الفيسبوك يدفع خمسينية ألمانية مع ابنتيها إلى داعش

صوتها/تحقيقات وتقارير

“وأنا أقلب في صفحات التواصل الاجتماعي كنت أشاهد صورا ومقاطع فيديوية لتنظيم الدولة الإسلامية من على صفحتي الشخصية وكنت أتلقى دعوات لمنتديات خاصة بالتنظيم، وبعدها بدأت مجموعة من الفتيات يتحدثن لي عن الدولة الإسلامية والجهاد في سبيل الله، وكن يستعملن أسماء مستعارة وبعد فترة من الزمن صرت أرغب بالتعرف أكثر على الدولة الإسلامية في العراق والشام”، كما تقول.
لمياء محمد قوسيج تبلغ الواحدة والخمسين من العمر، تحمل الجنسية الألمانية وهي من أصول مغاربية تروي لـ”القضاء” بداية قصتها مع تنظيم داعش، وكيف انطلقت بمرحلة جديدة من حياتها وحياة ابنتيها بعد أن دفعتها رغبتها وقناعتها البسيطة في التنظيم الإرهابي للتعرف على سبب هجرة بعض الألمانيات للالتحاق بالقتال في سوريا والعراق.
لمياء التي كانت ماثلة أمام قاضي التحقيق في المحكمة المركزية المتخصصة بمكافحة الإرهاب بجسدها النحيل وعينها المصابة أكملت قصة انضمامها إلى داعش وهي تخفي ندماً ويأساً.
تقول “بعد مجموعة المعلومات البسيطة التي حصلت عليها من المنتديات والمواقع الالكترونية التابعة للتنظيم قصدت مجموعة من رجال الدين في حي منهايم الذي كنت أسكنه وممن كنت أعرف أنهم يحفزون المسلمين على الالتحاق بالدولة الإسلامية”.
تضيف لمياء أو محمد أمين كما ستكنى بعد ذلك “التقيت مجموعة من رجال الدين لا أعرف أسماءهم إلى اليوم لأنهم يستعملون كنى مختلفة وصرت أسألهم عن الدولة الإسلامية، فكانت إجاباتهم متقاربة، وتتلخص بأن هذه هي دولة الإسلام والدولة التي دعانا الله إلى فعل أي شيء من أجل إقامتها وبما أنها قامت فيجب على جميع المسلمين والمسلمات الالتحاق بها لنصرتها”.
تكمل لمياء الألمانية “أن أكثر ما آثر بي هي كلمة أحد هؤلاء الشيوخ ؛ عندما قال لي : أن كل هذه الأرض لا يوجد عليها دولة تحكم بشريعة الله إلا الدولة الإسلامية في العراق والشام، وهذا كان أهم ما دفعني لاتخاذ قرار الهجرة إلى الدولة الإسلامية”.
“في الشهور الأخيرة من العام 2014 أوصلني السؤال عن كيفية الوصول الى سوريا إلى رجل يحمل الجنسيتين الألمانية والتركية يعرف باسم “عمار بن ياسر” دلني على شخص آخر يكنى بأبي البراء وهو سوري الجنسية وبعد الاتصال بالأخير أخبرني أن عليّ أن أنتقل من ألمانيا إلى تركيا وهناك هو من سيتكفل بإيصالي إلى سوريا”.
تسترسل لمياء “وصلنا إلى تركيا برفقة ابنتي نادية وسمية؛ وفور وصولي اتصلت بأبي البراء وقام هو بتزويدي برقم هاتف قال لي إن صاحبه سيقوم بمهمة نقلكم إلى سوريا، وبالفعل اتصلت بهذا الشخص الذي لم يخبرني باسمه ووافانا في حي شانلي اورفة الذي كنا نسكن بأحد فنادقه وكان هذا في شهر آب من سنة 2014 وعبر سيارة تكسي اتجهت بنا إلى الحدود التركية السورية وبعدها سلمنا لسائق آخر في سيارة كبيرة كانت تضم مجموعة من المهاجرين من جنسيات مختلفة”.
“أوصلتنا السيارة الكبيرة -تضيف “لمياء”- إلى منطقة على مقربة من الحدود السورية وهناك وصلنا إلى بيت كبير يدعى “المضافة” عزل فيه الرجال المهاجرون عن النساء، وكان مسؤول المضافة شخص تركي يدعى “أبو أحمد”، كنا في المضافة خمس عشرة امرأة جميعهن تونسيات باستثنائي وبناتي وامرأة فرنسية”.
وتواصل المتهمة بالإرهاب “بعد ثلاثة أيام قضيناها في المضافة، طلب منا أن ننتقل إلى الأراضي السورية إلا أن هذه المرة لم تكن هنالك سيارة لتقلنا وكان يرافقنا مجموعة من الرجال منهم يحمل أجهزة الاتصال وبعد مشي على الاقدام لأكثر من ساعة التقينا بمجموعة من رجال الأمن التركي، تحدث لهم أحد الرجال الذين يحملون أجهزة الاتصال وعرفت أنهم وافقوا على مرورنا وبالفعل دخلنا الى الأراضي السورية”.
وتضيف “استقبلنا رجل في منطقة حدودية وكان يرتدي الزي الأفغاني وقام بتقديم المياه لنا وطلب منا أن نستقل باصا ولم ينضم لنا، وأخبرنا أنكم وصلتم إلى الدولة الإسلامية وبعد مسير عرفت أننا نقصد “الرقة” وفور وصولنا أسكنونا كذلك ببيت كبير وكنا في المضافة أكثر من ثلاثمائة امرأة مع أطفالهن ومن جنسيات متعددة”.
“قضينا بمضافة الرقة ثلاثة أشهر لم نكن نقوم بشيء في هذا الوقت ولم يكن يزرنا إلا رجل سعودي يكنى “أبو أسامة المدني” عرفت بأنه يعرف بمسؤول المضافات، وكان يدخل المضافة بين حين وآخر لاختيار الفتيات الباكرات لتزويجهن لأمراء التنظيم فيما يأخذ النساء الأخريات لمقاتلي التنظيم”.
وتابعت “مرة جاء السعودي وبرفقة شخص آخر يدعى ” أبو دجانة التونسي” وطلبوا مني أن أتزوج بأحد مقاتلي التنظيم وبسبب رفضي طلبوا أن يزوجوا ابنتي الباكر وبالفعل تم تزويجها بأحد أمراء التنظيم ويسمى بأبي إمامة التونسي وتم الزواج في ما يسمونه بالمحكمة الشرعية”.
“بعد زواج ابنتي نادية -تستمر لمياء بالحديث- انتقلت أنا وابنتي الصغرى في بيت زوج أبنتي في الرقة وبعد شهور من الزواج وبمجرد أن انتهى حمل ابنتي وأنجبت بنتا طلب زوجها منها أن تذهب معه الى المحكمة الشرعية ذاتها وقام بتطليقها”.
طلبت أن أشارك بالجهاد ( تكمل لمياء )فأوكل لي مسؤول المهاجرين في الرقة مهمتين العمل على أقناع المزيد من النساء الغربيات للمجيء إلى الدولة الاسلامية ، و أختيار النساء المناسبات لتزويجهن لأمراء و مقاتلي التنظيم .
وتوضح لمياء “بعد طلاق ابنتي لم نعد نتحمل البقاء في الرقة وطلبت من مسؤول شؤون المهاجرين الانتقال وبالفعل تمت الموافقة على نقلنا إلى ولاية نينوى، وبسيارات خاصة ومع مجموعة من المهاجرين انتقلنا إلى نينوى وأسكنونا بمجمع سكني بالجانب الأيسر من المدينة وكان هذا منتصف عام 2016”.
“بقينا في الجانب الأيسر تضيف “لمياء” وكانت مهمتي في أقناع نساء أخريات للقدوم الى سوريا و العراق مستمرة إلا أنني طلبت من مسؤول المجمع الذي كنت أسكنه أن ألتقي أحد أمراء التنظيم الكبار للحصول على دور متقدم في الجهاد ”
لم أحض ـ تسترسل لمياء ـ بلقاء أحد الأمراء إلا أنني قررت أن أساهم بنفسي بدعم مقاتلي التنظيم بشكل مباشر فطلبت من مسؤول المجمع السكني أن أشارك المقاتلين قتالهم إلا أنه طلب مني أن أتولى مع بعض النساء حث العوائل الموصلية على تحفيز ابناءهم للقتال ضمن صفوف التنظيم
تشرح لمياء “و بالفعل قمنا بهذا العمل عبر مجاميع متفرقة ، إلا أن رغبتي بالتواجد بالقرب من القتال كانت لا زالت قائمة إلى أن ألتقيت بالشيخ أبو أحمد و كان يعرف بالأمير ، فكشفت له عن رغبتي ففرح بما قلت و شجعني و قال لي : بإمكانك أن تشاركي المجاهدين بإعداد المتفجرات و تهيئة الأسلحة ؛ و هذا ما حصل بعد أن تلقيت دورة تعليمية لمدة سبعة أيام ”
وعند اقتراب القوات الأمنية العراقية من الجانب الأيسر طلب منا الانتقال إلى الجانب ـ تضيف لمياءـ وأسكنونا في مجمع في حي 17 تموز، وبعد تطور الأحداث واقتراب القوات الامنية في المدينة صرنا ننتقل من حي إلى آخر وكنا نجمع نحن النساء غير المتزوجات بمكان واحد، إلا أنني و بعد أقناعي لأخريات كنا في هذا الوقت رغم الأوقات الصعبة نحمل ما نستطيع حمله من المواد الأولية لصناعة العبوات الناسفة لنجهزها للمقاتلين الذين لم يعودوا يستطيعون تجهيز المتفجرات ”
وبعد اشتداد العمليات العسكرية طلبت منا إحدى النساء المسؤولات على المضافة التي كنا نسكنها وتدعى “أم معاذ” أن نشارك في المعارك عبر ارتداء أحزمة ناسفة والهجوم على القوات العراقية، إلا أن ذلك لم يتحقق بسبب عموم الفوضى في المدينة و عدم قدرة التنظيم على التجهيز “.
وخلصت الى انه “كل ما اقتربت القوات العراقية في أيمن الموصل كان الأمر يزداد سوءاً علينا وكانت قبضة التنظيم تتراخى إلى أن استهدف البيت الذي كنا نسكنه فأصيبت ابنتي الصغرى وتوفيت جراء الإصابة فيما أصبت أنا بجروح طفيفة في جسدي وعيني، و أنا حاولت الهروب عبر الإندساس مع العوائل النازحة إلا أن القوات الامنية العراقية أستطاعت إلقاء القبض علي”.
و كانت محكمة الجنايات المركزية قد أعلنت في السابع عشر من كانون الثاني 2018 الحكم بالإعدام شنقا حتى الموت بحق الإرهابية لمياء محمد قوسيج وفقا لأحكام المادة الرابعة/1 و بدلالة المادة الثانية 1/3 من قانون مكافحة الارهاب رقم 13 لسنة 2005.

شاهد أيضاً

دراسة: واحد من كل 3 أطفال يعاني من قصر النظر بسبب الشاشات

كشفت دراسة عالمية جديدة، أن نظر الأطفال يزداد سوءا باستمرار، إذ أصبح واحد من كل …

error: Content is protected !!