هادي جلو مرعي
مسؤول الثلاجة يقول.. الثلاجة لم تمتليء بالجثث بعد!
وصلتني هذه الرسالة من صحفي راجع مشفى حكومي بجانب الكرخ، ويتساءل: إلى متى تستمر معاناة العراقيين في المستشفيات الحكومية ؟
ويضيف: يوم أمس راجعت مستشفى ال…التعليمي لزيارة طفل مريض قريب لي… في قسم طوارئ الأطفال شاهدت حالات مرضية، وفوجئت بوفاة طفلتين في خلال أقل من نصف ساعة. توفيت الأولى بعد زرقها بلقاح من مستشفى ال……… ولم تنجح محاولات إسعافها في مستشفى ال…. الثانية توفيت نتيجة عدم وجود جهاز إنعاش. والد الطفلة ذهب إلى مستشفى اليرموك وغيره من مشاف من أجل الحصول على جهاز إنعاش لإنقاذ ابنته إلا أنه جوبه بالرفض، وعاد إلى إليها منكسرا في مستشفى ال……. ولم يتبق له سوى الدعاء، والتوسل الى الله تعالى، وما هي إلى دقائق قليلة، ورأيت الطفلة وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة، وقد توفيت نتيجة لعدم وجود جهاز إنعاش.
في هذه الأثناء كان والد الطفلة يصرخ بهستيريا، ويمزق ثيابه بعد أن صدمه موت ابنته.
الأسئلة هنا عديدة وحزينة وصادمة..
لماذا هذا الإهمال الطبي في وزارة الصحة وهي أهم وزارة مسؤولة عن حياة المواطنين؟
الطب مهنة إنسانية، فأين ذهبت الإنسانية؟
أين الميزانيات الخاصة بوزارة الصحة، وهي ميزانيات عالية؟ ولا توجد أجهزة متطورة طبية. وأيضا فالروح الإنسانية لا توجد، وكأنها في ثلاجات الموتى!!
من المسؤول عن هذا الخراب؟ أين الرقابة والنزاهة والمفتشية والقضاء ؟
مالذي ستقولونه يوم الحساب، يوم لا ينفع مال ولا بنون ؟ وأظنكم لاتخشون الحساب. فقد ختم الله على قلوبكم..لماذا تطلقون أسماءا مقدسة على أماكن فاسدة؟
الأكثر مرارة من ذلك إنه وبعد وفاة الطفلتين سمعت عمال المشفى وهم يضحكون، ويقول أحدهم لزميله: اليوم أخبرني مسؤول الثلاجة متسائلا: إنه خلال اليومين الماضيين فإن ثلاجة الموتى لم تمتلئ بعد بالجثث. هذا فضلا عن العلاجات المفقودة لمرضى السرطان وغيرهم من المصابين بأمراض مستعصية.
العام الماضي ذهبت رفقة زميل صحفي الى المملكة الاردنية الهاشمية، وكان يحضر لإجراء عملية جراحية في المركز العربي قرب الدوار الخامس في العاصمة عمان.وكنت أسكن في شقة فندقية فاخرة..في المستشفى لم أميز إن كان مستشفى بالفعل، أم هو مجمع سياحي فخم وفاخر.. قررت المبيت عنده، وكنت أستمتع بوجوه الممرضات.. ومن أسبوع شعرت بالرعب بعد زيارتي لمستشفيات في الكرخ والرصافة.. اعتقد إن البلد كلها فسدت للأسف..
شاهد أيضاً
العراق وطن القلوب والحضارة
اللواء الدكتورسعد معن الموسوي أنا دائمًا ما أبتعد عن الحديث في السياسة وعراكها، لكن عندما …