أمينة السعيد رائدة الصحافة النسائية : حواء ذات الوجوه المتعددة في بلاط صاحبة الجلالة

صوتها/ هن

هي أول سيدة عربية مارست الصحافة كمهنة بالمقاييس المعاصرة لمهنة المتاعب. وهي صوت حر نادى بضرورة تحرير النساء ومنحهن حقوقهن كاملة.

إنها المصرية أمينة السعيد التي قاومت وبمنتهى الشراسة كل أشكال اضطهاد النساء وامتهان كرامتهن.

نشأ الإهتمام بالشأن النسوي لدى أمينة السعيد التي كان من حظها أنها  ولدت لأب مستنير لم يرزق سوى بالبنات، وربما لهذا أدركت مبكرا ما معنى أن تكون أنثى في مجتمع شرقي محافظ في بدايات القرن العشرين.

غرس الوالد الذي كان طبيبا في بناته معنى الإعتماد على الذات وأهمية العلم والمعرفة وقد أوصاهن بضرورة إتمام تعليمهن الجامعي قبل الإرتباط أو الزواج الذي قد يعرقل مسيرتهن الجامعية.

شكلت هذه المعطيات وعي أمينة السعيد التي انخرطت في عالم الصحافة في زمن كانت فيه هذه المهنة حكرا على الرجال دون سواهن.

وانخرطت أمينة السعيد في مجال الصحافة وقدر لها أن تلتقي برموز كبار في مجال الكتابة الصحفية، على غرار مصطفى أمين الذي منحها فرصة النشر عندما كانت تخط أولى محاولاتها في مجال كتابة القصة الإجتماعية.

كما ولجت عالم الإذاعة عن طريق الصحفي والمذيع محمد فتحي وبدأت تخطو خطواتها  الأولى في بلاط صاحبة الجلالة.

عملت هذه الصحفية والكاتبة على مقاومة كل مظاهر قهر النساء وتصدت، خاصة وبمنتهى القوة لعادة ختان البنات المنتشرة بشكل كبير في مصر وواجهت تصلب العادات والتقاليد البالية رغم أن النسق الإجتماعي لم يكن ملائما للتغيير.

 

 

برعت أمينة السعيد في مجال الكتابة الإجتماعية تلك التي تفضح من خلال عديد الممارسات القائمة على مبدإ الهيمنة الذكورية.

كما كان لها باب ثابت موسوم ب”إسألوني”  في مجلة المصور، وفيه إجابات عن حيرة القراء ومساعدتهم على مواجهة مشاكلهم الإجتماعية. وكان ركنا ناجحا بفضل قيامه على مبدأ التفاعل مع القراء وهي موضة صحفية راجت في مرحلة أوج الصحافة المكتوبة التي كانت توفر التثقيف والإخبار والتربية والتسلية لجمهور القراء.

لم يكن التحصيل العلمي وحده من صنع نجاح الكاتبة والصحفية أمينة السعيد، فهناك أيضا شجاعتها وجرأتها التي جعلتها تواجه المجتمع وتتحدى التقاليد الثقيلة، لتلج بلاط صاحبة الجلالة وتبرع فيه، رغم احتكاره في تلك الفترة من قبل الرجال.

وقد فتحت بذلك الباب أمام عديد من النساء المترددات من أجل خوض غمار المغامرة الصحفية.

من أهم محطات حياتها اللقاء الذي جمعها في شبابها بالمناضلة هدى الشعراوي التي رعتها واهتمت كثيرا بها بعد ان وجدت فيها معالم النباهة والذكاء والشجاعة .

التحقت أمينة السعيد بالجامعة المصرية عام 1931 ودرست الأدب الإنجليزي وكانت ضمن أول دفعة من بنات مصر يتخرجن من الجامعة التي كان عميدها وقتها الدكتور طه حسين احد اعلام الادب والفكر.

 

 

 

 

كان تخرجها في مرحلة لم يكن فيها تعليم البنات، وخاصة في الجامعات متاحا وسهلا بل كان تحديا كبيرا ومغامرة محفوفة بالمخاطر، ورغم ذلك نجحت أمينة السعيد في كسب الرهان، وتخرجت عام 1935، والتحقت رأسا بمجال الصحافة لتكون أول صحفية تمارس العمل الميداني في العالم العربي.

عملت في كثير من النشريات الصادرة في تلك المرحلة على غرار ” كوكب الشرق” و”الأمل ” ثم “اخر ساعة” و”المصور”.

بفضل تميزها واجتهادها تمكنت السعيد من رئاسة تحرير مجلة حواء الصادرة عام 1954 وحققت هذه المجلة النسائية نجاحا منقطع النظير.

 

 

 

ثم ترأست تحرير مجلة المصور، وقطعا كانت أول سيدة تحظى بهذه المكانة، ثم ترأست مجلس إدارة دار الهلال، وهي من أعرق دور الصحافة، ليس في مصر فحسب وإنما في المنطقة العربية عموما.

 

 

 

جمعت أمينة السعيد بين الممارسة الميدانية للعمل الصحفي وبين الممارسة النقابية، وكانت أول سيدة تنتخب لعضوية نقابة الصحافيين في مصر، وأول سيدة تحظى بمنصب وكيل هذه النقابة عام 1959.

 

 

والحقيقة إن سجل أمينة السعيد حافل في هذا الصدد، ونجد مسيرتها تعج بمصطلح “أول” بإعتبارها إحدى الرائدات في مجال شائك وبالغ الصعوبة، فهي التي ولجت الصحافة في مرحلة الثلاثينات من القرن الماضي عندما كان لصاحبة الجلالة دور تنويري وتحريري مهم.

 

 

ولأن الأدب والصحافة يتقاطعان، اهتمت السعيد بمجال السرد فكتبت مجموعة من المؤلفات من بينها: “وجوه في الظلام” و”اخر الطريق” ثم “من وحي العزلة” و”حواء ذات الوجوه الثلاثة”.

واذا كانت المصادر تختلف في تحديد تاريخ ولادة رائدة الصحافة العربية، فإن تاريخ وفاتها ثابت وهي التي رحلت عن الدنيا يوم 13 أوت اغسطس عام 1995.

شاهد أيضاً

دريا ترسم لمساعدة مرضى السرطان 

“اسمي دريا سالار حويز، عمري ٢٤ عاماً، تخرجتُ من كلية الأحياء في جامعة صلاح الدين …

error: Content is protected !!