صوتها – بغداد
في العراق، يفتح “رقم الهاتف النقال” الآفاق امام الكثير من العراقيين، لا سيما اذا كانت ارقام هواتفهم مميزة جداً. فبطاقة “السيم كارت” الشريحة حين تكون مميزة في العراق، وتميزها يكون بمجموعة ارقام متشابهة، مثلا سلسلة من رقم سبعة او اصفار او نمط مكرر من الارقام.
سوق بيع الارقام هذه يمكنها ان تنافس الذهب والاحجار الكريمة، وتصل الاسعار الى الالاف وعشرات الالاف من الدولارات.
وظهرت سوق هذه الهواتف بعد هزيمة تنظيم داعش مؤخراً، فزاد الطلب على شرائح خاصة تسُمى في العراق بشرائح “رجال الاعمال” او السياسيين. فالناس يريدون شراء هذه الشرائح لاعتبار انفسهم بمقام رجال الاعمال او السياسيين.
وأصبحت شعبية اقتناء هذه الشرائح كبيرة جداً، ولا سيما حين اضافت الشركات الطابع الرسمي لها، فقدمت بطاقات “السيم كارت” بلون فضي او مزودة بماس نادر، وهذا ما يرفع سعرها جداً. البطاقة العادية لا يتجاوز سعرها ثلاثة دولارات. لكن بطاقة الذهب التي يكون رقم صاحبها خمسة ارقام من رقم واحد، فسيتجاوز سعرها ما بين 1300 دولار الى 1500 دولار.
وتُعرف هذه الارقام في الشارع العراقي باسم “الارقام الرئاسية”. حيدر محمد تاجر هواتف نقالة يبلغ من العمر 45 عاماً متخصص في ارقام الهواتف المميزة يقول “هذه الارقام هي لغة”.
ويتزين متجر محمد بشريط طويل من الارقام وسط بغداد، يبيع فيه الارقام المميزة المعروضة على طول النافذة. ويضيف محمد “يعتقد كثيرون حين يشترون هذه الارقام انهم مميزون، لذلك يقولون عن انفسهم ان ارقامهم تتحدث عنهم”.
ويجيب محمد عن سؤالٍ بشأن ما الفائدة من اقتناء هذا الرقم المميز، بحسب تعبير العراقيين، انه “يعطي للمشتري طعم خاص، يعطيه ايضاً تفاؤلاً”. ويتحدث محمد عن بيعه رقماً هاتفياً بسعر تجاوز اكثر من 60 الف دولار، فاضطر المشتري الى بيع سيارته الفارهة نوع “لكزس”.
وكثرت هذه الحالات من بيع الارقام والتجارة فيها في عام 2007، بعد الاطاحة بنظام صدام حسين. وحين انفتحت على العراق التكنولوجيا الجديدة واستيراد المنتجات الاجنبية بعد انقطاعها لاكثر من عقدين بسبب العقوبات الاقتصادية، شكلت ظاهرة كبيرة عند العراقيين الذين لم يعرفوا يوماً استخدام الهاتف الارضي بسبب سيطرة الهاتف المحمول على كل حياتهم.
واصبح العراق سوقاً كبيراً لكل شيء، السيارات والملابس والعناصر الفاخرة التي كانت في الماضي بمتناول النخبة الحاكمة فقط. واذا كان لديك المال، يمكن ان تعبر عن شخصيتك وان ترتدي ملابسَ باهظة الثمن، فضلاً عن سيارته الفارهة.
الاطاحة بنظام صدام حسين، حطم الطبقة السياسية والتجارية التي كان يحاصرها صدام، فأتاح هذا الحال الآن، فرصاً لاصحاب المشاريع بالوصول الى السلطة.
العراق بوصفه سوقاً كبيراً، كون لارقام الهواتف النقالة صار لها سوق كبير في العراق، رغم ان هذا الحال موجود في الشرق الاوسط، لكن لم يصل الى الحال الذي وصل اليه العراق، فنادراً ما تجد شخصاً عربياً يشتري رقم هاتف بمبلغ 100 دولار، اما بالنسبة للعراقيين، فأصبح هذا الحال اكثر من الغرور، هو طريقة التبرز في مجتمع فُتحت فيه الاضطرابات السياسية الباب امام ظهور نخب جديدة.
عيسى سلطان، مقاول يبلغ من العراق 47 عاماً يقول انه دفع في عام 2009، 1200 دولار امريكي لشراء رقم هاتف ينتهي تسلسله بـ”26″. وعُرض عليه مبلغ مبلغ 10 آلاف دولار لكنه رفض بيعه.
ويقول سلطان مبرراً هذه الحالة “يعطي هذا الرقم الانطباع بأنني مميز، الامر الذي ساعدني في الحصول على عمل ولا سيما بين المسؤولين في وزارت الدولة”.
ويضيف “واذا اتصلت بهم، سيجيبون على هاتفي لان الرقم سيثير انتباههم”.
ويشير سلطان الى حرصه على حمل احدث اجهزة الهواتف الذكية ولديه سيارة نوع تويوتا “لاند كروزر”. وهي سيارة ذات دفع رباعي فاخرة.
وفي بلد مثل العراق، حيث الفساد في القطاع العام، لدرجة ان رئيس الوزراء حيدر العبادي اعلن استئصال الكسب غير المشروع لتكون معركته المقبلة بعد هزيمة تنظيم داعش، ومن ضمنها ملاحقة سياسيين فاسدين يمتلكون ارقاماً مميزة.