صوتها/ مقالات
لا لقهر النساء
لمياء الجيلي
عميقة بدون تكلف… سلسة وقادرة على توصيل أفكارها وإقناع الآخرين بها… مهمومةبقضايا مهنتها وقضايا المرأة.. ( نسوية ممزوجة بإنسانية عالية).. جذب انتباه الحاضرين إصرارها على مناقشة تفاصيل التفاصيل.. أثرت المحفل وزادته آلقاً في حياتي بعدد كبير من النساء من العراق.. فجسدت نبراس المعموري أمامي المرأة العراقية القوية والصامدة التي زادتها التجارب عمقاً وعتقتها المعرفة فسال مداها يدافع عن قضايا الصحفيات العراقيات وعن أهمية مشاركة المرأة في صنع القرار وتمثيلها بشكل عادل في كل المحافل..
قصدت من هذه المقدمة أوضح لماذا أنا أكتب لمجلة (صوتها).. بعد أن أقنعتني وحفزتني الأستاذة نبراس على ذلك.. طلبت مني ان أكتب عن قضايا النساء في بلادي أوضاع الصحفيات ومعناة النساء ونضالاتهن من أجل حياة أفضل ومن أجل بناء مجتمع المساواة والكرامة الذي تعيش فيه النساء بسلام، و يتمتعن بالحرية، وبكل حقوقهن التي كفلتها لهم الدساتير والاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
تتشابه أوضاع النساء بشكل عام والاعلاميات بشكل خاص في كثير من البلدان.. من فقر وحاجة وتمييز وقهر وقيود بأسم الدين او المجتمع.. قيود ونواميس تنتقص من كرامة المرأة وتحرمها من تطوير قدراتها وزيادة خبراتها وبالتالي تحرمها من تحسين وضعها الاقتصادي والاجتماعي.
في السودان يقع على عاتق اكثر من 70% من النساء عبء توفير لقمة العيش للأسرة.. فالحروب والنزاعات والتدهور الاقتصادي خلقت واقع اجتماعي صعب زاد من حالات الطلاق وغياب الزوج وفقدانه، بالإضافة الى التدهور الاقتصادي الذي زاد معاناتها أكثر.. فأكثر.
غالبية النساء النازحات من مناطق الحروب والنزاعات المسلحة لم ينلن حظ وافر من التعليم أو أي قدرات مهنية تمكنهن من توفير لقمة العيش واحتياجات البيت بسهولة.. فيضطررن للعمل في المهن الهامشية ويتعرضن لإستغلال ضعاف النفوس وعنف السلطات المحلية.. عدد منهن يبعن الشاي والقهوة على الطرقات،، فيتعرضن للاعتقال والملاحقة والسجن والغرامة والجلد لمخالفتهن قانون يسمى (قانون النظام العام).. هذا القانون أو المنظومة التي تسمى النظام العام بها شرطة خاصة ومحاكم ونيابة خاصة تذيق الناسق الذل بسبب بحثهن عن لقمة عيش كريم تقيهن مسبغة الجوع أو تكفي ثمن دواء لطفل مريض.. هذا القانون يعتبر وجود النساء في الشارع العام بهذا الشكل ( يبعن في الطرقات) جريمة ويخالف الشريعة الأسلامية (أيدلوجية النظام).. تتم مصادرة ادوات عمل تلك النسوة ويتم رفعهن في عربات الشرطة المكشوفة التي تجول بهم الطرقات إلى ان تصل حراسات الشرطة ليتم حبسهن إلى أن يقدمن للمحكمة الخاصة (المحكمة النظام العام).. يظل النساء طوال مكوثهن في هذه الحراسة يتجرعن كؤوس الذل وسياط الهوان، ويقتلهن القلق على فلذات أكباد تركوهم في ظروف هشة يصعب وصف قسوتها. في اليوم التالي تتم محاكمة هؤلاء النساء محاكمة إيجازية بدون حق الدفاع أو حق إحضار محامي ويتم فرض غرامات مادية باهظة أو مصادرة أدوات العمل أو السجن.. كثير من التفاصيل المروعة تحتاج لكتب، وحلقات لوصفها والحديث حولها.
منذ العام 2009 وعقب محاكمة الصحفية السودانية لبنى أحمد حسين بتهمة الزي الفاضح لارتدائها البنطلون تكونت مبادرة أسستها عدد من الصحفيات والناشطات سميت مبادرة (لا لقهر النساء) لمناهضة هذا القانون، والمطالبة بإلغائه ومساعدة ضحايا هذا القانون والدفاع عنهن،.. ومنذ ذلك التاريخ إلى الآن تتواصل الحملات المطالبة بإلغاء القانون الذي يتحكم في حياة النساء ابتدأً من ما يجب أن ترتديه إلى ماذا تعمل؟ وكيف تعيش؟