عقد مركز حوكمة للسياسات العامة مؤتمر ختامي لاطلاق نتائج مؤشر حوكمة للتحول الديمقراطي في العراق للعام 2018 وذلك يوم الخميس الموافق 13/9/2018, و بحضور نخبة من الاساتذة والاكاديميين والخبراء وأعلاميين ومنظمات المجتمع المدني والناشطيين في هذا المجال .
أفتتح المؤتمر من قبل رئيس المركز الدكتور منتصر العيداني بالتريحيب بالحضور واستعراض موجو عن ما سيتضمنه الموتمر واليات العمل التي اعتمدها في قياس موشر الديمقراطية ,مبيناً أن المرحلة الانتقالية التي تمر بها الدولة العراقية نتيجة التحديات الامنية لاسيما الارهاب , فضلا عن عن الاوضاع السياسية المضطربة والاقتصادية والاجتماعية والخدمية المتلكئة,مما ادى الى اضعاف وتعطيل كثير من المؤسسات والبنى التنظيمية.
واضاف العيداني قائلا”جاءت ورقة مركز حوكمة بأهم المعايير والمؤشرات الضرورية لقياس نتائج التنفيذ الفعلي ومقارنتها بالمستهدف وتحديد الانحرافات واسبابها والبحث عن علاجها, كما انها من اهم المقومات والمرتكزات التي تتطلبها عملية رقابة تقييم الاداء في الوحدات والجهات الحكومية ليتم في ضوئها اجراء عملية التقييم والقياس”.واشار رئيس المركز بان المتوسط الحسابي لمحاور مؤشر حوكمة للتحول الديمقراطي في العراق (2017-2018) بلغ (4,7) من مجموع عشرة مراتب او درجات بمعنى انه دون الوسط بنسبة قليلة ,بكلمة اخرى فأن التحول الديمقراطي في العراق للعام 2017-2018 وبعد مرور (15) عاماً على الانتقال لايقترب بأي درجة من مستوى اعلى من الديمقراطية بوصفه نظاماً انتقالياً غير مستقر .
من جانبه استعرض الدكتور مهند النعيمي المشرف على العمل الميداني للنشاط سياقات الاطار المنهجي الذي اعتمده مجموعة الباحثين في الدراسة من خلال استقراء خصائص العينة المبحوثة :
-1 إن تفاعل الذكور اكبر من تفاعل الاناث, وهذا يدل على ان التفاعل مع الشأن العام يزداد لدى الذكور ويقل لدى الاناث, وهذا يعود لعوامل عديدة من أبرزها أن نسبة الأمية ومحدودي التعليم في العراق غالبيتها من النساء.
2-من خلال تحليل النتائج النهائية تبين إن فئة الشباب هي الأكثر تأثرا بالشأن العام، وهي دلالة حسنة على إن المجتمع العراقي يسير باتجاه التحول الديموقراطي السليم اذا ما توفرت البيئة الناضجة لاحتضان ذلك التحول
3.اتضح من خلال نتائج الاستطلاع فيما يخص التحصيل الدراسي بان التفاعل مع أسئلة الاستطلاع قد جاءت من الأفراد الذين يحملون الدرجات العلمية الأولية والعليا، في حين إن التفاعل يقل لدى حملة شهادة الدراسة الثانوية، ويكاد ينعدم عند حملة الشهادة الابتدائية فما دون
4. من خلال الوقوف على الحالة الاجتماعية للجمهور المبحوث تبين بان نسبة الاهتمام بالشأن العام تزداد لدى أصحاب الأسر من المتزوجين, ثم يأتي اهتمام الباكرات والعزاب باقل من ذلك بقليل, في حين يكاد ينعدم الاهتمام لدى فئات المجتمع من المطلقين والأرامل، ،وهو ما يعكس ضرورة اهتمام صناع السياسات العامة بأصحاب المسؤولية الاجتماعية, ذلك لان الأسرة تشكل اللبنة الأولى لبناء مجتمع قوي ومتماسك.
5.لدى تحليل النتائج حسب المحافظات والأقاليم العراقية تبين بان العاصمة بغداد هي الأكثر تفاعلا واهتماما، حيث بلغت النسبة 52,6%, الأمر الذي يعزى إلى عوامل إجرائية، و أخرى موضوعية
6. تبين من خلال تحليل النتائج بأن نسبة الاهتمام بالشأن العام متقاربة بين الفئات العاملة في القطاع العام، والفئات العاملة في القطاعات غير الحكومية، مع أرجحية قليلة للأولى على الثانية إجمالا, و أن مستوى التباين الأوضح يقع في المحور السياسي, وبنسبة أعلى في محور المرأة, فقد لوحظ بان نسبة الاهتمام بالشأن السياسي تزداد لدى الفئات العاملة في القطاع الحكومي بما نسبته 18% اكثر من الفئات العاملة في القطاعات غير الحكومية.
كما قدم أ.حسين عباس مهنا ورقته حول محور الحكم المحلي مبيناً فيها أن الديمقراطية لا تتكامل دون أن يكون هناك دور للمجتمعات المحلية في إدارة شؤونها, فهناك علاقة طردية بين الديموقراطية والحكم المحلي , فلا يمكن تصور وجود حكم محلي في دولا لا يؤمن نظامها السياسي بالديموقراطية.استخلاصاً لمعطيات الحكم المحلي تبين إن النظرة الشاملة لطبيعة اتجاهات المبحوثين توضح إن هناك فجوة بين الأداء والنتيجة، والأصل في النظام الديموقراطي هو وسيلة لتحقيق غايات معينة أهمها، التمثيل الحقيقي للناخبين، وتحقيق المشاركة السياسية الواقعية في اتخاذ القرارات، ورسم السياسة على المستوى المحلي، من اجل الوصول إلى افضل طريقة في تقديم الخدمات، وتحقيق الاحتياجات الأساسية، التي من أجلها تم وجود الحكومات المحلية.
و قدمت د بشرى العبيدي ورقتها حول محور حقوق المرأة ” النوع الاجتماعي ” مبينة ان الديموقراطية لم تعد ترفًا ثقافيا أو موضوعاً يهم المثقفين والمثقفات فقط، بل هي ضرورة حيوية تهم مختلف أفراد المجتمع لعلاقتها الوثيقة بتقدم المجتمعات وتطورها, ذلك إن الديموقراطية السياسية لا تنفصل عن الديموقراطية الاجتماعية والاقتصادية, وعلى الصعيد العملي لا يمكن أن تطبق الديموقراطية دون الإشارة إلى دور المرأة لأنها تشكل رقماً كبيراً في المجتمع, و في ما تواجهه المجتمعات اليوم من تحديات جوهرية تتعلق بواقع الفرد والأسرة والمجتمع, خصوصا عندما تقف هذه التحديات عائقاً أمام مشاركتها الفعالة، وتمكينها من نيل حقوقها السياسية والاجتماعية والاقتصادية , لذا فأن تعزيز الديموقراطية، وحقوق الإنسان على أسس سليمة سيكون لها التأثير المباشر على وضع المرأة بعدّها المستفيدة الأولى من إشاعة الديموقراطية وترسيخها في مختلف المجالات إن كان على صعيد الأسرة أو المجتمع أو العمل , والعكس صحيح.
وجاءت ورقة المحور الاعلامي التي قدمها أ. أحمد الصادق بأن الإعلام يمثل احد اهم ركائز الديموقراطية كونه مرآة عاكسة للنشاط الاجتماعي، وعين رقابية شعبية يقظة على أداء المؤسسات الحكومية على اختلافها ، وقد تم تضمين المحور الإعلامي في قياس مؤشرات الديموقراطية في العراق نظرا لمستوى التطور في اليات العملية الإعلامية حديثا، وتغلغلها في مجمل النشاطات الإنسانية العامة، إلى جانب رصد التأثير الكبير الذي أحدثه التحول السياسي في العراق على الحركة الإعلامية، والعكس إذ تأثر الإعلام العراقي بالسياسة بشكل مباشر، وبناء على هذه العلاقة ذات التأثير المتبادل كان لزاما تسليط الضوء على الحركة الإعلامية في البيئة العراقية ومدى تأثرها و تأثيرها بعملية التحول الديموقراطي .
وقد أعتمد قياس المحور الإعلامي عدداً من المؤشرات تتمثل في: حرية الإعلام واستقلاليته, حياديته, مصداقيته, حماية الصحفيين, خدمة المجتمع, إمكانية الحصول على المعلومات, حرية التعبير, الثقة بوسائل الإعلام , والسيطرة الحكومية والسياسية على الإعلام.
قدم د.جاسم مصحب نبذة عن المحور الاقتصادي بأن العامل الاقتصادي يكتسب أهمية قصوى في حياة المجتمعات لذلك يمكن استخدامه كمسار لقياس مؤشرات متنوعه ومنها مؤشرات الديموقراطية لبلد ما, إن الافتراض الذي يقوم عليه المقياس هو إن احد اهم مسارات التحول الديموقراطي الإيجابي هو نتاج اتباع فلسفة وسياسات اقتصادية رشيدة وموافقة للتحول الديمقراطي, وان عدم وجود تحول ديموقراطي إيجابي (تعثره أو غيابه أو تراجعه) هو نتاج غياب الفلسفة الاقتصادية المواتية للتحول الديموقراطي، والسياسات الرشيدة المرتبطة بها أو فشل تحقيقها
اقتصاديا , من خلال تحليل الاتجاه العام لإجابات الجمهور وتحليلها يمكن الاستنتاج إلى إن النظام الاقتصادي بوضعه الراهن والمدروس لدينا لازال يحمل بطياته نقاط ضعف جوهرية لا تؤهله لدعم عمليات التحول الديموقراطي في العراق.
وجاءت ورقة د عبد العزيز العيساوي عن المحور الانتخابي بأن الانتخابات تعد ركيزة أساسية في أي انتخابات ديموقراطية، لأنها تتيح للأشخاص المشاركة في إدارة شؤون بلدهم بشكل مباشر، أو عن طريق اختيار ممثليهم الذين يصلون إلى السلطة عن طريق انتخابات نزيهة، وذلك انطلاقا من المادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
وبالنظر إلى نتائج قياس مؤشرات الديموقراطية في العراق، اتضح إن الاطار القانوني للانتخابات المتمثل بقانون الانتخابات، لم يكن متوفرا بالشكل الذي يتناسب مع متطلبات الديموقراطية التي تمثل حكم الشعب لنفسه، ولا يمكن لهذا الحكم أن يتحقق مالم يكون الشعب قادرا على انتخاب ممثليه بشكل عادل، ومن خلال اطار قانوني مناسب، لان النظام الانتخابي هو الألية التي تحول أصوات الناخبين إلى مقاعد في السلطة التشريعية، إن صلحت هذه الألية صلحت الانتخابات والتجربة الديموقراطية، وان لم تصلح فالانتخابات والديموقراطية في خطر، وان وجود 57,4% من العينة التي تعتقد إن قانون الانتخابات لم يكن عادلا امر يتطلب النظر في هذه المسألة للتوصل إلى اطار قانوني مناسب.
وجاءت ورقة المحور السياسي التي قدمها د. عماد الشيخ , د .فلاح الزهيري, إن قياس ديموقراطية دولة ما هو محاولة لقياس مدى المشاركة الفعلية لعموم المواطنين في عملية صنع القرارات المتعلقة بمصيرهم , وهذا يتطلب وجود مؤسسات ووسائل وسبل تتيح هذه المشاركة وتمّكن المواطنين من استخدامها، على أن هذا المقياس لا يعكس حالة الديموقراطية، وإنما عملية التحول الديموقراطي عن طريق إجراء قياس رقمي وتقديري لحالة الديموقراطية في العراق.
سياسيا ، يتضح لنا بان طيلة فترة ( 13 )عاما من العمل تحت مظلة الدستور الدائم 2005، لم تتمكن المؤسسات من تحقيق المشاركة السياسية الفاعلة، التي ينبغي أن تكون مرحلة أولى لتحقيق الشراكة في إدارة الحكم بما يتوافق ومبادئ الهدف( 16) من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة الخاص (ببناء السلام والعدل والمؤسسات القوية )
أما بالنسبة للمحور القانوني فقد أعده د .منعم خميس مبيناً إن مؤشرات قياس الديمقراطية في الجانب القانوني تتداخل مع جوانب أخرى، كحقوق الإنسان والمرأة، فضلا عن الجانب الإعلامي والسياسي، وكذلك الاقتصادي، ولكن ولأغراض منهجية وعملية نرى أن تكون لدينا ثلاث معايير أساسية تتفرع منها ما يمكن تسميته مؤشرات فرعية لكل معيار، يقسم ويتشكل بمجموعة من الأسئلة المرتبطة بكل منها.
1- سيادة القانون 2- استقلالية القضاء 3- قوانين العدالة الانتقالية
وبأستخلاص المعطيات قانونيا , نجد إن الواقع يشير إلى انه هناك مشكلات جمه تواجه عملية التحول الديموقراطي في العراق، وهناك قوانين تسن بشكل يتعارض أحيانا مع الدستور، ولا يتفق أو ينسجم معه في أحيان أخرى، وهذا بسبب الطائفية السياسية، ونظام المحاصصة، وعدم الوصول إلى فكر بناء الدولة، ووجود المؤسسات، ونظام الفصل بين السلطات، وضرورة تفعيل العقوبات في القوانين العراقية من جهة، وان تكون الأجهزة الأمنية بأعلى درجات المهنية في تنفيذ أوامر القبض القانونية، وعدم تجاوزها إطلاقا، ومحاسبة من يتجاوزها، وكذلك هناك ضعف بنشر الثقافة القانونية، والإعلام القانوني.
كما وقدمت د بشرى العبيدي ورقة محور حقوق الإنسان مبينة أن حقوق الإنسان والديمقراطية متلازمان ومتممان لبعضهما البعض, , ففي ظل الديموقراطية تكون حقوق الإنسان محترمة في الممارسة، وبالمقابل فأن ممارسة حقوق الإنسان ضمانة للديموقراطية ، لذا فإن تعزيز الديموقراطية يستلزم تعزيز حقوق الإنسان وحرياته الأساسية.
استخلاصا للمعطيات تبين ان إن واقع حقوق الإنسان الحالي ومستوى الخدمات، والاهتمام والرعاية المقدمة إلى المواطن العراقي من قبل مؤسسات الدولة المختلفة، والخلل التشريعي الكبير الذي يعتري تشريعاتنا النافذة، من حيث مستوى الحماية وضمان حقوق الإنسان، كذلك القصور في تطبيقها وتنفيذها، قد انعكس بشكل جلي وواضح على إجابات الجمهور عندما وجهة اليهم تلك الأسئلة العشرة، الأمر الذي يؤشر إن أمام القوى السياسية واجب تحسين برامجها وخطاباتها السياسية والإعلامية، في مجال تعزيز حقوق الإنسان، وكذلك أمام السلطات الثلاثة (التشريعية والتنفيذية والقضائية) فرصة مواتية لتحسين برامجها الخدمية والتشريعية والقضائية، أيضا في مجال تعزيز حقوق الإنسان لكسب الجمهور وتأييدهم، إذ إن بقاء الأوضاع على حالها سينعكس سلبيا على عملية التحول الديموقراطي الجارية في العراق وقد دلّت الإجابات التي حصلنا عليها من خلال هذه الأسئلة على تلك المؤشرات دلالة واضحة.
وبعد الانتهاء من تقديم محاور المؤشر تم فتح باب النقاش وطرح المداخلات من قبل الحضور , حيث قدم عددا من المشاركين ملاحظات و مداخلات و تساؤلات على العديد من القضايا التي أثيرت في محاور قياس الديمقراطية , وقد غطت المناقشات جميع المحاور , و أعلن مركز حوكمة بأن مؤشر التحول الديمقراطي سيصدر في كتاب سنوي خلال الفترة المقبلة .