تخوف عربي من استغلال أموال مؤتمر الكويت في الدعاية الانتخابية

صوتها – بغداد

دخلت مخرجات مؤتمر اعادة اعمار العراق بالكويت، الذي عقد مؤخرا، في ساحة سجال وتكهنات البرلمان والمراقبين وكذلك السياسيين، الذين تباينت وجهة نظرهم لنتائج، بينما ينتظر العراقيون انطلاق مارشال المشاريع الخدمية وترميم البنى التحتية، التي تهالكت إثر الحرب ضد “داعش”.

ويرى نواب عن اتحاد القوى العراقية، ان الحكومة تفتقد “آلية واضحة لصرف الاموال المتحصلة من المانحين الدوليين”، ولفتوا ان السلطتين التشريعية والتنفيذية تعملان الاعلى “مكافحة الفساد”.

فيما قال مقربون من رئيس الحكومة حيدر العبادي، ان الحكومة ستتسلم أموال المانحين على دفعتين، واحدة منها في 2018، كما رأوا بأن فكرة “الاقتراض” تخدم وضع البلاد، بسبب تعافي أسعار النفط.

لكن نوابا اعبروا ذلك “تدميرا للعراق”.

وبحسب لجنة الاقتصاد النيابية، ستكون أموال المانحين تحت اشراف البنك الدولي، فهو سيتولى مهمة التعامل مع الشركات الاستثمارية. لأن مسؤولين أميركيين يعتقدون أن المانحين من دول الخليج، لن يثقوا كثيرا بالمسؤولين العراقيين، بخاصة ان البلاد مقبلة على انتخابات عامة، في أيار المقبل، وهو ما يعرقل ويقلل من الدعم الدولي لبغداد.

وبلغت تعهدات الدول المشاركة في مؤتمر الكويت لإعادة إعمار العراق، 30 مليار دولار في اليوم الثالث والختامي. وستكون هذه المساعدات على شكل قروض وتسهيلات ائتمانية واستثمارات، تقدم للعراق من أجل إعادة بناء ما دمرته الحرب.

وتقول النائبة عن تحالف القوى العراقية غيداء كمبش، إن أموال الدول المانحة للعراق في مؤتمر الكويت الدولي “تفتقر إلى آلية واضحة لتصريفها”، فيما دعت إلى مكافحة الفساد قبيل الشروع بعمليات الاقتراض والصرف. 

وتضيف، تلك الاموال “سوف تواجه معوقات عدة منها؛ البيئة الآمنة للاستثمار”.

وتبقى الشواغل الامنية ايضاً الى حد كبير، عائقاً يقف امام حسابات المانحين والدائنين، فضلاً عن شركات القطاع الخاص التي كان لها حصة الأسد في المؤتمر. فعلى الرغم من ان تنظيم داعش اندحر تماماً في العراق، إلا ان خطر عودة المتصور مرتفع بالنسبة للمانحين. 

ووفقا لكمبش، أن “الحكومة ومجلس النواب، يعملان على مكافحة الفساد”، لكنها تقر بأن الفساد “آفة تنخر جسد البلاد بمختلف مؤسساته، فضلاً عن الحكومات المحلية التي يغلب على بعضها شبهات فاسدة، أدت إلى تعطيل نقل الصلاحيات إليها من قبل الحكومة المركزية”.

وانطلاق من هذا، اشترط البنك الدولي الابقاء لأموال المانحين “تحت إشرافه”، تجنبا لحدوث حالات فساد في حال تسليمها بشكل مباشر للحكومة العراقية، بحسب عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية، عامر الفايز.

ويقول الفايز انه توقع هذا الشرط، لافتا الى أن في بداية عقد المؤتمر كان هناك شرط على ايداع الاموال في البنك الكويتي وصرفها على شكل دفعات الى الشركات الاستثمارية.

ويضيف، أن “هذا الامر متوقع لان العراق مشخص من قبل دول العالم بارتفاع مؤشر الفساد فيه، وهذا ادى الى فقدان الثقة في المؤسسات العراقية”.

لكن نائبا آخر مقرب من رئيس الحكومة حيدر العبادي، قال إن بغداد سـ”تتسلم الجزء الأول من أموال مؤتمر المانحين خلال 2018″.

وأشار النائب عباس البياتي، وهو عضو في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، أن الحكومة العراقية لن ترفض الأموال التي ستقدم لها في صورة قروض”.

وأوضح، أن الحكومة “تتسلم الجزء الأول من الأموال خلال العام الجاري، والقسم الثاني العام المقبل”، مشيراً الى أن العراق “بلد نفطي يستطيع الإيفاء بتعهداته المالية وغير عاجز عن تسديد هذه القروض”.

فيما انتقد النائب عن دولة القانون، محمد الصيهود، نتائج المؤتمر الذي قال عنه انه “لم يسعف العراق”، ووصفه بأنه عقد لـ”تدمير العراق واغراقه بالديون”.

وذهب الصيهود الى ان الدول الكبرى كانت قد تخلت عن العراق من جديد، كما تخلت عنه في مناسبات عدة، وهو ما اعتبره “مؤامرة” على بلاده “مستمرة برغم فشل فصولها التي بدات بإدخال القاعدة ومرورا بالطائفية وانتهاء بإدخال داعش”.

ولفت الى ان “العراق خسر مليارات الدولارات بسبب حربه مع الارهاب بالنيابة عن العالم، وقد طال دمار الحرب البنى التحتية والفوقية وعطل وأرجأ مشاريع عملاقة وكبيرة مثلما اوقف عجلة التنمية والاعمار والبناء”.

وبيّن ان “مؤتمر الكويت للمانحين لم يعقد بالأحرى لمساعدة العراق، وانما لتدمير العراق واغراقه بالديون، وبالتالي فان مخرجات المؤتمر لا تحمل في طياتها اي معنى للمساعدة والبناء والاعمار وانما لاستنزاف ثروات العراق وشعبه”.

وذكر بان بلاده بحاجة الى 100 مليار دولار كمنحة لبناء واعمار المناطق المحررة وكذلك لاستكمال المشاريع الاستراتيجية في العراق، وعليه فان تخصيص 30 مليار دولار، بصفة قروض يعني خلو المؤتمر من محتواه الحقيقي.

وخططت حكومة العبادي لجمع 20 مليار دولار “بشكل عاجل” لمعالجة بنى تحتية ضرورية.

لكن بعض المسؤولين تنبأوا بإنه من الصعب الوصول الى المعيار الاصلي للحكومة بشأن جمع 20 مليار دولار من المانحين الدوليين.

ومع ذلك، فاقت نتائج المؤتمر العديد من التنبؤات الخافتة.

وقالت اليزابيث ديكنسون، المحلل الرئيسي لشبه الجزيرة العربية بمجموعة الأزمات الدولية: “هذه اشارة مهمة الى العراق”.

السؤال الأكثر إلحاحاً، هو كيف سيفسر العراقيون الذين كانوا يتوقعون البدء بخطة مارشال حين ينتهي المؤتمر الدولي بقروض وحسن النية، وليس الكثير من المنح المباشرة.

في نهاية المطاف، ضغطت الحكومة على هدفها المتمثل بعقد التجمع وأعيدت تسميته من مؤتمر “مانحين” الى مؤتمر “اعادة الاعمار”. وهذا جزء كبير منه يلفت الانتباه الى النقص المتوقع في الاموال المتعهد بها.

ويرجع الجزء الكبير في المخاوف، الى عدم الثقة من دول مثل المملكة العربية السعودية والامارات.

وفي البداية كان من المفترض ان تتحمل دول الخليج، الكثير من العبء بشأن جهود اعادة اعمار العراق، مقابل الحصول على مقعد خلفي في العمليات العسكرية ضد داعش.

لكن ذلك لم يحصل، فدول السعودية والامارات وقطر والكويت قدمت كلها 5 مليارات دولار، بينما كان من المتوقع ان تقدم اكثر من ذلك بكثير.

ويعبر الدبلوماسيون الغربيون عن مخاوفهم من احتمالية غرق المليارات، فضلاً عن النقص الواضح في الانفاق الخليجي والازمة المالية التي يمرون بها.

وادت الحرب الجارية في اليمن الى تقليص الطاقة الدبلوماسية والعسكرية في السعودية والإمارات بشكل خاص، ناهيك عن انخفاض اسعار النفط التي ادت الى تلكؤ حزائن الحكومات الخليجية.

وترى الوفود الدبلوماسية الحاضرة في مؤتمر الكويت، عدم اليقين في العراق ولا سيما انه مقبل على انتخابات برلمانية، فقال مسؤول امريكي كبير، “اعتقد ان الكثيرين ينتظرون ما بعد الانتخابات لأنهم يريدون معرفة من سيقود الحكومة اولاً”.

ومع ذلك، فإن حقيقة ان اي اموال تأتي على الاطلاق هو دليل على تحسّن الوضع العراقي.

وقال ديكنسون من مجموعة الازمات الدولية إن “دول الخليج لاسيما السعودية والكويت والامارات، ترى العبادي شخصاً يمكن التعامل معه”.

شاهد أيضاً

وزارة العدل و خطة وطنية شاملة لإدارة الأزمات

بناءً على توجيهات معالي وزير العدل د. خالد شواني، اجتمعت اللجنة الخاصة المشكلة في دائرة …

error: Content is protected !!