صوتها – بغداد
أعلنت الجائزة العالمية للرواية العربية البوكر، القائمة القصيرة للروايات المرشّحة لنيل الجائزة في دورتها العاشرة، والتي ضمت ست روايات من العراق والسودان وفلسطين والسعودية والأردن وسوريا.
وقال ياسر سليمان، رئيس مجلس أمناء الجائزة، في مؤتمر صحافي أقيم بالعاصمة الأردنية عمان: “هذا يوم مهم للجائزة لأننا نحتفل بالدورة العاشرة لجائزة أحدثت صدى، وخلقت بيئة جديدة للكتابة الروائية العربية”.
وضمت القائمة روايات “ساعة بغداد” للعراقية شهد الراوي و”زهور تأكلها النار” للسوداني أمير تاج السر و”وارث الشواهد” للفلسطيني وليد الشرفا.
كما ضمت القائمة روايات “الحالة الحرجة للمدعو ك” للسعودي عزيز محمد و”حرب الكلب الثانية” للأردني إبراهيم نصرالله و”الخائفون” للسورية ديمة ونوس.
وقد تشكلت لجنة التحكيم من الأكاديمي والناقد الأردني إبراهيم السعافين والكاتبة السلوفينية باربرا سكوبيتس والروائي الفلسطيني محمود شقير والمترجمة الجزائرية إنعام بيوض والكاتب الإنكليزي من أصل سوداني جمال محجوب.
جاء في تقرير لجنة التحكيم التي يترأسها الناقد إبراهيم سعافين في المؤتمر الصحافي الذي أقيم بالعاصمة الأردنية عمان أن رواية “ساعة بغداد” ذاكرة المكان والهوّية، تصوغ في بساطة وعمق المصير الإنساني في علاقة المحلة البغدادية بالزمان مع تقلبات الشخصية الرئيسة، بينما “زهور تأكلها النار” تصور ثراء المشهد الإنساني في طقوسه، ثم وقوع البناء الاجتماعي والاقتصادي تحت سيطرة الجهل والأحادية.
أما رواية “وارث الشواهد” فاعتبرتها اللجنة رواية تمعن الغوص في أعماق معاناة الذات الإنسانية للواقعين تحت الاحتلال وسلخ الهوية. فيما تصف رواية “الحالة الحرجة للمدعو ك”، في سرد ذكي يُعنى بالتفاصيل الدقيقة، صراع مريض بالسرطان ورؤيته للوجود من ذلك المنطلق. بينما تتناول رواية “حرب الكلب الثانية” من منظور عجائبي وغرائبي النفس البشرية وتحولات المجتمع والشخصية بأسلوب فانتازي يفيد أكثر من أسلوب الخيال العلمي. في حين أن رواية “الخائفون” تصور ثنائية المواطن والسلطة وتفضح العلاقة الشاذة بينهما، مركزة على ثيمة الخوف اللصيقة بحياة الفرد والمجتمع.
وكشفت اللجنة عن أنّ شهد الراوي من العراق وعزيز محمد من السعودية هما أصغر كتاب القائمة الطويلة سنا، كما أنّ الروايتين هما أول عمل روائي لكلا الكاتبين. وقد تمت ترجمة رواية “ساعة بغداد” لشهد الراوي إلى الإنكليزية وستصدر في حزيران من هذا العام عن دار وون ورلد.
ومن بين الكتاب الآخرين المتنافسين على الفوز بالجائزة، كاتبان سبق لهما الوصول إلى القائمة القصيرة هما الكاتب السوداني أمير تاج السر المرشح في القائمة القصيرة عن روايته “صائد اليرقات” عام 2011، والروائي الفلسطيني الأردني إبراهيم نصرالله المرشح عن “زمن الخيول البيضاء”، عام 2009. كما أن تاج السر ونصرالله قد أشرفا على ورشة إبداع “الندوة” التي تنظمها الجائزة سنويا للكتاب الشباب الموهوبين.
يذكر أيضا أن هذا هو الظهور الأول في القائمة القصيرة لكل من الكاتب الفلسطيني وليد الشرفا والكاتبة السورية ديمة ونّوس.
وعلّق السعافين، رئيس لجنة التحكيم، بالقول “تناولت روايات القائمة القصيرة الست موضوعات اجتماعية وسياسية ووجودية. وقد وظفت تقنيات سردية مختلفة مستلهمة من التحولات الحديثة للرواية العالمية في معالجتها للبعدين الغرائبي والعجائبي. ولا تخلو الروايات الست من تقاطعات وإسقاطات على الواقع الجديد، مع تجاوزها للوثوقي واليقيني”.
وبدوره قال سليمان “تألفت القائمة القصيرة لهذه الدورة من أعمال تشتبك مع واقعها العربي بمآلاته وشظاياه المغموسة بهموم كابوسية، وكأنها عمليات حفر في مواقع الألم. هذا الحفر بالكلمات لا بد منه إذا أردنا أن ننخرط في الوقع ونتجاوزه في آن واحد”.
أول الأسماء المفاجئة التي ضمتها القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية البوكر، شهد الراوي الكاتبة العراقية التي ولدت في بغداد عام 1986، نشرت روايتها الأولى “ساعة بغداد” عام 2016. تدور أحداث الرواية في حي من مدينة بغداد، وتسرد على لسان طفلة، تلتقي صديقتها في عام 1991، في ملجأ محصّن ضد الغارات أثناء الحملة الجوية لدول التحالف على العاصمة بغداد. تتشارك الطفلتان الآمال والأحلام وتتداخل الأحلام مع الخيالات والأوهام.
ثاني الأسماء التي تبلغ القائمة بعمل روائي هو الأول في مسيرتها عزيز محمد السعودي من مواليد مدينة الخبر في السعودية عام 1987. وقد كتب في الشعر والقصة القصيرة وصدرت روايته الأولى “الحالة الحرجة للمدعو ك” عام 2017. والرواية تتناول سيرة بطلها “ك” الذي يقرر إثر قراءته كافكا، أن يكتب يومياته أيضا، إلا أنه يصطدم بقدراته المحدودة وحياته المفتقرة إلى الأحداث إلى حين أن يتلقى خبرا يقلب كل هذا رأسا على عقب.
ومن الأسماء المعروفة والتي سبق لها أن بلغت القائمة القصيرة سابقا، الروائي السوداني أمير تاج السر، وهو من مواليد السودان عام 1960. يعمل طبيبا للأمراض الباطنية في قطر. كتب الشعر مبكرا ثم اتجه إلى كتابة الرواية في أواخر الثمانينات. صدرت له 24 كتابا في الرواية والسيرة والشعر. من أعماله “مهر الصياح” و”العطر الفرنسي” وغيرهما. أما روايته “زهور تأكلها النار” فتدور بين زمنين وتحول جذري سببته ثورة دينية وما تبعها من قتل وذبح وسبي وعنف.
وإضافة إلى تاج السر بلغ الكاتب إبراهيم نصرالله، وهو من مواليد عمان عام 1954 من أبوين فلسطينيين اقتُلعا من أرضهما عام 1948، القائمة القصيرة للمرة الثانية هذا العام عن روايته “حرب الكلب الثانية”، وقد نشر الكاتب حتى الآن 14 ديوانا شعريا و14 رواية من ضمنها مشروعه الروائي الملهاة الفلسطينية المكون من سبع روايات تغطي 250 عاما من تاريخ فلسطين الحديث. وتتناول روايته “حرب الكلب الثانية” تحوّلات المجتمع والواقع بأسلوب فانتازي يفيد من العجائبية ومن الخيال العلمي في فضح الواقع وتشوهات المجتمع في التركيز على فساد الشخصية الرئيسية وتحولاتها بين موقعين مختلفين، من معارض إلى متطرف فاسد.
ومن الأسماء التي تبلغ القائمة القصيرة للجائزة للمرة الأولى الفلسطيني وليد الشرفا وهو من مواليد نابلس في فلسطين عام 1973. أستاذ الإعلام والدراسات الثقافية في جامعة بير زيت بفلسطين. أصدر مسرحيته الأولى بعنوان “محكمة الشعب” 1991، كما أصدر روايته “القادم من القيامة” عام 2013 وروايته الثانية “وارث الشواهد” في 2017.
وتتناول روايته “وارث الشواهد” قصة الفلسطيني “الوحيد” الذي يعود إلى الوراء حين كان طفلا أثناء حرب حزيران 1967، ويتذكر أن جده وأباه هاجرا قسرا من قريتهما “عين حوض” التي حولها الإسرائيليون إلى قرية للفنانين، وصار اسمها “عين هود”. وكيف عاد باحثا عن ماضيه فتورط في قتل شرطي.
وإضافة إلى الشرفا بلغت الكاتبة السورية ديمة ونوس القائمة القصيرة للبوكر العربية للمرة الأولى، وهي كاتبة من مواليد دمشق 1982. درست الأدب الفرنسي والترجمة في جامعة دمشق والسوربون. صدرت لها مجموعة قصصية بعنوان “تفاصيل” (2007) كما اختيرت ضمن أفضل كتاب العرب تحت سن الأربعين في مسابقة بيروت 39 سنة 2009. وتتناول روايتها “الخائفون” سيرة امرأة مصنوعة من الخوف، وخبايا الحب والتشابك بين الكاتب وشخصياته.