مقاومة التغيير

نبراس المعموري

 

“ليس التغيير مؤلما على الاطلاق.. مقاومته وحدها هي المؤلمة ”  فيلسوف هندي

 

تتضمن الحياة كماً هائلاً من المفردات التي… قد نحبها او نبغضها، لكننا في النهاية نستسلم لاننا ندرك جيدا ان التناقضات مهما أزعجتنا؛ بالنهاية هي صيرورة الحياة حتى وان لم تاتِ منسجمة مع رغباتنا؛ لذا يعد التغيير جزءاً اساساً من حياتنا! لكن هل سالنا انفسنا لماذا نقاوم التغيير؟ مقاومـة التغييـر ردّ فعل الأفراد تجاه الجديد الذي يؤدي الى أعادة تشكيل مجساتنا ووسائل الاستقبال الثابتة في وعينا، وهو شأن محفوف بمخاطر قد لا نتمكن من العودة الى الثبات بعد هزة التغيير.

تأخذ المقاومة بمواجهة التغيير أشكالا متعددة، بعضها واضح.. مباشر، يعلن رفضه أمام المسؤول عن التغيير، بإسلوب إنسيابي يعتمد الحوار المتفهم سبيلا في الرفض او القبول او تناصف مسافة الاقتراب لتفاهم الميداني.. وهذا اسهل واجدى؛ لان الطرف الاخر يعلن بصراحة عن رايه.  اما البعض الآخر غير ظاهر و ضمني، وهنا تكمن المشكلة؛ لاننا لم نتعامل مع اطراف اعلنوا صراحة عن رايهم، او ما ينون فعله، والمشكلة تتبلور في كيفية معالجة طرح التغيير بالشكل الذي يرضيهم ولا يعطل من عجلة الهدف الاسمى له.

ثمة إستنزاف في أن يضمر الشريك غير ما يظهر، يجعل الحوار متعبا ويضاعف الجهد!  ردور فعل مقاومة التغيير غير الصريحة، التي فيها قدر من مراءاة يبدي خلالها الافراد خلاف ما يعتقدون، تعزى الى قلة الفهم وعدم معرفتهم لطبيعة التغيير واهدافه، وخوفهم مما سيترتب عن التغيير، لا سيما بجانب التكيف مع الوضع الجديد ، هناك إجراءات تمكن كل من يدير مؤسسة من تفادي ظهور المقاومة عند تنفيذ التغيير؛ فاشراك الأفراد في عملية التخطيط للتغيير، والتعرف على تصوراتهم واقتراحاتهم بشأن تنفيذه، وتوفير اكبر قدر من المعلومات، والمشاركة والدعم؛ سيشعر الأفراد بأهميتهم و ضرورة التغيير و أنه ليس مفروضاً عليهم، اما إذا ما قام المسؤول بالتغيير، من دون اعلام الشركاء، والافراد والاستعانة بهم في التخطيط؛ فاكيد انه سيصطدم بهم، وهذا سيترتب عليه العودة الى المربع الاول، وبدء سياسة جديدة، قد لا تجدي نفعا لانه في النهاية خسر ثقة الاخرين به.

لتفادى الخوف من التغيير, علينا التركيز على عوامل كثيرة تؤثر على درجة النجاح التي تحققها إدارة التغيير, من بينها: التخطيط الجيد، والدقة في تحديد الأهداف، والنظم السليمة للمعلومات، والتنفيذ والتطبيق السليم للتغيير، والمتابعة والرقابة الجيدة، والأهم من ذلك العامل الثقافي للافراد الذي يمثل المحرك الأساسي للتغيير؛ فإذا ما أخذت ادارة المؤسسة في الاعتبار العوامل الموجه لسلوك الافراد في المؤسسة مثل: قيمهم، اتجاهاتهم، ودوافعهم وأحسنت الاستفادة من الجوانب الإيجابية لهذه العوامل وحاولت تعديل وتصحيح الجوانب السلبية لها، فهذا حتماً سيساعدها على بلوغ نتائج إيجابية.

خلاصة القول.. التغيير الثقافي يلعب دوراً اساسيا في نجاح أو فشل إدارة التغيير، وهنا تبرز أهمية الافراد لأنهم من المكونات الأساسية لثقافة المؤسسة، وذلك من خلال قواهم الذهنية ومهاراتهم الفكرية، ورغبتهم في الانجاز؛ كفريق واحد.. تقبل التغيير اساس التقدم..

شاهد أيضاً

غيبوبة المدى !

د. نبراس المعموري قد يبدو مصطلح (غيبوبة المدى ) ذو طابع أدبي أو فلسفي، لكنّني …

error: Content is protected !!