزوج عن امرأة أخرى تعطيه الاستقرار المفقود.

ولذا فإن هذه الورقة تحاول النظر في مدى أثر عمل المرأة خارج بيتها على استقرار بيت الزوجية، وتتخذ الورقة المرأة الماليزية المسلمة حالة لدراسة هذه القضية، وذلك لانتشار ظاهرة عمل المرأة خارج بيتها في المجتمع الماليزي، للاستفادة من الحلول المطروحة لهذه المشكلة.

وقد اعتمدت في كتابة هذه الورقة ابتداء على المقابلة الشخصية والتحاور مع عدد من النساء العاملات معي في جامعة العلوم الإسلامية بماليزيا، وبعض العاملات في الجامعة العالمية الإسلامية ماليزيا، وبعض الموظفات في أماكن متفرقة، واللاتي يختلف مستواهن من حارسة إلى موظفة إدارية، إلى محاضرة ومعيدة ومدرسة، وطبيبة وممرضة، ومسؤولة كبيرة في الإدارة وقاضية الخ، ثم بعض السيدات ذوات الشهادات العالية والمتفرغات لتربية أولادهن، ثم اعتمدت على البحث المكتبي في الموضوع نفسه، من خلال دراسات علمية أكاديمية متخصصة، وإحصائيات حكومية، ومقالات في الجرائد والمجلات، وغيرها.

مفهوم عمل المرأة خارج البيت:

عرفت د/ كاميليا المرأة العاملة بأنها المرأة التي تعمل خارج المنزل وتحصل على أجر مقابل عملها، وهي التي تقوم بدورين أساسيين في الحياة دور ربة البيت ودور الموظفة[

والحقيقة أن هذا التعريف يكتنفه نوع من النقص، على اعتبار أنه لم يعتبر وظيفة المرأة داخل بيتها عملا، فالمرأة عموما والمسلمة خصوصا تؤدي جميع أعمال البيت عن رضا كامل من تنظيف وطبخ والأهم من ذلك تربية الأولاد.

فهل لأن عمل داخل البيت لا يوجد فيه دخل قد يخرجه عن مفهوم العمل السائد (مقابل أجر)؟

لذا فإنني في ورقتي هذه قيّدت العمل بـ: خارج البيت، حتى يتراءى للقارئ أنني أعتبر الأعمال البيتية أحد أنواع العمل والوظيفة، وليس بالضرورة أن العمل هو ما يتقاضى عنه الإنسان مقابلا وأجرا.

فالمقصود من عمل المرأة خارج البيت، هو التحاقها بأحد مراكز العمل الحكومية منها أو الخاصة، في أوقات محددة باليوم أو الأسبوع نظير مبلغ مالي معين ومحدد قابل للزيادة.

وهنا أخصص ماليزيا بالذكر في تعداد بعض القطاعات التي تشتغل بها المرأة، ومنها ما تنفرد به المرأة الماليزية، فإذا كان عمل المرأة خارج بيتها في المصانع بأنواعها، وفي مجال التعليم على مستوياته المتعددة، وخروجها في الريف للزراعة، وعملها في المحلات التجارية كمسوق أو بائع، وغيرها مما ورد ذكره في (خطط ماليزيا السادسة 1991م/1995م) 

إلا أن ما يتميز به المجتمع الماليزي هو عمل المرأة بالقرب من بيتها، سواء في تحضيرها للطعام وبيعه جاهزا للعمال والموظفين، أو بيعها للجرائد والأزهار، وهذا النوع من العمل أرى أنه عمل مميز لا يحتاج من المرأة أن تغيب عن بيتها مدة طويلة، وإنما هو عمل محدد بوقت خروج العمال وتلاميذ المدارس طلبا للوجبات الخفيفة، أو الصبيحة الباكرة، ويحدث أن تتقاسم الجارات محل العمل نفسه، بحيث تبيع إحداهن في الصبيحة والأخرى ظهرا وأخرى مساءً.

دواعي عمل المرأة خارج البيت عموماً وفي ماليزيا خصوصاً:

تتزايد من سنة لأخرى نسبة النساء العاملات خارج البيت، إذ استعضن بالعمل الخارجي العمل الفطري للمرأة داخل بيتها، هذه الوظيفة التي عرفت قديما وما زالت المرأة مُطالبة بأدائها على اعتبار أنها الوظيفة الطبيعية الفطرية التي جبلت عليها، وعلى اعتبار أيضاً أنها وظيفتها الأساسية، في حين “أن عملها خارج البيت هو استثناء من الأصل الذي يقضي بمقامها في بيتها للتصدي للرسالة المقدسة، والوظيفة الخطيرة التي كلفت بحملها”

غير أن تداعيات التطور الحادث في المجتمع كان له الأثر البارز في خروج المرأة للعمل، فبعد أن كان هذا الخروج مقترناً بالضرورة والحاجة الداعية إليه عند فقد المعيل ورب الأسرة، أصبح في الوقت الحاضر هو نفسه الضرورة، خاصة بعد أخذ المرأة كفايتها وحظها من التعليم، والتعليم العالي بالخصوص، وبعد أن أصبح التعليم إلزامياً، “فحصول النساء على مؤهل علمي قد أدى إلى تحسين فرص التوظيف لهن، وهذا هو السبب الأول الداعي لعمل المرأة.

أما السبب الثاني فهو غلاء المعيشة الذي استلزم عمل الزوجين معاً لأجل تدبير أمور الحياة المعيشية لهما ولأبنائهما، ولعائلتيهما (والديهما) من ذوي الدخل المنخفض، وهذا العمل بدوره يساعد المرأة على الاشتراك والانخراط في الجمعيات التعاونية بمقدار مالي محدد لكل شهر، وهو الأمر الذي يساعدها في التوفير بطريق غير مباشر لصرفه في الوقت المناسب، وفي هذا المجال أصبح العمل ضرورة ملحة يقتضيها هذا الزمن.

وقد أقام قسم استقصاء السكان والأسرة بماليزيا بحثاً عن كيفية إيجاد فرص العمل ومجالاتها، ومن أهم النتائج التي توصل إليها هذا البحث أن أكثر النساء الماليزيات يدخلن سوق العمل سواء قبل أو بعد الزواج بناء على دواعي مادية، وهذا يتضح حينما نعلم أن أكثر النساء غير المتزوجات يعملن أساساً لمساعدة أُسرهن خاصة عند فقد العائل أو عجزه، أما المتزوجات فأكثرهن يعملن ليحصلن على زيادة في دخل الأسرة

وأما السبب الثالث فيتمثل في دور المؤسسات السياسية والاقتصادية التي كفلت فرص العمل، والدعوة إلى خروج المرأة للعمل بغرض ترقية مستواها ومساهمتها في التنمية الاقتصادية لبلدها. فبالنسبة للنموذج الماليزي هنا، وحسب التعداد السكاني لعام 2000م فإن الكثافة السكانية كانت قرابة 23 مليون نسمة. ومعدل النساء يقارب 50% أي حوالي نصف السكان، “فالنساء هن المصادر البشرية للبلد، وبإمكاننا وعلينا الاعتماد على الطاقة النسوية لمؤازرة الدولة لتصبح صناعية ومتطورة

وفي الوقت الراهن فإن نسبة النساء في القوى العاملة هي 47% بينما نسبة الرجال 84% والمسألة ليست زيادة نسبة عدد النساء في القوى العاملة وإنما تعزيز مكانة المرأة في القوى العاملة)

وقد توجد أسباب أخرى غير مباشرة أو أسباب ثانوية تستدعي خروج المرأة للعمل مثل الإحساس بالملل والكآبة داخل البيت! خاصة وإذا كانت المرأة قد أخذت قسطا عاليا من الدراسة والتكوين المهني، فترى أن الزواج وإنجاب الأولاد قد حطم مستقبلها وضيّع آمالها في تحقيق طموحاتها في أن تكون مدرسة أو مهندسة أو طبيبة أو موظفة، وتنسى أو تتجاهل أن تعليمها لم يكن المقصد الأساس منه هو التوظيف، إنما المقصود منه تثقيف المرأة وتوعيتها لأجل أداء دورها الفطري وهو تربية الأولاد بغرض إنتاج جيل واع! “ولكن الصناعة والتعليم الأفضل والمؤهلات سحبت المرأة لمشاركة القوى العالمة، ولهذا تأثير على الحياة الأسرية”.

وهذا من جانب إضافة إلى جانب آخر لم أره إلا في المجتمع الماليزي ومن خلال تعاملاتي اليومية مع بعض السيدات الكبيرات في السن (ممرضات، حارسات، طباخات، عاملات تنظيف)، فحينما أسألهن عن سبب الخروج للعمل وتفضيله عن البقاء في البيت، يجمعن كلهن على أن السبب هو الإحساس بالملل والفراغ بسبب خروج الأبناء والزوج للعمل أو الدراسة، ويجدر التنبيه أن أكثرهن كن عاملات ووصلن لسن التقاعد، وهذا يعني أن لديهن معاش التقاعد، فليس السبب إذن في خروجهن هو كسب المال بل الإحساس بالملل والفراغ والكآبة، في زمن لم يعد فيه وجود للعائلات الممتدة، إذ حلت الأسر النووية محلها، وضاعت في زحمة الحياة الروابط الاجتماعية!!

آثار عمل المرأة خارج البيت

الآثار الإيجابية: (المساعدة في تنمية الوطن، المساهمة في زيادة الدخل، المشاركة في الأعباء المالية للزوج).

المساعدة في تنمية الوطن:

 تشير (خطة التنمية الماليزية السابعة، 1996م/2000م) إلى أن نسبة خروج النساء للعمل خارج البيوت زادت من 30.8% في عام 1957م إلى 47.1% لعام 1995م، بغرض المشاركة في تنمية الموارد الاقتصادية لماليزيا بعد الاستقلال، “والجدير بالذكر أن النساء الماليزيات قد خرجن من المنزل ليشاركن الرجل في ميادين الأعمال العامة ليس بناءً على تقليد المرأة الأوروبية والتشبه بها”

. إلا أن التحديث والتطور الإنتاجي في ماليزيا ومشروع رؤية 2020م، أدى إلى زيادة الطلب على اليد العاملة، وبدأت المرأة الماليزية تشارك في مختلف النشاطات الاقتصادية والاجتماعية، زراعيا، وصناعيا، وفي قطاع الخدمات التعليمية والإدارية، وذلك لحاجات التنمية الوطنية إلى مهاراتها، وخبرتها، وجهدها

المساهمة في زيادة الدخل:

مشاركة المرأة الماليزية بشكل واسع في جميع أنواع مجالات وقطاعات العمل أدى إلى زيادة حركة التنمية وتوجيهها نحو الأفضل، وهو ما تبيّنه تقارير قسم التخطيط الماليزي والتي دلت على ارتفاع الدخل لا سيما في السنوات الأخيرة، في المدن والأرياف على السواء.

ويوضح أحد التقارير ما يلي: “أن مقدار النفقات المعيشية الشهرية في المدن في تزايد مستمر من 1.406 رنغيت خلال سنوات 1993م/ 1994م إلى 1.942 رنغيت خلال سنة 1998م/1999م، أما بالنسبة لمقدار النفقات المعيشية الشهرية في القرى فإنه كذلك ارتفع من 854 رنغيت إلى 1.270 رنغيت خلال السنة نفسها”

 المشاركة في الأعباء المالية للزوج:مما لا شك فيه أن عمل المرأة خارج البيت أصبح يشكل دعما اقتصاديا قويا للأسرة، في ظل غلاء المعيشة وهو السبب الثاني من دواعي خروج المرأة للعمل خارج البيت.

 فإن متطلبات الحياة اليومية زادت وتطورت في ظل النظام الرأسمالي بالذات

. وبالتالي أصبح عمل المرأة مهما إلى حد كبير إلى جانب عمل زوجها في توفير النفقات اليومية للأسرة.وإن كان الأصل أن الزوج هو الذي يتحمل نفقات البيت الأصلية كاملة؛ إلا أن الزوجة تتحمل النفقات الإضافية من باب التطوع منها على ذلك، كما أنه يزيد من المودة والرحمة بين الزوجين في كل الظروف والأحوال]

الآثار السلبية لعمل المرأة خارج البيت:

لعمل المرأة خارج البيت –بجانب الآثار الإيجابية- آثار سلبية عديدة قد تفوق في خطورتها وأهمية الاهتمام بها الآثار الإيجابية، وقد ارتأيت، عند تركيزي على حالة ماليزيا، أن أنظر إلى الآثار السلبية من خلال زاويتين؛

أولهما الآثار السلبية العائدة على مكونات الأسرة الثلاثة؛ الأب (الزوج) والأم (المرأة)، والأولاد، ولذلك فإني قسمتها إلى آثار عائدة على الأولاد، وآثار عائدة على المرأة، وآثار عائدة على الزوج.

أما ثانيهما فهو الأخطر من بين كل الآثار وهو الطلاق، ذلك أنه يهز أركان الأسرة ويشتتها وينهي البناء الأسري ويفرق أفرادها.أولا: الآثار العائدة على الأولاد:عادة ما تخرج المرأة للعمل تاركة وراءها أولادا، وفي كثير من الأحيان والديها أو أحدهما؛ الأمر الذي يتطلب منها تدبير شؤونها التي تركتها وراءها، فهي إما ترسل أولادها إلى الحضانة وإما تجلب خادمة تساعدها، كما أنها تضطر في أحيان كثيرة لإحضار خادمة أخرى لوالديها العاجزين.

كما وأنه عادة ما يكون مكان العمل بعيدا مما يستلزم الخروج المبكر للحصول على وسيلة النقل، خاصة أن المصانع عادة ما تكون خارج المدينة السكنية، الأمر الذي ينتج عنه بقاؤها خارج البيت لمدة تزيد على 12 ساعة أو أقل بقليل فقط، ومنه سيبقى الأولاد بدون أمهم كل هذه المدة وهو أمر ليس هيّنا.

إن الطفل لا يحتاج فقط إلى من يوفر له أمور وحاجيات الأكل والنظافة والنوم فقط وهو الدور الذي يمكن أن تؤديه أي خادمة أو حضانة ولكن الطفل يحتاج ضمن الأمور السابقة الذكر الحنان وعاطفة الأمومة التي لا يمكن للخادمة مهما أوتيت من ثقة وأمانة وحنان أن تعطيها له؛ لأن هذا الطفل أجيرها فقط، وهي تعمل كأي عامل يؤدي عمله على حسب ما يساويه الأجر فقط، ولا يمكن لعاطفة الأمومة أن تُباع أو تُستعار أو تكتسب لأنها فطرة الله التي فطرها الأم عندما حملت جنينها ووضعته وليدا وألقمته بعد ذلك صدرها.

ناهيك عن الأطفال وهم في سن المراهقة، وهم في سن الشباب…

ثانياً: الآثار العائدة على المرأة نفسها:

إن المرأة العاملة وبسبب كثرة وتعدد المسؤوليات الملقاة على عاتقها، فإنها تُصاب بالإرهاق المؤدي إلى الضغط النفسي، فإذا ما أدت عملها خارج البيت بكل جهدها وبإتقان فإنه سيرجع بالعكس على أولادها ومسؤولياتها تجاه زوجها خصوصا، ثم بيتها عموما، فلا تقدر على الأداء الجيد لأنها مجهدة ومرهقة، وبالتالي غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها البيتية، وإذا ما حدث العكس فإن عملها خارج البيت سيتأثر بتأخرها وكثرة غيابها أو بخروجها المبكر من محل العمل.. إلخ.

والأدهى والأمر من هذا كله هو الإرهاق وضغط الأعصاب الذي يلاحقها في بيتها ومكان عملها، بين ثنائية الصراع (الاستقرار والبقاء إلى جنب أبنائها ترعاهم وتقوم على تدبير شؤونهم، أو إغراء العمل خارج البيت تحقيقاً للذات وكسباً للمال وجرياً وراء مغريات الحياة).

وهكذا تجد المرأة نفسها في دوامة صراع يومية، بين العمل خارج البيت وبين مسؤولياتها تجاه أولادها (تربيتهم، رعايتهم، مساعدتهم في دروسهم)، وبين زوج يريد زوجة حنونا تلطف له جو الحياة المشحون والمضغوط، وبين بيت يحتاج إلى تنظيف وووو…

ثالثا: الآثار العائدة على الزوج:

عمل المرأة خارج البيت وما يترتب عليه من آثار (على الأولاد وعلى الزوجة نفسها)، كما سبقت الإشارة إليه، تؤثر على نفسية الزوج بالسلب وربما إلى حد الإرهاق النفسي أحياناً أخرى[ حين يرى أولاده ضائعين بين خادمة عديمة الإحساس، تائهين بين تلفزيون أو ألعاب فيديو مخدرين لا يهتمون لما يدور حولهم، وهذا هو الأثر الأول.

 أما الثاني فهو إهمال شؤون البيت وإهمال المرأة نفسها مما يبعث في نفس الرجل بالملل في الحياة اليومية الروتينية مع زوجة عاملة لا تهتم بنفسها في البيت بقدر ما تهتم بزينتها للخروج للعمل.

وأخيراً حين يرى زوجته العاملة المرهقة تعبة من عملها، تزيدها أعباء ومسؤوليات البيت إرهاقاً، يدخل هو أيضاً في دوامة، ففي خضم هذه الأجواء لا يجد لنفسه مقاماً، ويتحرج أن يبوح باحتياجاته النفسية.

رابعا: الطلاق

وهو جوهر البحث ولبه، وهو كما أسلفنا أخطر الآثار المترتبة على عمل المرأة خارج البيت بما له من خطورة إنهاء كيان مؤسسة الأسرة، ولذلك فإن هذه الورقة تعطيه عناية خاصة وتربطه بحالة ماليزيا خاصة.

نظرة عامة حول ارتفاع نسبة الطلاق:

تشهد الآونة الأخيرة صعوداً متتالياً في نسبة الطلاق في المجتمع الإسلامي والذي نحن بصدد أخذه محور الدراسة، وهذه ثلاثة أمثلة من دول إسلامية متباعدة في الموقع الجغرافي وهي (المغرب- الكويت- ماليزيا).

حيث يرى باحثون اجتماعيون في المغرب أن: “ثلث الزيجات التي ترتبط في فصل الصيف تنتهي بالطلاق قبل فصل الشتاء، حسب المصادر الرسمية، التي تؤكد أن أكثر من نصف أزواج صيف 2000م طُلقوا قبل حلول صيف 2001م، بل إن نسبة 70% من الزيجات لا تبلغ السنة الثالثة لارتباطها، علماً بأن جزءًا من البيوت لا تضمن استمرارها سوى بتحمل أحد الطرفين

وأما عن الكويت فإن رئيسة مكتب الاستشارات الأسرية تورد أهم أسباب الطلاق في المجتمع الكويتي: الاختيار الخاطئ، وزواج المصالح، عدم المصارحة بين الزوجين، وزواج البدل، وعدم نضج أحد الزوجين لتحمل مسؤوليات الأسرة وهذا فيما يخص الزواج في السنوات الخمس الأولى، أما الطلاق الذي يتم بعد فترة تتجاوز العشر سنوات فإن الأسباب تختلف وهي: إهمال الزوجة لنفسها، هجر الزوج لبيته واستقلاله بحياته، اختلال الأدوار بتحمل أحد الزوجين أكثر من طاقته، وأخيراً الزواج الثاني للزوج

أما عن نسبة الطلاق في ماليزيا فهي في تزايد مستمر عكس الزواج الذي أخذ في النقصان، وهذا مثال لإحدى الولايات الماليزية هي مدينة (سلانجور)، إذ تدل مثلاً إحصائيات سنة 2000م أن عدد الزيجات هي 9597، وفي عام 2001م وصلت 10990، أما سنة 2002م (من شهر يناير حتى مايو) 144 زواجاً فقط، أي بمعدل 172 حالة زواج في الشهر الواحد

ويقابلها من الناحية الأخرى إحصائيات الطلاق للسنوات نفسها، 2075، 1878، 2642 على الترتيب السابق للسنوات، وإذا ما قورنت بإحصائيات السنوات التي قبلها مثل 1990- 1994م، فإن الإحصائيات كالآتي: 918-1264-460-937-1318

وفيما يتعلق بإحصائيات عام 2003م (الإحصاء الأخير بين يونيو ويوليو وسبتمبر حسب كل ولاية) لبعض الولايات الماليزية مجتمعة هي (قدح- بيرك- سيلنجور- نقري سنبيلان- ملاكا- باهنج- سرواك) فإن إحصائيات الزواج 29518؛ وفي المقابل فإن إحصائيات الطلاق كانت 4507 حالة (تنقص منها ولاية باهنج).

وأما الأسباب فهي تدور بين العوامل الداخلية مثل الخصام الدائم والقلق الذي يعيشه أحد الزوجين، وعدم الالتزام بتعاليم الدين، وأما العوامل الخارجية فتتمثل في عمل المرأة، ومشاركتها في الأنشطة الخارجية، والتعدد وتدخل الطرف الثالث (الأم، الأخت ومن غير أفراد العائلة)، وعدم عمل الزوج، وعموماً المشاكل المالي. كما أن نسبة الطلاق أكثر ما تكون بين المتزوجين الجدد وهم في مقتبل العمر (20-30 سنة) وبعد مرور عامين فقط من الزواج


شاهد أيضاً

انتبهوا.. 13 خطأ تجلب الحسد والفقر والحزن في المنزل

وعرضت دكتورة سهام عيد، خبيرة طاقة المكان، أهم الأشياء الموجودة داخل المنزل وتساعد على تمكن …

error: Content is protected !!