بغداد / سارة سلام
تستعد الان لتنسيق الوان الورد بالاتفاق مع زميلاتها وزملائها لأحياء حفل التخرج بعد ايام، نعم .. فهذا هو موسم حفلات التخرج، حيث الالوان منسقة لكل قسم يتم اختياره بعد التداول، يسبقها حفل التنكر الذي تتنوع فيه الاشكال والازياء والشخصيات، فرح غامر يملئ قلب “أمنية” التي تتخرج بعد اشهر قليلة ككل الطلبة ، لكن الغصة تكمن اذا ما جلست (أمنية) تفكر بما ستصنعه بعد اني تجتاز امتحانات اخر السنة .
ليست (امنية) فقط بل تكاد تكون نسبة 90% من طلبة الكليات والمعاهد يعيشون ارق ما بعد التخرج، حيث لا تعينات تُفتح و لا أمل لأبواب اخر بديلة إلا ما ندر و بفرص تكاد تكون نادرة ، اذ ان التعليم الحكومي في العراق مجاني ومركزي تتحكم فيه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بوضع المناهج الدراسية وتسير الجامعات وفق ما تقرره الوزارة.
فبعد سنوات مضنية من الدراسة يستعد الطالب لفرحة التخرج، وبعد اكمال المشوار الدراسي الطويل والشاق، يتمنى أن يحقق بذلك طموحه وامنياته واهدافه، لخدمة بلاده والمجتمع، إن أكثر ما يفكر فيه الطالب المتخرج، هو الحصول على فرصة تعيين، وربما يكون هذا بالتحديد، هو باب الحلم (الواقعي) الذي يمكن من خلاله تحقيق باقي الآمال والاهداف، ولكن لا يحدث شيء من هذه الآمال، حيث يتفاجأ الطالب بعد التخرج، بأن آماله قد تبددت بسبب عدم الحصول على تعيين، حتى لو كان اختصاصه جيدا، أو معدله عاليا.
معضلة التعيين ، يشترك فيها طلبة الدراسات العليا مع طلبة البكالوريوس فقد تبدو معاناة طلبة الدراسات العليا اقل من الآخرين، من خريجي الدراسة الجامعية، ولكن في الحقيقة هناك اشتراك في معاناة واحدة، حيث ان فرص التعيين تكاد تكون صعبة الحصول على الكثير من خريجي الدراسات العليا، فليس كل من حصل على شهادة عليا وجد أبواب التعيين موجودة اما او بانتظاره، وانما لا تزال معاناته حاضرة ايضا، الأمر الذي يؤكد وجود خلل في ادارة هذا الملف من قبل الجهات المعنية.
والمشكلة يشترك فيها ايضا كل من الجنسين ، لكن قد تكون محنة الطالبات اكبر، كون اغلبهن اصبحن معيلات لعوائلهن بعد فقد الأب او الأخ نتيجة الارهاب او الحرب ضد الجماعات المتطرفة، كم ان الأمر يتعلق بتحقيق ذواتهن في المجتمع بعد سنوات الاجتهاد في الدراسة .
فأين الانصاف في هذا الأمر، وما هي الحلول للقضاء على هذه المشكلة، او على الأقل الحد منها، والتخفيف من مضاعفاتها على الفرد والمجتمع، لأنها باتت تزداد تعقيدا ووضوحا يوما بعد آخر، ومع تعدد اسباب عرقلة عجلة التعيينات او فرص العمل الخاصة امام الخريجين ، ما هي الحلول التي تقترحها كي يستفيد منها أصحاب القرار ؟
يرى بعض المختصين بهذا الاطار ان توسيع المشاريع الاستثمارية والاقتصادية والتنموية، وخاصة في القطاع الخاص، حيث تتيح مثل هذه المشاريع فرصا واسعة للخريجين وتخفف الحمل عن كاهل الدولة فيما يتعلق بتعيين الخريجين الجدد، كذل نتمنى العمل بقانون التقاعد بصيغة جديدة، تحيل الموظفين القدماء الى التقاعد لإتاحة الفرصة للخريجين الجدد.
فيما يرى اخرون ان الامر يتطلب اعادة النظر في قضية معالجة التعيين الى الصفر، واخضاعها الى دراسة عملية جادة تقوم بها لجان علمية متخصصة وذات خبرات عالمية، تضع في حساباتها حلولا ناجعة لهذه الظاهرة المستشرية في بلدنا.
- مشكلة التخطيط وتفعيل القطاع الخاص
يؤكد اساتذة الجامعات ان الامر برمته يتعلق بالتخطيط، ونحن كما نتابع ونلاحظ، لا يوجد دور مهم للتخطيط في معالجة هذه الظاهرة الاقتصادية التي تنعكس سلبا على الدولة والمجتمع، فالدول المتقدمة تمكنت من معالجة مثل هذه المشكلات الصعب من خلال التخطيط العلمي السليم لمعالجتها، وقد حققت نتائج مهمة في هذا المجال، يُضاف الى ذلك، ادخال القطاع في معالجة هذه المشكلة، والعمل على خلق منافسة دائمة في استقطاب الطاقات الشبابية، ويمكن أن يتم ذلك من خلال بناء مشاريع متنوعة صغيرة وكبيرة، يدخل في رأس المال الخاص، فيتيح بذلك فرصا كثيرة ومناسبة لأعداد مهمة من الخريجين.
وهكذا تكمن الكثير من الحلول في التخطيط أولا، ومن ثم الشروع بتوسيع مساهمة رأس المال الخاص في بناء المشاريع الاقتصادية المتنوعة، وذلك من خلال منح القطاع الخاص خطوات واجراءات تشجيعية، تجعلهم يقبلون على المشاركة في الاستثمار بأموال كبيرة من دون تردد أو خوف من الخسائر المحتملة، هذه الجوانب يمكن أن تسهم في التخفيف من معاناة الخريجين، وتدغم اقتصاد البلاد في نفس الوقت.
وبين هذا وذاك، وللتقليل من معاناة الخريجين وما يعاني منه المجتمع بشكل عام، فإن الحلول والمعالجات في جانب كبير منها، تكمن في التخطيط الصحيح، والعمل على حل المشكلات من جذورها، حتى لو تطلب ذلك من الوقت والجهد الكثير، لكن النتائج سوف تظهر على ارض الواقع العملي ولو بعد حين، ولا يزال الأمل موجودا، واليأس غير مقبول، فلا حياة مع اليأس، ولا يأس مع الحياة كما قال ذلك دايل كارنيجي قبل اكثر من نصف قرن مضى.