الملويَّة بعيون اليونسكو: خطط كفيلة بإزالة أضرار التقادم

صوتها – بغداد

رصدت في الآونة الأخيرة، مظاهر تقادم وأضرار في المئذنة الملويّة في سامراء، التي يعود تاريخ إنشائها إلى نحو 1200 عام، أبرزها تهدّم سلّمها، فضلاً عمّا يحفره الزائرون في جدرانها من أسماء، وما ينتج من السلوكيّات الضارّة، بعد أن تخلّصت من آثار النزاعات العسكريّة، وتحوّلها إلى قاعدة عسكريّة للجيش الأميركيّ، حيث تعرّضت قبّتها العليا للتفجير.

المئذنة المتفرّدة بقوامها الملتوي، الذي لا تشبهه أيّ مئذنة إسلاميّة أخرى في أرجاء العالم، تقع في مسجد مترامي الأطراف، والذي يعدّ معلماً تاريخيّاً مهمّاً من بين العشرات من المعالم التي تعجّ بها سامراء، التي كانت عاصمة الدولة العباسيّة. ولأنّ المكان يمتدّ على مساحة واسعة، فالكثير من الأضرار تلحق بالمكان، فضلاً عن الحوادث الطارئة. ففي 29 آذار من عام 2017، سقط شاب عراقيّ من أعلى المئذنة الشاهقة، التي يبلغ ارتفاعها 52 متراً، والتي يتسلّقها من يشاء، وفي أيّ وقت، من دون استئذان أيّ جهة أمنيّة أو أيّ جهة تعنى بالآثار، الأمر الذي أدّى إلى مقتله.

إنّ المخاوف من تأثير الأضرار على مستقبل المئذنة الملويّة تجاوز العراق، ففي دراسة له في 14 نيسان من العام 2017، كشف الدكتور عصام حشمت في جامعة قنا بمصر عن “تعرّض جامع سامراء ذي المئذنة الملويّة للعديد من عوامل التلف، والتي أدّت إلى فقدانه العديد من عناصره المعماريّة”.

وفي هذا السياق، أشار قائممقام قضاء سامراء محمود خلف إلى أنّ “الحديث عن إهمال المئذنة أمر يجانبه الصواب”، داعياً إلى “التفريق بين الإهمال وبين نقص المال والقدرات على إدامة المئذنة”، وقال: “إنّ أعمال الصيانة قائمة على قدم وساق في المنطقة الأثريّة التي تقع فيها الملويّة، وكلّ الأضرار وتأثيرات التقادم والرطوبة والأملاح مرصودة، وتعالج بالقدر الذي تسمح به الإمكانات الماليّة والفنيّة”.

وأضاف: “لم نتلكّأ يوماً في طلب الدعمين الماليّ والفنيّ سواء أكان من الحكومة المحليّة أم الاتحاديّة. لقد قابلت مسؤولين في أعلى المستويات، وكانت الحجج دائماً انشغال الدولة بالحرب على داعش وتأمين الاستقرار الأمنيّ”.

وسلّط محمود خلف الضوء على فعاليّات الصيانة التي تشهدها المئذنة ومحيطها، وقال: “إنّ بعثة صيانة من اليونسكو تدرس المكان وتضع الخطط الكفيلة بإزالة عوامل التعرية وأضرار التقادم”.

وفي خطوة مسؤولة، اتّصل خلف بالمهندس والخبير في التراث العالميّ جيوفاني فونتانا أنتونيلي، وهو أحد مهندسي البعثة، الذي قال: “نوثّق حالة المسجد الكبير ومئذنته الحلزونيّة للتوصّل إلى آليّة مناسبة لإيقاف المخاطر البيئيّة والبشريّة وتأثير الأعمال السابقة غير الصحيحة في استقرار الهياكل، وتأثير الرطوبة الأرضيّة”.

وأضاف جيوفاني فونتانا أنتونيلي: “تعتمد منهجيّة التقييم على تحليل الوثائق والزيارات الميدانيّة والاجتماعات مع السلطات المحليّة وأصحاب المصلحة”.

واستعرض أنتونيلي أبرز الخطوات المقبلة، وقال: “إنّ البعثة شرعت في تنفيذ التعديلات على خارطة الموقع، وفقاً للتصميم المنّقح للمشروع. كما نبحث في تقييم أثر بناء المتحف المرتقب على السلامة البصريّة للموقع”.

وكشف أنتونيلي عن “تشكيل لجنة فنيّة مشتركة لمراقبة جودة الأعمال المنفّذة، وكذلك إنشاء مشروع مشترك بين خبراء عراقيّين ودوليّين لصياغة خطّة شاملة لإعادة التأهيل”.

خبير الآثار الجزائريّ محمود بندكير، الذي يعمل أيضاً ضمن بعثة منظّمة الأمم المتّحدة للتربية والعلم والثقافة – اليونسكو، من جانبه قال: إنّ “مدينة سامراء الأثريّة أدرجت في لائحة التراث العالميّ المهدّد بالخطر في العام 2007، ووضعت من جرّاء ذلك حزمة تدابير تصحيحيّة يجب تنفيذها في الموقع من قبل الدولة كي يتسنّى رفع اسم المدينة من لائحة التراث المهدّد بالخطر”.

ورأى محمود بندكير أنّ “هناك تأخيراً في تنفيذ الإجراءات بسبب الوضع الأمنيّ ونقص التخصيصات الماليّة، الأمر الذي يعني إخلالاً من جانب العراق بقرار لجنة التراث العالميّ في دورتها الـ37، التي تشترط على الدول إزالة الصيانات الخاطئة”.

وكشف بندكير عن خطط المستقبل، وأضاف: “بعد مشاورات مع حكومة محافظة صلاح الدين، استقرّ الرأي على العمل في المسجد الكبير لأنّه أكثر أجزاء الموقع تضرّراً”.

شاهد أيضاً

ارتفاع التلوث البيئي في العراق.. وانتشار الكبريت ينذر بكارثة صحية

من أصل 18 محافظة في العراق، هناك 12 محافظة ذات بيئة “غير صحية” وست محافظات …

error: Content is protected !!