صوتها/ ثقافة
اشتهر الغجر لزمنٍ طويل بوصفهم موسيقيّين وراقصين، وقد تأثّروا بموسيقى الشعوب الّتي عاشوا على هامش مدنها، وأثّروا فيها.
فرغم قلّة عددهم، يملك الغجر إرثًا فنّيًا كبيرًا، ولهم بصمتهم الخاصّة في الموسيقى على وجه التحديد. وقد لخّص الشاعر الروسي الكبير بوشكين هويّتهم بقوله: “إنّ ثقافة الغجر هي ثقافة موسيقيّة راقصة”.
فحتّى عندما كان الغجر مضطهَدين، منحتهم الفنون التي مارسوها نوعا من السعادة والاكتفاء، فأدّى اندماجهم بالحضارات الأخرى في إسبانيا الى ولادة موسيقى الفلامنكو ورقصتها، وفي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ساهموا في الحفاظ على الموسيقى البدويّة من الاندثار وتجديدها بإضفاء بصمتهم الخاصّة عليها، أمّا في أوروبا الشرقيّة، فقد أعطى الغجر للموسيقى الشعبيّة هناك مسحة من روح الشرق، وكانوا جسر تواصل بين قارّتين وثقافات عديدة.
تنتقل الأغاني الغجريّة بين الأجيال شفويًّا، وتُؤدّى الأغاني الجديدة بطريقة ارتجاليّة دون أن يسعى الغجريُّ لتدوينها لأنّ هدفه الأساسي هو اللهو والمتعة؛ كما تُؤدّى هذه الأغاني باللهجة العاميّة للمنطقة الّتي يقيمون فيها، مع تطعيمها بمفردات من عدّة لهجات أخرى. ولا تتميّز الأغاني الغجريّة بالطابع الملحميّ ولا بالتعقيد في بنيتها الموسيقيّة، بل تتميّز بقِصرها النسبي ومواويلها الحزينة وإيقاعاتها الراقصة الّذي يسم بعض المقاطع من الأغنية، فالأغنية الغجريّة هي انتقال سلس وسريع بين حالة الحزن والفرح؛ كأنّها قفزات متواصلة بين ضفّتين، إحداها مفروشة بالجمر وأخرى يغمرها الماء، تمامًا كما نشعر من خلال حركات راقص الفلامنكو.