واثق الجابري
ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، التي يتطرق فيها الإعلام لحالات سلبية في المجتمع، ويُسلط الأضواء كي يُساعد السلطات في كشف دهاليز خطيرة، ولم تك الفرات اول قناة فضائية تتطرق الى سلبية التسول وإرتباطها بمافيات وعصابات جريمة منظمة، لا تختلف عن الإرهاب أن لم تك أحدى أكبر الشرايين المؤدية لإنحراف كبير في المجتمع، إلاّ أن الغريب ذلك التعاطي الحكومي والإعلامي، وبدل معالجة المشكلة، سعى للهروب وتكذيب حقيقة في وضح النهار وأقبية الجريمة تهدد المجتمع، وتحركت معها جهات إعلامية لدوافع سياسية.
تعاطٍ خاطيء لقضية جوهرية، نتيجة حتمية لتسيس المؤسسات الحكومية، وإنتقال بعض وسائل الإعلام من سلطة رابعة رادعة، الى بوق ينفخ من الظلام ليغطي الحقائق والإستقصاء.
برامج عدة عرضتها معظم القنوات، ومنها قناة العراقية الرسمية، وتناول شتى الجرائم وبكشف دلالة لفضح جرائم مختلفة، من ذبح وتشنيع ومتاجرة بالبشر وتورط شخصيات، وقنوات آخرى عرضت التسول كقناة دجلة وتعرضت لمافيات التسول والمتاجرة بالأطفال والنساء، ولكن لم نسمع رد فعل إجرائي او تعرض بالنقد كالذي حصل مع الفرات، ولم يقل أحد تشويه سمعة مجتمع، وشَخصت ظواهر غريبة عن تقاليد مجتمع، وعلى الجهات المسؤولة معالجتها ومنع إستفحالها المنظم.
في معظم دول العالم والمجاورة منها وبالذات المناطق السياحية والعواصم، يُمنع التسول نهاراً لما له علاقة بسمعة الدولة، ودليل على فشل إدارته، وفي بغداد إستفحلت الظاهرة في قلبها وفي الكرادة تحديداً، تزامناً مع إنتشار غير طبيعي لمحال بيع المشروبات والملاهي و”المساج”!! ويجدر الذكر الإشارة الى إرتباط ما مذكور بالجرائم الإرهابية وصفقات الفساد، وسعي لشل قلب العاصمة أمنياً وإقتصادياً وسياسياً وسياحياً.
إن ما قدمته الفرات ليس جديد، بل تسليط ضوء الى أعمق وأجرأ، وسبق لي كتابة مقال بهذا الخصوص وعلى الرابط، http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=586705، ونشر في عدة مواقع عراقية وعربية وصحف محلية، وأرسلته للسيد وزير الداخلية ومستشاره الإعلامي عن طريق صفحتيهما للتواصل الإجتماعي، في إشارة الى ربط التسول بالإرهاب وتفشي الظاهرة ووضوح شخوصها، ولكن لا حلول ولا إستجابة للتساؤل، فيما جاء رد الفعل سريعاً من وزارة الداخلية، ومحاولتها تكذيب ما نُشر في قناة الفرات، بدل تأكيد وتعضيد المعلومات ومعالجة المشكلة؟
أجزم أن القضية تم التعاطي معها سياسياً، وتم تهديد القناة ومقدم البرنامج، وإنبرى جيش إلكتروني لمحو الحقيقة والكارثة الإنسانية والأخلاقية.
التسول تقف خلفه مافيات تتقصد نشره وسط العاصمة وبالذات المراكز المقدسة والتجارية وبالذات الكرادة، لتشويه سمعة وتاريخ بلد، وهذه المنطقة يقصدها مختلف الزوار من خارج العراق وداخله، وكشف هكذا حقائق يعني الدفاع عن سمعة بلد وتاريخ مجتمع، ويبدو أن الفرات نجحت بجعلها قضية رأي عام، وتفاعل معها المجتمع بشكل كبير، ويأملوا من وزير الداخلية التعاطي بإيجابية كما معروف عنه، والبحث عن مفاصل الفساد التي ما تزال تعشعش في مفاصل المؤسسات وتغطي على الجرائم، ومنها في وزارة الداخلية، كون هذه الوزارة ذات علاقة مباشرة بحياة المواطن وردع الجريمة، ومن هنا أحيي الفرات وأشد على يد مقدم برنامج من الواقع الزميل الإعلامي علي عذاب، وأستنكر مطالبة من قال أنه والد المتسولة، تلك المطالبة بمقاضاة مقدم البرنامج، ومن داخل مكتب وزير الداخلية، وهو مخالف للقانون؟!