صوتها/تحقيقات وتقارير
يعيش العراق منذ الغزو الأمريكي عام 2003 مشاكل اجتماعية خطيرة، يتعلق بعضها بالأطفال المشردين، الذين يراهم البعض قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة؛ لا سيما إن استُغلوا من قبل المجاميع المسلحة.
مشكلة الأطفال المشردين “أطفال الشوارع”، نمت بشكل كبير بعد تزايد أعدادهم عقب أحداث العاشر من يونيو/ حزيران 2014، وسيطرة تنظيم “الدولة” المعروف إعلامياً بـ”داعش” على أجزاء واسعة من المناطق في العراق، وما نتج عنه من تشريد للعوائل، التي صار بعضها يزج بأطفاله في الشوارع لأجل العمل في بيع أغراض بسيطة في التقاطعات المرورية.
وفي حديث قال النقيب في الشرطة الاتحادية، رسول المحمدي: إن “تزايد عدد أطفال الشوارع وسط العاصمة العراقية بغداد أصبح يربك عمل القوات الأمنية المسؤولة عن الأمن الداخلي”، لافتاً إلى أن “هؤلاء الأطفال تم استغلالهم من قبل الجماعات الإرهابية والمليشيات والعصابات الخارجة عن القانون”.
وأضاف: “تمكنا من إلقاء القبض على مجموعة من أطفال الشوارع داخل بغداد”، مشيراً إلى أنه بعد التحقيق معهم “تبين أنهم جُندوا من قبل عصابات تعمل على خطف المواطنين وقتلهم”.
وعن الدور الذي يقوم به هؤلاء الأطفال قال المحمدي: إن “أغلب عمليات الاغتيال تتم عن طريق وضع عبوات لاصقة أسفل السيارة؛ بعضها يقوم بتنفيذها أطفال جُندوا من قبل جماعات وعصابات متطرفة خارجة عن القانون”.
أحد الأطفال يدعى علي أدهم، ورداً على السؤال عن أسباب عيشه في الشارع، قال إنه لم يتجاوز العام الثالث عشر من عمره، وإن والدته بعد وفاة والده بتفجير وقع ببغداد قبل نحو خمسة أعوام، تزوجت من رجل آخر “عديم الرحمة والإنسانية” بحسب وصفه، مضيفاً أن زوج أمه كان يوسعه ضرباً دون مبرر.
تلك الأسباب مع عدم مقدرة والدته على الدفاع عنه، لا سيما أن زوجها انتشلها وأطفالها الصغار من الضياع، أجبرت علياً على ترك دار زوج أمه والتوجه إلى الشارع، مضيفاً: “أعمل في كل شيء، أبيع المناديل والبالونات والعلكة، أي شيء مقابل توفير ما يؤمن لي الطعام، في حين أبيت في الشوارع وأحياناً في هياكل بنايات”.
علي أكد أنه لا يتوانى عن فعل أي شىء مقابل الحصول على المال، خاصة إن كان المبلغ كبيراً بحسب قوله، معللاً أن “الحياة صعبة ولم تعد تهمني سمعتي، وليست لي عائلة أخاف على سمعتها”.
من جهته قال الباحث الاجتماعي، مصطفى محجوب، في حديث ” إنه لا يملك “إحصائية دقيقة عن أعداد أطفال الشوارع في العراق، إلا أن منظمات إنسانية تؤكد أن عددهم تجاوز 500 ألف طفل؛ مقسمين ما بين هاربين من أسرهم أو عاملين لينفقوا عليها، أو يعملون وأسرهم في الشوارع”.
وأضاف: أن “هؤلاء الأطفال من السهل تجنيدهم من قبل الجماعات الإرهابية والمليشيات المسلحة؛ ليصبحوا كتلة إرهابية تهدد المجتمع، في ظل تنامي ظاهرة الإرهاب على مستوى المنطقة كلها وليس في العراق وحسب”.
وشدد محجوب في إطار طرحه علاج تلك الظاهرة، على وجوب “تبني الحكومة العراقية والمنظمات الإنسانية إنشاء مراكز لإيواء أطفال الشوارع، وتقديم الرعاية الكاملة لهم للحد من انتشار هذه الظاهرة، التي باتت تقلق جميع العراقيين”.