صوتها – بغداد
أطلقت تسمية مدينة السجون على قضاء السلمان عام 1928 عندما قام الإنكليز ببناء قلعة السلمان لصد الهجمات التي تقوم بها الحركات الوهابية آنذاك ومقراً لإدارة البادية الجنوبية، وفي العام 1948 تم تحويل القلعة إلى سجن كما تم عام 1981 بناء قلعة اتخذت مقراً لحرس الحدود ثم تحولت لاحقا إلى سجن، وفي زمن الرئيس الراحل أحمد حسن البكر تم بناء (120) داراً لإسكان البدو الرحَّل تحولت في ثمانينيات القرن الماضي الى سجون أيضا.
يقع قضاء السلمان في بادية السماوة وسط وادٍ كبير يبلغ عدد سكان القضاء حسب وزارة التخطيط (9348) ألف نسمة يعيش الغالبية منهم على تربية المواشي والابل والزراعة التي تعتمد بدورها على الآبار الارتوازية.
فيما يقول حبيب مالح رئيس المجلس البلدي في قضاء السلمان “هناك خمسة سجون في القضاء هي سجن السياسيين والقلعة ولية والشيحات وأخيرا ابو الجد، وكان النظام يستخدم تلك السجون من أجل تصفية كل خصومه او كل من يعترض على سياسة حزب البعث لهذا أصبحت المدينة معروفة لدى العراقيين بسجونها وبعدها عن مركز المحافظات”.
وطالب مالح بتحويل تلك السجون الى متاحف لتبقى شاهداً على ممارسات النظام السابق بحق الكرد الفيليين والبرزانيين وغيرهم وايضا تتحول ملكية تلك السجون الى وزارة السياحة والآثار من أجل تأهيل البنايات وفتح أبوابها أمام المواطنين.
القلعة ورغم انها تطل على مشهد بديع إلا أنها تضم في داخلها معتقلين يمنعون من النظر خارج أسوارها ولا يتمنون سوى الموت، هذه قلعة السلمان بدهاليزها وممراتها المخيفة ومنظرها الكئيب، إذ لا توحي بالحياة سوى شجرة وحيدة تتوسط واحة السجن فيما لا تزال شعارات حزب البعث مكتوبة على أبواب القاعات وجميع الممرات ومنها “العراق عظيم بشعبه عظيم بجيشه عظيم بصدام” و”البعث مدرسة الأجيال”.
ذكريات المعتقلين المخطوطة على جدران السجون في ذلك المكان هي محاولات للعيش بأي طريقة رغم فقدانهم امل الخروج، بعضهم خط على جدرانه كتابات الأمل وعدم الاستسلام البعض، منهم من رسم ملامح حبيبته وآخر رسم مدينته، اما الآخرون فكتبوا على جدران السجن سنموت من اجل الحرية إضافة إلى صور للمنتخب العراقي لكرة القدم.
عذيب عطشان هو من الشهود الذين عثروا على المقابر الجماعية بالقرب من سجن القلعة أحد سجون قضاء السلمان، قال: “في أحد الأيام كنت كعادتي أرعى أغنامي ومررت بالمناطق القريبة من سجن القلعة وجدت الكلاب وبعض الحيوانات البرية تتصارع في ما بينها على أكل جثث الموتى قمت بطرد الحيوانات وحفرت بعض القبور لدفن الموتى رغم اني كنت اخشى ان يشاهدني حراس السجن ويتم اعتقالي”.
وأضاف” كان الموتى يرتدون الزي الكردي ولم أشاهد آثار اطلاقات نار على جثثهم وحسب اعتقادي ماتوا من قلة الطعام والشراب اذ كنا نسمع من الحراس ان كل سجين يعارض اوامر الحراس وتعليمات السجن يقطع عنه الطعام والشراب”.
تقول الدكتورة فيروز حاتم وهي ناشطة إعلامية فقدت شقيقها فهد حاتم في عمليات الانفال: “تم احتجاز السجناء في سجن ابو غريب حتى حيث جاء مسؤولو السجن وأخذوا مجموعة من المحتجزين حسب قائمة أسماء بحجة انهم سوف يهجرون الى إيران وكان عدد هؤلاء بين (700-750) شخصا من ضمنهم شقيقي فهد، الا ان هؤلاء لم يهجروا وتم نقل المحتجزين على شكل ثلاث مجموعات الى سجن قلعة السلمان”.
يتكون السجن المذكور من (16) قاعة وستة ملحقات وكان يودع في كل قاعة ما بين (100-120) شخصا بينما يودع في كل ملحق نحو (30) شخصا.
سجون ليه والشيخات وابو الجد بنيت على شكل مثلث متساوي الأضلاع يفصل بين كل سجن ثمانية كيلومترات، اجتاحتها الرمال المتحركة اليوم من كل جانب لكن الجدران صامدة امام كل التحديدات من اجل الاحتفاظ بذكريات السجناء ولعب الاطفال المتناثرة في زوايا المكان.