محمد الحمامصي
شهد مهرجان المربد الشعري في دورته الـ 32، ثلاثة معارض فنية الأول للفن التشكيلي والثاني الأعمال والأشغال اليدوية التراثية، والثالث فوتوغرافيا، وجميعها تحمل حنينا إلى تراث العراق والبصرة، حمل الأول مجموعة من اللوحات والأعمال النحتية التي تعبر جميعها عن تجليات الخوف والألم والضياع والحب والطموح إلى الحرية، وشارك فيه نخبة من فناني جمعية الفنون التشكيلية العراقية، أما الثاني فضم أكثر من ثمانين عملا فنيا تنوعت بين التصوير والنحت والسيراميك والمعادن والحياكة والنحت على الخشب وصناعة السفن الشراعية المصغرة.
أيضا شارك في المعرض الفوتوغرافي مجموعة من المصورين الفنانين وعبر لقطاتهم على تراث البصرة وقدمت مشاهد من حياتها اليومية وصناعتها وشوارعها.
المعارض التي افتتحها محافظ البصرة أسعد العيداني بصحبة إدارة المهرجان وحضور الفنانين، تشكل تقليدا سنويا يرافق فعاليات المهرجان.
وأكد الفنان الباحث التشكيلي محمد عبدالله أن “الحركة التشكيلية العراقية كانت ولا تزال لها بصمتها وحضورها في كل المحافل المحلية والعربية والدولية، حيث يشارك فنانوها سواء منهم المقيمون بالداخل أو خارج الوطن في أنشطة متعددة مثل الورش الفنية أو المعارض المشتركة أو الشخصية، ويسجل حضورا مشرفا ومؤثرا، وليس آخرها اختيار الفنان العراقي أحمد البحراني لعمل نصب في مبنى الأمم المتحدة في فينا، ومشاركة عدد من الفنانين العراقيين في بيناليات مهمة مثل بينالي البندقية، وبينالي الإسكندرية وبينالي الشارقة، وفي مجالات الفن التشكيلي الأخرى باختلاف فنونه من التصوير إلى الخزف والنحت”.
وأضاف “لا يخفى على كل من له متابعة للمشهد الثقافي والفني في منطقتنا العربية وما تمر به من أزمات متعاقبة تعصف به ذات اليمين وذات الشمال، وذلك له تأثره بالمشهد السياسي وتقلباته وتأثيره المباشر في الحياة الاجتماعية للمواطن العربي بشكل عام والمثقف بشكل خاص. وليس ببعيد عنه كل التأثيرات التي أهمها أن الفن لم يعد بحاجة إلى وصاية خاصة من الدولة. حيث لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دورا مهما. ليس على الصعيد الثقافي فحسب بل تعدى حدود كل التابوهات التي كانت لها القدسية والمكانة التي بقيت بمنأى عن النقد والتمحيص”.
وتنوعت ردات الفعل الخاصة بالفنان العراقي تجاه هذه التيارات، فمنهم من بقي وفيا لمدارس فنية معينة أخذت شوطا ليس بالقصير في عمر الحركة التشيكلية العربية. أما البعض الآخر فأخذ على عاتقه تعلم أجيال الفنانين الشباب ومشاركتهم خبرات اكتسبها من رواد الحركة التشكيلية العراقية، وقسم آخر انطلق في مواكبة السباق العالمي لكل ما هو جديد ومبتكر في المشاهد التشكيلية العالمية.
ورأى عبدالله أن ما يميز الفنان العراقي أنه يشترك مع الفنان المصري خاصة في وراثة أعظم حضارتين إنسانيتين عرفهما التاريخ. وهو ما انعكس على شخصيته بالأصالة والابتكار ومن قبلهما الانتماء للوطن والهوية بكل ما تحمله من معان سامية وقدم في سبيل الارتقاء بها أقصى ما يستطيع. حيث كان الوقوف إلى جانب الوطن هو السمة الأساسية المميزة للفنان العراقي طوال سنوات الحرب التي ابتلي بها الوطن وأبناؤه. وفي حاضرنا حيث يضرب الإرهاب بخبث أهم مرتكزات الوطنية العراقية، وعمد إلى تخريب واضح لكل الآثار العراقية التي أهملت تحت الاحتلال، من أجل طمس ودفن كل ما هو حضاري وجمالي يأخذ بيد أبنائه إلى الأفضل ويشدهم لبناء مستقبل أفضل للأمة العربية والاسلامية. حينها وقف الفنان رافعا صوته في وجه الإرهاب فنا وحديثا وجهه في كل المحافل الدولية لشحذ الهمم والمطالبة بحماية الوطن وآثاره.
وأوضح أن “الفنانين العراقيين عامة وفي البصرة خاصة أقيمت ورش فنية لمقاومة الإرهاب ومساندة الجيش العراقي في حربه العادلة دفاعا عن الأرض والعرض، وقد أقيم في بغداد والبصرة ومختلف المناطق المحررة من أيدي الإرهابيين القتلة معارض تشكيلية وجداريات وأزالوا كل الشعارات الظلامية لداعش التي حاول فيها زرع بذور الفتنة ورسموا محلها جداريات ولوحات تعبر عن رفض الإرهاب ودعاة الفتنة وتدعو لاستقرار وسلامة الوطن.