المرشحون بين الخطاب والغاية

صوتها/ مقالات

واثق الجابري

منذ أن أعلنت مفوضية الإنتخابات العراقية، أسماء مرشحي الإنتخابات المقبلة، حتى بدأت حملة محمومة في مواقع التواصل الإجتماعية، ومكوكية في الزيارات الميدانية، ولقاءات جماعية وإنفرادية، ومسابقات رياضية برعاية المرشح ورسائل تبريكات الأفراح وتأبين الأحزان، وتنوعت أساليب الترويج، دون محاكاة غاية الإنتخابات وهدف الترشيح.
بعض الشخصيات روّجت بشكل مباشر عن أنفسها لما يسموه إنجاز شخصي، فيما سارعت آخرى لنشر اعلانات في الساحات بشكل غير قانوني.
جملة مشاهدات تشير الى أن أغلب المرشحين إعتمدوا بالترويج على مجهود شخصي دون حركة مركزية من القائمة الإنتخابية، وهدف فردي فمرة يتحدث عن تاريخه وآخرى عن عشيرته ووظيفته، وبكتابات على مواقع التواصل خالية من الإستراتيجية والخطط لعمل مستقبلي، وأحدهم يَعد من يزوره بتبليط شارعه أو تمليك من لا يملك سكن، وتعين العاطل من الشباب، ولا يرد طلباً لمواطن وأن كان حليب عصافير.
تفاوتت التطلعات بالترشيح، والأغلب لا يروم سوى الحصول على كرسي برلماني، والمعمرون ترشحوا لنيل المناصب التنفيذية من وزير الى رئاسة مجلس الوزراء وهكذا طموحات، ولا يفكرون بالجلوس تحت قبة البرلمان، وجملة إستنتاجات لطبيعة ما يُطرح وحقيقة حاجة البلد، وما أكثر الشعارات التي لا يفهم من يطرحها آليات تطبيقها، ويتحدثون كما تتحدث الحكومة والبرلمان (يجب والمفروض)، وقليل من يقول كيف يمكن إيجاد حلول وما هي الآليات، والهم كله بالحصول على المنصب وأن إختلفت الشعارات شمالاً وجنوباً، شرقاً وغرباً في القائمة الواحدة.
إن الأسباب عديدة للخطاب الساذِج المتدني من بعضهم، فأما أن يكون المرشح لا غاية له سوى المنصب وخطابه مرحلي لكسب الأصوات، أو أن كتلته لا تملك برنامجاً كي يتخذه قاعدة، ومنهم من يخالف البرنامج للقائمة بالمبالغة والوعود الخيالية، متوقعاً بها الحصول على أصوات أكثر داخل قائمته، وأما سمة المستقل فهي وسيلة لأشخاص يخوضون تحتها، ولكنهم أنضموا مع قوائم ذات صبغة حزبية، بينما في السياسة المتعارفة لا يوجد شيء إسمه الإستقلال السياسي، وغرض آخر لخداع الشارع بأنهم بعيداً عن سياسة من سواهم.
تنوع الخطابات والشعارات وإختلافها، ناجمة من سوء فهم المرشح لطبيعة الوظيفة التي سيشغلها مستقبلاً، وصحيح أن تاريخ الشخص جزء من عمله المستقبلي، لكن للمستقبل خطوط وخطط وإستراتيجيات لابد للمرشح إيضاحها أمام ناخبيه، والإنتخابات ليست فقط حصول على كرسي وهدف شخصي وغاية معظم المرشحين، ولا تحقيق خدمة لا تتعدى دائرته الإنتخابية او عشيرته ومدينته وقوميته وطائفته، بل هي مسؤولية بلد بتنوع أطيافه ومختلف تطلعاته وحقوقه، والشعب لا يُريد من المرشح حديثاً عن تاريخه، ولا وعود بين الخيال والمحدودية المناطقية للحصول على أصواتهم، وعلى المواطن أن يغادر خطاب من يفكر أن يكون حاكماً ويتجه للبرنامج والمرشح الحكيم، ويقارن ما فعله الحكام والقابضين بالسلطة، ويستحضر ما يقوله الحكماء، والمرحلة القادمة تثبيت للديموقراطية؛ تحتاج رجال دولة لا رجال سلطة.

شاهد أيضاً

(الاولاد تحت رحلة التكنلوجيا الحديثة)

نورا النعيمي التكنولوجيا الحديثة لها تأثير كبير على الأطفال، سواء كان ذلك إيجابياً أو سلبياً. …

error: Content is protected !!