رجل دين يحرم اللون الاحمر.. والشباب مستمرون باحتفالهم

صوتها – مهدي المهنا

كلما اقترب موعد عيد الحب، عاشت النجف سجالا لا ينتهي بشكل ايجابي ابدا، فمنذ اربع سنوات والصراع على اوجّه بين الشباب الداعين للتمدن وتعزيز السلام المجتمعي بعيدا عن بعض العادات والتقاليد المتعصبة، وبين نخبة من الذين يرون ان هذه الفعاليات تمس قدسية المدينة”.

وتصاعد الصراع كثيرا بينهم الى ان وصل الى التهديد والوعيد وتهديم المحال التجارية التي تبيع الاكسسوارات المتعلقة بعيد الحب، ومعاقبة الفتيات والشباب الذين يرتدون اللون الاحمر بمساعدة الحكومة المحلية بعد ان أصبح لؤي الياسري محافظا للنجف.

ومع قرب عيد الحب في آخر عامين قرر بعض وجهاء مدينة النجف الداعين الى الحفاظ على شكل المدينة الديني، أن يقيموا مجلس عزاء سنويا في منتصف الشارع الذي تحتفل فيه الناس بهذه المناسبة، لمنعهم من ممارسة الاحتفالات وتضييق الخناق عليهم.

يأتي هذا رغم ان شارع الجواهري او الروان كما يسمونه، يعد من اهم الشوارع التجارية في المحافظة وهو الوجه المدني لها. مما اثار سخطا لدى الكثير من دعاة المدنية والمدافعين عن حرية التعبير في ان المجالس يجب ان تقام بأماكنها المخصصة وليس في منتصف الشوارع، وخصوصا ان مجلس العزاء هذا لا يعود الى مناسبة دينية معينة او محددة، وانما موجهٌ لردع الاحتفال بعيد الحب.

رصدت “صوتها” بعض الاراء حول الاحتفال بهذه المناسبة في محافظة النجف. وتقول زهراء العبدلي الناشطة في محافظة النجف، في حديث لها ان “النجف تحتفل بعيد الحب سنة بعد أخرى، رغم المعارضة من بعض الجهات السياسية او الدينية”.

وترى العبدلي أن “الحب لا يقتصر على رجل وامرأة، الحب هو للأم والاب وللأخت والاخ وللاصدقاء”، مضيفة ان “نشر ثقافة الحب هو دعوة للسلام ومدينة امير المؤمنين هي صمام الامان والسلام”.

وأكدت أن ” الاحتفال بهذا اليوم صار شيئا طبيعيا في كل سنة، بعدما اوضحت المرجعية العليا العام السابق رأيها بخصوص جواز الاحتفال بعيد الحب”.

يذكر أن المرجع الأعلى السيد علي السيستاني، أفتى بجواز الاحتفال بـ”عيد الحب” إذا لم يكن فيه ترويج للفساد أو للكفر، على حد قوله.

بينما يرى عباس بوحي، شاب من محافظة النجف، ان للمدينة قدسية تأريخة، وان كل من يحل فيها ينال شرفا جليا، وأن كافة المناسبات والاحتفال بها لا يمكن لها ان تمس قدسية النجف، لأن من يروج لتحريم الاحتفال بهذه المناسبة لا يروم الا تصغير شأن النجف وحضارتها.

وأكد بوحي في حديثه له أن “الاحتفال حق مشروع للجميع بهذا المدينة مع مراعاة تاريخها الاسلامي وحاضرها ايضا”.

ورغم عدم قناعة بوحي بهذه المناسبة في أي شكل من الاشكال، إلا انه يناصر وبشدة حفظ أحقية الاخرين بالاحتفال لأنهم يرون ان هذا اليوم يمثل لهم عيدا لتجديد الحب مع الشريك.

وعلى مدى العامين الماضيين يقيم بعض الوجهاء مجلس عزاء في شارع “الروان”، المكان الذي يحتفل فيه الناس سنويا، ويعتلي المنبر الشيخ صلاح الطفيلي المثير للجدل في الاوساط النجفية “حسب تعبير البعض”.

وحرض الطفيلي اثناء محاضرته أمس في شارع الروان، الناس لمحاربة هذا الفكر “المدني الجديد” الذي يدعو حسب وصفه الى الانحلال الاخلاقي والالحاد، وأن هؤلاء يجرون المجتمع الى هاوية الضياع باحتفالهم بعيد الحب المجوسي الاصل حسب تعبيره.

وأكد أن “الله لا يحب اللون الأحمر”، داعيا المؤسسات الحكومية والدينية والاوساط الشعبية الى ردع من يحتفل بهذا اليوم وتحويل هذا اليوم الى “عزاء سنوي” بسبب مجيئه بأيام بعد ذكرى وفاة فاطمة الزهراء حسب الرواية الثالثة لتأريخ وفاتها.

بهذا الصدد يقترح بوحي “ما هي المشكلة اذا كان احتفال الشباب على ضفاف شط الكوفة بدل شارع الروان لتفادي مثل هذه النزاعات”

يذكر ان الشرطة المحلية في محافظة النجف وبأمر من محافظ النجف لؤي الياسري، القت في العام الماضي القبض على الكثير من الشباب، واوقفوا امرأة نجفية في وسط شارع الروان وأجبروها على تغيير لون ثيابها، بحجة منافاتها لقدسية المحافظة.

أما الشباب الذين اعتادوا على الاحتفال بهذه المناسبة سنويا فقد اصروا على عدم التراجع عن احتفالهم، حيث قاموا هذا العام بإيقاد شموع لشهداء العراق، وتوزيع الورود على العوائل، ودعوا الى نشر الحب والسلام بين افراد مجتمع النجف.

يذكر ان الحكومة المحلية السابقة للمحافظة سمحت للشباب بإقامة فعالياتهم ونشاطاتهم في شارع الروان، ثم بعد قدوم الحكومة الجديدة جرى منع الشباب وتضييق الخناق عليهم مما اثار غضبا واسعا من قبل الشباب والعوائل ما ادى الى زيادة اقبالهم على شراء مستلزمات الاحتفال بعيد الحب.

من جانبه، يقول الكاتب الشاب صادق البكاء في حديث له  ان “عددا كبيرا من الشباب تمردوا على ظاهرة استغلال مصادفة حلول ذكرى وفاة الزهراء مع عيد الحب”.

وأوضح أن “هذه الصدفة فتحت مجال التعزية السنوية وإن سبقت التعزية الموعد الاصلي للوفاة، لمحاربة الحرية بصورة او باخرى واتهام الشباب بالانحلال الخلقي والاخلاقي، وتعمد معاداة الشعائر الدينية”.

ويؤكد البكاء ان “في هذا العام شاهدت تمردا ملموسا وواضحا، حيث في ذات الشارع الذي يقيمون فيه التعزية يأتي الشباب بسياراتهم واصوات الاغاني تصدح من مكبرات الصوت، وبعض الفرق الشبابية تحتفل بصورة حضارية من خلال توزيع الورود وايقاد الشموع لنشر الحب والسلام”.

واشار الى ان “هذا دليل على وعي الشباب بأن اغلب اصحاب المنابر هم تجار بضاعة يسوقونها على حسب مزاج صاحب المال وليس خدمة حقيقية للدين كما يدعون حيث ان مرجعنا الاعلى حلل الاحتفال بعيد الحب”.

يذكر ان الكثير من الناشطين المدنيين والمدافعين عن حقوق الانسان عبروا عن سخريتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، مستنكرين فعلة القائمين على إقامة العزاء في المحافظة، داعين في الوقت نفسه الى احترام حرية التعبير والدفع باتجاه نشر الحب والسلام، فمن اسمى الاشياء التي قد تكون هي تخصيص يوم للحب”.

شاهد أيضاً

العمل تنظم بازاراً خيرياً لدعم الشرائح الهشة في المجتمع

نظمت قسم المنظمات في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بازاراً خيرياً بالتعاون مع مؤسسة رواد الخير …

error: Content is protected !!