صوتها/ ثقافة
رواية “مقتل بائع الكُتب” للكاتب العراقي سعد محمد رحيم الصادرة من “دار السطور” 2016 وهي ضمن العناوين التي وصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر. ما إن ترى عنوان هذا النص الروائي بما يحمله من وظيفة إغرائية وما يتضمنه من بنية خبرية مشحونة بسؤال مضمر، حتى يتداعى إليك ما ذكره صاحب “ترنيمة المرأة… شفق البحر” عن علاقته بعالم الكتب وما صحبه من العناوين في رحلة العمر، وهذا ما يشدك أكثر إلى عالم روايته الجديدة. تجد في مستهل العمل ما يعود إلى تجربة الكاتب الحياتية ومعاناته مع سوء الأوضاع الأمنية في بلده حيث ترد إشارة في الرواية إلى إضطراره لمغادرة مدينة بعقوبة مثلما تحدث عن ذلك في مؤلفه “إستعادة ماركس” أيضاً.
رواية “مقتل بائع الكتب” تتسع لثيمات متعددة من الحب والعنف السياسي والهرب وإزدواجية المثقَف والنزاع الحضاري وقهر الإنسان شرقاً وغرباً. غير أن ما يُكسي هذا العمل فرادته هو الإهتمام بالأسلوب على كل المستويات، إذ تبلغ المادة الحكائية في توزيعها المنتظم درجة الإتقان القائمة في توليفات موسيقية. يوفق الكاتب في تحديد دائرة الشخصيات، فكل شخصية على حدة تشارك بما لديها من المعلومات حول محمود المرزوق في ملء المربعات. يضيف بُعداً جمالياً إلى هذه الطريقة في صياغة القصة الأساسية، أن المعلومات تنم عن وجود صور غير متطابقة مع بائع الكُتُب، وضمن هذه القصص المروية ل ايغيبُ صوت محمود المرزوق أيضاً بل هو موجود في المتن الروائي بيومياته المكتوبة في دفترين، الأول عبارة عن رصد ما جرى بعد سقوط النظام السابق منذ لحظة سقوط التمثال في ساحة الفردوس، والثاني يكشف جانباً آخر من حياة محمود المرزق في باريس وبراغ. هكذا يكون الراوي وسيطاً محايداً لنقل ما يتوصل إليه من معطيات جديدة، وهذا الدور مناسب تماماً للموقع الوظيفي للراوي الذي يعمل صحافياً في جريدة “الضد”. يتلقى ماجد البغدادي إتصالاً هاتفياً يطلب فيه المتكلم منه القيام بتدوين سيرة حياة محمود المرزوق وذلك بعد أن ينتشر خبر مقتله من خلال القنوات الفضائية.